قوله تعالى : «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ»۱ الآية .
وقال البيضاوي : « «فَسَلَكَهُ» : فأدخله ، «يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ» ، هي عيون وبحار كائنة فيها، أو مياه نابعات فيها؛ إذ الينبوع جاء للمنبع وللنابع، فنصبها على المصدر، ۲ أو الحال» . ۳
وقال ابن أبي الحديد في شرح كلامه عليه السلام :
أي كما أنّ اللّه تعالى يُنزل الماء من السماء، فيستكنّ في أعماق الأرض، ثمّ يظهره ينابيع إلى ظاهرها، كذلك هؤلاء [القوم ]يفرّقهم اللّه في بطون الأودية وغوامض الأغوار، ثمّ يظهرهم بعد الاختفاء . ۴
وقال بعض الفضلاء :
الأظهر أنّه بيان لاستيلائهم على البلاد، وتفرّقهم فيها، وظهورهم في كلّ البلاد، وتيسير أعوانهم من سائر العباد، فكما أنّ مياه الأنهار ووفورها توجب وفور مياه العيون والآبار ، فكذلك أثر هؤلاء يظهر في كلّ البلاد، وتكثر أعوانهم في جميع الأقطار، وكلّ ذلك ترشيح لما سبق من التشبيه . ۵
(يأخذ بهم) أي يأخذ اللّه بهؤلاء المتشتّتة المجتمعة (من قوم) أي من بني اُميّة .
(حقوق قوم) مظلومين، وهم أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم ، والمراد بأخذ الحقوق الانتقام من أعدائهم، وإن لم يصل إليهم جميع حقوقهم .
(ويمكِّن بهم): بهؤلاء المجتمعة لاستيصال بني اُميّة .
(قوماً في ديار قوم) .
الظاهر أنّ القوم الأوّل بنو عبّاس، والثاني بنو اُميّة . وقيل : أي يمكّنهم في ديار بني اُميّة بناءً على أنّ نصب «قوماً» من باب التجريد للمبالغة في كثرتهم حتّى أنّهم بلغوا فيها حدّاً يصلح أن ينتزع منهم مثلهم، كما قالوا في مثل: «لقيت بزيد أسداً» . ۶
وفي بعض النسخ: «ويمكّن من قوم لديار قوم»، ولعلّ كلمة «من» للصلة، أو للتبعيض، أو زائدة .
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۴ .
2.الزمر(۳۹): ۲۱.
3.في المصدر: «الظرف».
4.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۶۳ .
5.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۹ ، ص ۲۸۴ .
6.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۴۵ .