591
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(ولا يبعد اللّه ) من رحمته في ذلك الزمان، أو مطلقاً .
(إلّا من أبى) عن طاعة اللّه تعالى، أو طاعة القائم عليه السلام (وظلم) على نفسه بالمعصية، أو على غيره، أو على إمامه بالمخالفة .
(واعتسف) أي أخذ بغير الطريق .
(وأخذ ما ليس له) من أمر الولاية وسائر الحقوق .
وهذا الكلام يحتمل الخبر والدعاء .
«وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا» ؛ مطلقاً، خصوصاً على الأنبياء والأوصياء .
«أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»۱ عند انقلابهم ورجوعهم إلى اللّه عزّ وجلّ، وفيه وعيد عظيم لأهل الظلم .
وقيل : احتمال أنّهم سيعلمون بعده عليه السلام سوء منقلبهم في دولة بني اُميّة وغيرهم من القتل والنهب والذلّ والصغار بعيد . ۲

متن الحديث الثالث والعشرين

(خُطْبَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام )

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ وَيَعْقُوبَ السَّرَّاجِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام :«أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام لَمَّا بُويِعَ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي عَلَا فَاسْتَعْلى، وَدَنَا فَتَعَالى، وَارْتَفَعَ فَوْقَ كُلِّ مَنْظَرٍ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَا اللّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيك لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ۳ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَحُجَّةُ اللّهِ عَلَى الْعَالَمِينَ، مُصَدِّقاً لِلرُّسُلِ الْأَوَّلِينَ، وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفاً رَحِيماً، فَصَلَّى اللّهُ وَمَلَائِكَتُهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ.
أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ الْبَغْيَ يَقُودُ أَصْحَابَهُ إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ بَغى عَلَى اللّهِ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ عَنَاقُ بِنْتُ آدَمَ، وَأَوَّلَ قَتِيلٍ قَتَلَهُ اللّهُ عَنَاقُ، وَكَانَ مَجْلِسُهَا جَرِيباً [ مِنَ الْأَرْضِ ]فِي جَرِيبٍ، وَكَانَ لَهَا عِشْرُونَ إِصْبَعاً فِي كُلِّ إِصْبَعٍ ظُفُرَانِ مِثْلُ الْمِنْجَلَيْنِ، فَسَلَّطَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَيْهَا أَسَداً كَالْفِيلِ، وَذِئْباً

1.الشعراء(۲۶): ۲۲۷.

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۸ .

3.في الحاشية عن بعض النسخ: «ورسول اللّه».


البضاعة المزجاة المجلد الأول
590

الأرض، لأنّا نقول: اجتماع العساكر الكثيرة على المهدي عليه السلام وتوجّهه إلى فتح البلاد إنّما يكون من الكوفة، وهي شرق الحرمين وكثير من بلاد الإسلام . ۱
وقوله : (سلك بكم مناهج الرسول صلى الله عليه و آله ) جواب «إن اتّبعتم»، والباء للتعدية . وفي بعض النسخ : «منهاج» كما في النهج .
(فتداويتم من العمى والصمم والبكم) أي يشفي اللّه تعالى ببركته عليه السلام إيّاكم من تلك الأمراض، ويفيض بمتابعته عليكم نور الحقّ واليقين، ويبثّه على جوارحكم، فتبصرون الحقّ، وتسمعونه بسمع القبول، وتنطقون به، وتروّجونه .
قال الفيروزآبادي : «الصمم، محرّكة: انسداد الاُذن، وثقل السمع» . ۲ وقال : «البكم، محرّكة: الخرس» . ۳
(وكُفيتم مؤونة الطلب والتعسّف) عطف على الطلب، أو على المؤونة، و«كفيتم» على بناء المجهول، والمراد بالتعسّف التحيّر والكدّ والاجتهاد في تحصيل المعاش ؛ وذلك لنزول بركات السماء، وخروج دفائن الأرض، وظهور كنوزها، فيعطى كلّ أحد ما يكفيه، ولا يحتاج معه إلى الطلب .
قال في القاموس: «عسف عن الطريق: مال، وعدل، كتعسّف، أو خبطه على غير هداية . والسلطان: ظلم. وفلاناً: استخدمه» . ۴
وقيل : التعسّف هنا الظلم؛ أي لا يحتاجون في زمانه عليه السلام إلى طلب الرزق والظلم على الناس لأخذ أموالهم .
(ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق) .
«الفادح»: الأمر المُثقل الصعب ، وفوادح الدهر: خطوبه . والثِّقل، بالكسر: واحد الأثقال، وهي الأحمال الثقيلة والذنوب ، فوصفه بالفادح من قبيل: ليلٌ أليَلُ، يعني طرحتم عن أعناقكم أثقال مظالم العباد وديونهم، أو طاعة أهل الجور وظلمهم واستخدامهم أو نوائب الدهر مطلقاً .

1.نقل عنه المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۷ .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۴۰ (صمم) .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۸۱ (بكم) .

4.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۷۵ (عسف) مع التلخيص .

تعداد بازدید : 108493
صفحه از 630
پرینت  ارسال به