571
البضاعة المزجاة المجلد الأول

آخر : «هو محافل مزيّنة ومنازل حسنة» . ۱
ولفظة «ثمّ» في قوله : (ثمّ انظروا) للتراخي؛ يعني انظروا أوّلاً في بداية حالهم في الدنيا، ثمّ في نهايتها وخاتمتها، حتّى تعتبروا منه، ولا تركنوا إلى الدنيا .
وما قيل من أنّ لفظة «ثمّ» هنا لمجرّد التفاوت في المرتبة؛ لأنّ العذاب الاُخروي أقوى وأشدّ من الدنيوي، ۲ ففيه نظر .
والباء في قوله : (بما ختم اللّه لهم) بمعنى «في»، أو «إلى»، أو زائدة، أو صلة للختم قدّم عليه؛ أي انظروا أيّ شيء جعل اللّه خاتمة أحوالهم في الدنيا .
(بعد النضرة والسرور) . «النضرة»: الحُسن، والرونق، والنعمة، والعيش، والغنى. والسرور: الفرح الحاصل منها .
(والأمر والنهي) أي وبعد كونهم آمرين والناهين فيما بين الناس، وجريان حكمهم عليهم، أو بعد كونهم مأمورين بأوامر اللّه منهيّين بنواهيه وعدم انقيادهم .
(ولِمَن صبر منكم) على البأساء والضرّاء والنوائب في مشاقّ التكاليف الشرعيّة (العاقبة في الجنان) أي حُسن العاقبة فيها. وعاقبة كلّ شيء: آخره .
وقوله : (مخلّدون) خبر مبتدأ محذوف؛ أي أنتم أو هم مخلّدون فيها . والجملة مبنيّة مؤكّدة للجملة السابقة، أو استئنافيّة كأنّه سئل عن عاقبتهم في الجنان، فقال: هم مخلّدون فيها .
(وللّه عاقبة الاُمور) .
قيل : أي الاُمور الخيريّة يؤتيها من يشاء بفضله، ويمنعها مَن يشاء بعدله . أو المراد [أنّ ]له عاقبة الاُمور بالنسبة إلى كلّ أحد إن خيراً فخيراً، وإن شرّاً فشرّاً . ۳
وقيل : معنى كون عاقبة الاُمور للّه أنّ مرجعها إلى حكمه، أو عاقبة الملك والدولة والعزّ للّه ، ولمن طلب رضاه، كما هو الأنسب بالمقام . ۴
(فيا عجباً) ؛ يحتمل كونه من قبيل «يا رجلاً له بصر، خُذ بيدي»؛ أي يا عجباً أقبِل وتعال ، فهذه من الأحوال التي من حقّها أن تحضر فيها .

1.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۱۶۱ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۰ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۰ .

4.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۴۰ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
570

والإقادة، من القَود وهو بالتحريك: القصاص . وفي القاموس: «أقادَ القاتِلَ بالقتيل: قتله به» . ۱
وقيل : إنّما سمّى إهلاكه قِصاص؛ لأنّه أمات دين اللّه ، فاستحقّ بذلك القصاص . ويحتمل كونه من القَود نقيض السوق . ۲
في القاموس: «أقادهُ خَيلاً: أعطاه ليقودها» . ۳
وقيل : لعلّ المراد حينئذٍ بمن أقاده اللّه من مكّنه اللّه من الملك بأن خلّى بينه وبين اختياره، ولم يمسك يده عمّا أراده . ۴
وقيل : معناه: جعله اللّه قائداً لمن تبعه . ۵
وقوله : (بعلمه) بالعين المهملة في أكثر النسخ؛ أي بما يقتضيه علمه وحكمته من عدم إجبارهم على الطاعة أو المعصية، أو بما يعلمه من استحقاقهم للعقوبة كمّاً وكيفاً . وفي بعضها بالمعجمة . قال الفيروزآبادي : «غَلِم ـ كفرح ـ غَلْماً وغُلمَةً ـ بالضمّ ـ واغتلم، أي غُلِب شهوة» . ۶ فحينئذٍ يحتمل أن يقرأ: «بِغَلْمِهِ» بالفتح ، والضمير الراجع إلى الموصول، أو بغُلمةٍ بالضمّ والتاء، أي أقاده بالشهوات النفسانيّة .
وفي بعضها: «بعمله» بتقديم الميم .
(كانوا على سُنّة) .
ضمير الجمع للموصول باعتبار المعنى، وإفراده في السابق باعتبار اللفظ ؛ أي على طريقة وحالة شبيهة ومأخوذة (من آل فرعون) من الظلم والكفر والطغيان، أو من سعة النعمة ورفاهيّة العيش ، ويؤيّد الأخير قوله : (أهل جنّات وعيون وزروع ومقام كريم) ؛ يحتمل بياناً للسنّة، أو بدلاً عنها، أو خبراً ل «كانوا»، أو حالاً من «آل فرعون» ، فعلى الأوّل مرفوع على أنّه خبر مبتدأ محذوف ، وعلى الثاني مجرور ، وعلى الآخرين منصوب .
قال البيضاوي : «المقام الكريم: المنازل الحسنة، والمجالس البهيّة» . ۷ وقال في موضع

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۷۹ .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۳۰ (قتل) .

3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۳۰ (قود) .

4.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۳۹ .

5.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۵۷ (غلم) .

6.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۲۴۰ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 111393
صفحه از 630
پرینت  ارسال به