شرح
السند حسن .
قوله : (علا فاستعلى) . ۱ في القاموس: «علاه واستعلاه ؛ صعِد» . ۲ ويظهر من كلام غيره من أرباب اللغة أنّهما مترادفان .
وقيل : الاستعلاء مبالغة في العلوّ، أي علا عن كلّ شيء بالرتبة والشرف، فاستعلى عن التشبّه بصفات المخلوقات ، أو أن يكون شيء فوقه، أو أن يصل إلى كنه ذاته العقول ، أو معناه أنّه تعالى كان له العلوّ بحسب الذات والصفات، فأراد أن يظهره بإيجاد المكوّنات، أو طلب وأمر أن يقرّ العباد بعلوّ شأنه وسموّ مكانه، ويعبدوه ويتواضعوا له . وعلى الأخيرين يكون الاستفعال للطلب الإرادي والتكليفي . ۳
(ودنا فتعالى) .
الدنوّ: القرب ، والتعالي: الارتفاع ؛ أي قرب من كلّ شيء بالعلم والقدرة، فتعالى عن القرب المكاني وسائر وجوه مشابهة الإمكاني؛ إذ لا يمكن للمكاني الدنوّ من كلّ شيء، وهذا الدنوّ عين علوّه وارتفاعه، فليس دنوّه منافياً لعلوّه، بل مؤكّد له ومؤيّد إيّاه .
والتفريع يُشعر بأنّ هذا الدنوّ سبب لتعاليه عمّا ذكر؛ لاستحالة أن يكون المشابه بالخلق، والمتحيّز في الحيّز قريباً من كلّ شيء في آنٍ واحد .
وقيل : يحتمل في الفقرتين أن يكون الفاء بمعنى الواو ؛ أي علا وكثر علاؤه، ودنا فتعالى ۴ أن يكون دنوّه كدنوّ المخلوقين . ۵
(وارتفع فوق كلّ منظر) .
المنظر: مصدر ميميّ بمعنى النظر، أو الموقع المرتفع، أو ما ينظر إليه . قيل : المراد أنّه تعالى ارتفع عن كلّ محلّ يمكن أن ينظر إليه، أي ليس بمرئي ولا مكاني، أو ارتفع عن كلّ نظر، فلا يمكن لبصر الخلق النظر إليه ، أو ارتفع عن محالّ النظر والفكر، فلا يحصل في وهم ولا خيال ولا عقل .
1.في الحاشية: «العلوّ: بلند شدن وغالب گشتن وبزرگوار شدن وبه زور پيروز شدن. الاستعلاء: مثل العلوّ. تاج اللغة».
2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۶۵ (علو) .
3.راجع: مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۵۱ .
4.في الحاشية عن بعض النسخ: «و تعالى».
5.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۵۱ .