أي لا يؤمنون في حال الغيبة والخفاء، كما هو شأن المنافقين .
(ولا يَعفون عن عيب) من العفّة، أو من العفو . يُقال : عفّ ـ كفرَّ ـ عَفّاً وعَفافاً وعَفافةً ـ بفتحهنّ ـ وعِفّةً بالكسر، إذا كفّ عمّا لا يحلّ ولا يجمل . والعيب: الوصمة والعار ، ولعلّ المراد به هنا زلّات إخوانهم .
وفي النهج بعد قوله : «عن عيب» زيادة، وهي: «يعملون في الشبهات، ويسيرون في الشهوات» . ۱
(المعروف فيهم...)؛ يعني أنّ المعروف والمنكر عندهم ما يميل إليه طباعهم ويستحسنهم وإن كان منكراً في الشرع، وما يتنفّر عنه طباعهم ويستقبحه وإن كان معروفاً في الشرع .
(وكلّ امرئ منهم إمام نفسه) .
في نسخ النهج هكذا: «مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم، وتعويلهم في المبهمات على آرائهم، كأنّ كلّ امرئ منهم إمام نفسه» .
(آخذ منها فيما يرى) ؛ أي يتعلّق به رأي . و«آخذ» بصيغة اسم الفاعل، أو الفعل الماضي، والمستتر فيه وفي «يرى» راجع إلى «كلّ»، والبارز إلى الحجج ، وعلى ما في النهج يمكن عوده إلى «المعضلات» و«المبهمات» .
وقوله : (بعُرًى وثيقات) متعلّق ب «آخذ»، أو حال عن فاعله؛ يعني يتوهّم أنّه تمسّك بدلائل محكمة وبراهين قاطعة فيما يدّعيه من المموّهات، كأنّها عنده عرى وثيقة لا يخطأ المتمسّك بها .
(وأسباب محكمات) عطف على «عرى وثيقات» للبيان والتفسير . وقيل : الأسباب المحكمات بزعمهم من يتوسّلون به من أئمّة الجور . وقيل : هي بزعمهم نصوص جليّة لا اشتباه فيها . ۲
(فلا يزالون بجور) أي متلبّسين بميل وانحراف عن قصد السبيل .
(ولن يزدادوا إلّا خطأً) ؛ لأنّ بناء قواعدهم على الجور والظلم، واتّباع النفس والشيطان .
(لا ينالون تقرّباً) عند اللّه ـ عزّ وجلّ ـ بتحصيل أسبابه؛ لأنّه إنّما يحصل باتّباع الإمام الحقّ والعدل، وهم بمعزل عنه .