(كما تاهَتْ بنو إسرائيل) وتحيّروا .
(على عهد موسى عليه السلام ) ، وعبدوا العجل، ولم يتّبعوا أمر خليفته هارون عليه السلام .
وقيل : أي كما تاهوا في خارج المصر أربعين سنة يتيهون ويتحيّرون في الأرض، ليس لهم مخرج بسبب عصيانهم وتركهم الجهاد . ۱
وقوله عليه السلام : (ولعمري) قسم ببقائه وحياته لترويج مضمون الخبر وتحقيق ثبوته، وإشارة إلى أنّ الضلالة في هذه الاُمّة أكثر من ضلالة بني إسرائيل، كما قال : (ليضاعفنّ عليكم ...).
المضاعفة إمّا بحسب الشدّة، أو المدّة؛ فإنّ حيرة بني إسرائيل في دينهم أربعون يوماً أو أقلّ، وفي التيه أربعون سنة بخلاف تحيّر هذه الاُمّة في دينهم؛ فإنّه مستمرّ إلى الآن .
ثمّ إنّه عليه السلام أشار إلى أنّ لهذه الاُمّة بليّة وفتنة اُخرى بعد ما ذكر من فتنة بني اُميّة بقوله : (ولعمري أن لو قد استكملتم) أي أتممتم .
(من بعدي [مدّة] سلطان بني اُميّة) أي مدّة غلبتهم وشوكتهم، وهي إحدى وتسعون سنة .
(لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة) ؛ هو عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس، الملقّب بالسفّاح، وكنيته أبو العبّاس أوّل خلفاء بني العبّاس ، ومدّة سلطنتهم خمسمائة وثلاثة وعشرون سنة وشهران وثلاثة وعشرون يوماً .
(وأحييتم الباطل) بترويجه وتشهيره مرّة اُخرى . وفي بعض النسخ: «وأجبتم» من الإجابة .
(وخلّفتم الحقّ) إلى قوله عليه السلام : (من أبناء الحرب لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ) .
قيل : اُريد بالحقّ الإمام المنصوب من قبله تعالى ومتابعته، أو دينه أيضاً، والظاهر أنّ «من» في الموضعين بيان للأدنى والأبعد، أو حال عنهما ، وأنّ المراد بالأدنى ذاته المقدّسة وأولاده المطهّرة؛ يعني الأدنين إلى الرسول صلى الله عليه و آله نسباً، الناصرين له في غزوة بدر، وهي أعزّ غزوات الإسلام ، وبالأبعد عمّه العبّاس وولده ؛ لأنّه عليه السلام أقرب إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله من حيث الإيمان به والنصرة له في المواطن كلّها سيّما في غزوة بدر من عبّاس، وهو من أبناء الحرب لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وكان من اُسرائها. ۲
أو اُريد بأبناء الحرب ما يعمّ المعاوية وأتباعه وأضرابه من بني اُميّة وبني مروان أيضاً؛