585
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(منهم من درج) .
الموصول فاعل «يفضي»، و«منهم» حال عن فاعل «درج» . قال الفيروزآبادي : «درج القوم: انقرضوا . وفلان: لم يخلف نسلاً» . ۱
وحاصل المعنى: من مات منهم مات ضالّاً، ومن انقرض منهم ووصل إلى عذاب اللّه فأمره إلى اللّه يعذّبه كيف يشاء . وقيل : هو من إخباره عليه السلام بالغيب؛ لأنّ بني اُميّة مع كثرتهم ليس لهم الآن نسل مشهور . ۲
ويحتمل كونه من الدَّرَجان ؛ في القاموس: «دَرَج دَرُوجاً ودَرَجاناً: مشى . وفلان: مضى لسبيله». ۳ أي من يبقى منهم ويمشي على وجه الأرض، فأمره أيضاً ينتهي إلى الموت والفناء، واللّه يقضي فيه بما شاء، والإتيان بلفظ الماضي للدلالة على تحقّق وقوعه .
(ويتوب اللّه ـ عزّ وجلّ ـ على من تاب) منهم ومن غيرهم؛ أي يقبل ولا يؤاخذه بقبائح آبائه وقبيلته وعشيرته .
وقوله: (لعلّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ يجمع شيعتي ...) ؛ إمّا تأكيد للسابق، أو إشارة إلى اجتماع الشيعة عند ظهور صاحب الأمر عليه السلام .
وقوله : (وليس لأحد على اللّه ـ عزّ ذكره ـ الخيرة ...) إشارة إلى قوله تعالى : «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللّهِ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» . ۴
«الخِيَرَة» بالكسر وكعنبة: اسم من الاختيار والتخيّر . وقيل : معنى قوله عليه السلام : «وليس لأحد» إلى آخره، أنّه ليس لأحد أن يشير بأمر على اللّه أنّ هذا خير ينبغي أن يفعله، بل له أن يختار من الاُمور ما يشاء بعلمه، وله الأمر يأمر بما يشاء في جميع الأشياء . ۵
أقول : يستفاد من بعض الأخبار المرويّة عن الأئمّة الأطهار أنّ المراد بنفي الخيرة نفي الاختيار عن الرعيّة في تعيين الإمام، وسائر ما يتعلّق بأمر الدين، فلا يجوز لهم اختيار مَنْ شاؤوا ولا تحليل ما شاؤوا ولا تحريمه .

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۸۷ (درج) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۶ .

3.القصص(۲۸): ۶۸.

4.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۴۷ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
584

سيما لغات أهل خراسان . وقيل : نزل عليه السلام علمه بالصَّهيل والطمطمة بمنزلة سماعهما، أو جعل زمانهما المستقبل حاضراً فأخبر بسماعهما . ۱
ولا يبعد أن يقرأ «رُجّال» بضمّ الراء وتشديد الجيم، وهو جمع راجل، خلاف الفارس .
(وايمُ اللّه ليذوبنّ ما في أيديهم) من الدولة والسلطنة . قال الجوهري :
أَيمُنُ اللّه ، اسم وضع للقسم، هكذا أيضاً [بضمّ] الميم والنون، وألفه ألف وصل عند أكثر النحويّين، ولو لم يجئ في الأسماء ألف الوصل مفتوحة غيرها إلّا هذا، وربّما حذفوا منه النون، فقالوا: أيم اللّه ، وإيمُ اللّه أيضاً بكسر الهمزة . ۲
وقال : «ذاب الشيء يذوب ذوباً وذَوَباناً: نقيض جمد» . ۳
(بعد العلوّ والتمكين) أي علوّ بني اُميّة وتمكينهم .
(في البلاد) . فيه إيماء إلى كمال قوّة أعدائهم .
(كما تذوب الألية على النار) .
قال الجوهري : «الألية، بالفتح: ألية الشاة، ولا تقل: إليَة ولا لِيَة». ۴
وقد شبّه عليه السلام ذهاب ما في أيديهم بذوبان الألية في النار ، ويفهم منه تشبيه عدوّهم بالنار .
(من مات منهم) أي من بني اُميّة .
(مات ضالّاً) خارجاً عن سبيل الحقّ .
(وإلى اللّه يُفضي) ؛ على بناء الفاعل، والجارّ متعلّق بما بعده .
الإفضاء: الوصول والبلوغ . وفي بعض النسخ: «يقضي» بالقاف، وهو من القضاء بمعنى الحكم، أو المحاكمة، أو بمعنى الفراغ كما في قولهم : «قضيت حاجتي» ، وبمعنى الأداء كما في قولك : «قضيتُ ديني» ، أو بمعنى الإنهاء والإبلاغ، كما قيل في قوله تعالى : «وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ»۵ أي أنهيناه إليه وأبلغناه ، ويُقال : قضى فلان، أي مات ومضي
والفعل في بعض هذه التقادير على بناء المعلوم، وفي بعضها على بناء المجهول، وعليك بالتأمّل الصادق .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۵ .

2.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۲۲ (أيم) .

3.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۲۹ (ذوب) .

4.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۷۱ (ألا) .

5.الحجر(۱۵): ۶۶.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 111197
صفحه از 630
پرینت  ارسال به