601
البضاعة المزجاة المجلد الأول

«عَلى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ» ۱ .
قال الجوهري : «شَفا كلّ شيء: حرفه ، قال تعالى : «وَكُنْتُمْ عَلى شَفَا حُفْرَةٍ» » . ۲ وقال : «الجُرْف والجُرُف، مثل عُسْر وعُسُر: ما تجرّفته السؤول، وأكلته من الأرض، ومنه قوله تعالى: «وَكُنْتُمْ عَلى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ» » ۳ وقال:
هار الجُرُف يَهُور هَوراً وهُؤُوراً فهو هائر ، ويقال أيضاً : جُرفٌ هار، خفضوه في موضع الرفع، وأرادوا هائر، وهو مقلوب من الثاني إلى الرباعي، كما قلبوا: «شائك السلاح» إلى: «شاكي السلاح». وهوّر، فتهوّر، وانهار، أي انعدم . ۴
وفي القاموس: «الهار: الضعيف الساقط من شدّة الزمان» ۵ انتهى .
والضمير في «انهار» راجع إلى «شفا جرف» أو إلى الإشراف ، والباء للتعدية، أو للمصاحبة ، والضمير المجرور راجع إلى الموصول في قوله : «من لم أشركه» ، وكذا المستتر في «أشرف» .
والحاصل أنّه بنى فعله هذا على قاعدة هي أضعف القواعد وأرخاها، فأدّى به لضعفه وقلّة استمساكه إلى السقوط في نار جهنّم .
وفيه تشبيه معقول بمحسوس تنبيهاً على أنّ هذا الغاصب في صدد الوقوع في النار لحظة فلحظة، ثمّ مصيره إليها البتّة .
هذا ، واعلم أنّ جملة «أشرف» يحتمل كونها حاليّة بتقدير «قد»، وكونها استئنافيّة كأنّ سائلاً سأل عن مآل حال ذلك الغاصب فأجاب بها .
(حقّ وباطل) ؛ لعلّه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير ما ذكر من الطريقين: طريق التقوى، وطريق الخطأ؛ أحدهما حقّ وهو التقوى، والآخر باطل وهو الخطأ .
وقيل : هو مبتدأ بتقدير الخبر ؛ يعني في الدنيا، أو هنا، أو بين الناس حقّ وباطل ، ۶ (ولكلّ) منهما (أهل) .

1.التوبة(۹): ۱۰۹.

2.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۹۳ (شفي) .

3.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۳۳۶ (جرف) .

4.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۸۵۶ (هور) .

5.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۶۲ (هور) .

6.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۵۶ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
600

(ومن ليست له منه) أي من هذا الأمر .
(ثويّة) . في القاموس: «ثوي المكان وبه يثوي ثواءً وثُويّاً بالضمّ: أطال الإقامة به، أو نزل ، والثوى، كغنى: البيت المهيّأ للضيف ، والثوية، كغنية: مأوى الإبل عازبةً، أو حول البيوت» . ۱
وفي بعض النسخ: «نَوبة» بالنون والباء الموحّدة . وفي بعضها : «ثوبة» بالثاء المثلّثة والباء الموحّدة وتاء التأنيث. وفي بعضها بالضمير .
قال الفيروزآبادي : «النوبة: الفُرصة، والدولة، والجماعة من الناس، وواحدة النُّوب ، يُقال : جاءت نوبتك ». ۲ وقال : «ثاب ثوباً وثؤوباً: رجع» . ۳
(إلّا بنبيّ يبعث) .
في بعض النسخ: «إلّا نبيّ» بدون الباء .
(ألا ولا نبيّ بعد محمّد صلى الله عليه و آله ) . لعلّ محصّل المعنى على تلك النسخ أنّه ليس له منزل ومقام، أو ثوبة وفرصة ودولة من هذا الأمر ، أو رجوع عليه، إلّا بإخبار نبيّ يُبعث، فيخبر عن اللّه أنّ له حصّة ونصيب في الخلافة، أو إلّا على فرض محال ، وهو بعث نبيّ وظهور دين وشروع جديد بعد نبيّنا، والموقوف على المحال محال.
وعلى النسخة الأخيرة يمكن أن يكون المراد ثوب هذا الأمر ولباسه، لكنّه لا يناسب تأنيث الفعل إلّا بتكليف .
وفي كثير من النسخ المصحّحة: «توبة» بالتاء المثنّاة الفوقانيّة والباء الموحّدة ، ولعلّ المراد أنّه لا يعلم قبول توبة هذا الغاصب الضالّ المُضِلّ إلّا بإخبار نبيّ يُبعث، فيخبره بقبول توبته، أو يأتي بملّة جديدة فيصدقه هذا الغاصب ودخل في ملّته، فيحبّ ذلك ما قبله .
والفاضل الإسترآبادي نقل النسخة الاُولى والثالثة وقال : «لم أجدهما مناسباً للمقام، وصوابه: ومن لَبِس ثوبهُ ـ ثوب الإمامة ـ ممّن سبقني أشرف على شفا جرف هارٍ» ۴ ، انتهى .
(أشرف منه) . يُقال : أشرف على الشيء، أي اطّلع عليه من فوق. وكلمة «من» تعليليّة، والضمير لهذا الأمر، وكونها للابتداء محتمل .

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۱۰ (ثوي) .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۳۵ (نوب) .

3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۴۲ (ثأب) .

4.نقل عنه المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۹۷ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109343
صفحه از 630
پرینت  ارسال به