573
البضاعة المزجاة المجلد الأول

أي لا يؤمنون في حال الغيبة والخفاء، كما هو شأن المنافقين .
(ولا يَعفون عن عيب) من العفّة، أو من العفو . يُقال : عفّ ـ كفرَّ ـ عَفّاً وعَفافاً وعَفافةً ـ بفتحهنّ ـ وعِفّةً بالكسر، إذا كفّ عمّا لا يحلّ ولا يجمل . والعيب: الوصمة والعار ، ولعلّ المراد به هنا زلّات إخوانهم .
وفي النهج بعد قوله : «عن عيب» زيادة، وهي: «يعملون في الشبهات، ويسيرون في الشهوات» . ۱
(المعروف فيهم...)؛ يعني أنّ المعروف والمنكر عندهم ما يميل إليه طباعهم ويستحسنهم وإن كان منكراً في الشرع، وما يتنفّر عنه طباعهم ويستقبحه وإن كان معروفاً في الشرع .
(وكلّ امرئ منهم إمام نفسه) .
في نسخ النهج هكذا: «مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم، وتعويلهم في المبهمات على آرائهم، كأنّ كلّ امرئ منهم إمام نفسه» .
(آخذ منها فيما يرى) ؛ أي يتعلّق به رأي . و«آخذ» بصيغة اسم الفاعل، أو الفعل الماضي، والمستتر فيه وفي «يرى» راجع إلى «كلّ»، والبارز إلى الحجج ، وعلى ما في النهج يمكن عوده إلى «المعضلات» و«المبهمات» .
وقوله : (بعُرًى وثيقات) متعلّق ب «آخذ»، أو حال عن فاعله؛ يعني يتوهّم أنّه تمسّك بدلائل محكمة وبراهين قاطعة فيما يدّعيه من المموّهات، كأنّها عنده عرى وثيقة لا يخطأ المتمسّك بها .
(وأسباب محكمات) عطف على «عرى وثيقات» للبيان والتفسير . وقيل : الأسباب المحكمات بزعمهم من يتوسّلون به من أئمّة الجور . وقيل : هي بزعمهم نصوص جليّة لا اشتباه فيها . ۲
(فلا يزالون بجور) أي متلبّسين بميل وانحراف عن قصد السبيل .
(ولن يزدادوا إلّا خطأً) ؛ لأنّ بناء قواعدهم على الجور والظلم، واتّباع النفس والشيطان .
(لا ينالون تقرّباً) عند اللّه ـ عزّ وجلّ ـ بتحصيل أسبابه؛ لأنّه إنّما يحصل باتّباع الإمام الحقّ والعدل، وهم بمعزل عنه .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۱ .

2.اُنظر: نهج البلاغة ، ج ۱۲۱ ، الخطبة ۸۸ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
572

ويحتمل كونه منصوباً على المصدر بحذف المنادي؛ أي يا قوم عجبت عجباً، بالتنوين .
وقيل : إنّه بغير تنوين، وأصله: يا عجبي، قلب الياء ألفاً، وفي الوقف قيل: يا عجباه . ۱
(وما لي لا أعجب) مع حصول موجبات العجب وكثرتها وقوّتها، وهي ترك هذه الفرق ما ينبغي فعله وبالعكس، كما أشار إليه بقوله : (من خطأ هذه الفِرق) ، وكلمة «ما» استفهاميّة للتعجّب من ترك التعجّب .
(على اختلاف حججها في دينها) .
أصل الحجّة الغلبة، ثمّ استعمل في البرهان . قيل : المراد بالحجج المذاهب والطرق، أو الدلائل على مذاهبهم الباطلة، أو على الحقّ مع عدولهم عنها . ۲ وقيل : المراد باختلاف الحجج هنا اختلاف قصورها أو تردّدها أو سننها وطرقها، أو دلائلها الباطلة في اُصول دينها وفروعه، وإنّما سمّيت مفتريات أوهامهم ومخترعات أفهامهم حججاً على سبيل التهكّم . ۳
وقوله : «في دينها» متعلّق بالحجج، أو بالاختلاف، أو بهما، أو صفة، أو حال عن الحجج .
(لا يقتفون أثر نبيّ) .
في بعض النسخ: «لا يقتصّون» من الاقتصاص . يُقال : قصّ أثره واقتصّ، إذا تتبّعه ، وهذا تفصيل لخطأ هذا الفرق، كما أشرنا إليه إجمالاً .
قال بعض العلماء :
هذا نصّ في المنع عن الاجتهاد في الأحكام الشرعيّة، واستنباطها من المتشابهات بالرأي وترك النصوص .
(ولا يقتدون بعمل وصيّ) مطلقاً. وقيل : أراد به نفسه قطعاً لعذرهم ؛ فإنّ الاختلاف في الدين قد يعرض عن ضرورة، وهي عدم وجود الهادي بينهم ، فأمّا إذا كان موجوداً فلا عذر لهم على الاختلاف، ولا يجوز لهم القيام عليه . ۴
(ولا يؤمنون بغيب) أي بما هو غائب عن الحسّ من الإيمان باللّه واليوم الآخر ، أو بما جاء به الرسول صلى الله عليه و آله ، هذا إن جعل الباء صلة للإيمان، وإن جعل الظرف حالاً عن ضمير الجمع،

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۰ .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۴۰ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 111295
صفحه از 630
پرینت  ارسال به