فأقبل) ؛ استُبعد عادةً رجوع الحقّ إلى الكثرة والقوّة بعد القلّة والضعف ، ولكنّه لم يستبعد بالنظر إلى فضل اللّه ولطفه وقدرته .
وقيل : يحتمل أن يكون المراد أنّه لا يرجع عن قريب، بل يكون ذلك في زمن القائم عليه السلام .
وقيل : فيه تنبيه على لزوم الحقّ كيلا يضمحلّ بتخاذلهم عنه، فلا يمكنهم تداركه . ۱
وكلمة «ما» مصدريّة، أو موصولة، ويكون ذكر الشيء من باب الإظهار في موضع الإضمار؛ للدلالة على التعميم .
(ولئن رُدَّ عليكم أمركم) أي لئن رجع وعاد إليكم اليوم أمركم؛ أي الحقّ الذي كنتم عليه في زمن حياة رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
(أنّكم سعداء) عند اللّه ؛ أي يكون ذلك علامة سعادتكم .
(وما عليَّ إلّا الجهد) في رجوع أمركم إليكم وإصلاح حالكم ، والحاصل: إن ساعدني الوقت، وتمكّنت من أن أحكُم فيكم بأمر اللّه وحكمه، وعادت إليكم من الأيّام والسيرة ما يماثل أيّام رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسيرته فهو من مساعدة سعادتكم، وكان فيه كالسابق استبعاد لرجوع دولة قوم بعد زوالها .
قال الجوهري :
الجَهْد والجُهد: الطاقة. قال الفرّاء : الجُهد، بالضمّ: الطاقة، والجَهْد ـ بالفتح ـ من قولك : أجهد جَهدك في هذا الأمر؛ أي أبلغ غايتك ، لا يُقال : أجَهَد جُهدك، والجَهد: المشقّة . ۲
(وإنّي لأخشى أن تكونوا على فترة) .
الفترة، بالفتح: ما بين النبيَّين من الزمان . وقيل : إذا اُطلقت يراد بها ما بين عيسى عليه السلام ونبيّنا صلى الله عليه و آله ، ۳
والمراد بها هنا الجاهليّة إطلاقاً لاسم الظرف على المضروف، أي أخشى أن لا أتمكّن من إجراء حكم اللّه وسنّة نبيّه فيكم، فتكونوا في الجاهليّة كالاُمم الذين من قبلكم في زمن الفترة لا يظهر فيهم الحقّ، ويشتبه عليهم الاُمور .
ثمّ أشار عليه السلام إلى سبب تلك الخشية بقوله : (مِلتُم عنّي ميلة ...) أي صدر منكم الميل عنّي