609
البضاعة المزجاة المجلد الأول

موضع لإظهار الحقّ من غير تقيّة ورعاية مصلحة يكون مذموماً ، فالهلاك بالمعنى الذي ذكرناه أوّلاً ، ويؤيّد هذا قوله عليه السلام : (استتروا في بيوتكم) .
قال ابن أبي الحديد : «هذه الخطبة من جلائل خطبه عليه السلام ومن مشهوراتها، قد رواها الناس كلّهم» ، ثمّ قال : «وفيها زيادات حذفها الرضيّ رحمه الله؛ إمّا اختصاراً، أو خوفاً من إيحاش السامعين» ، ۱ ثمّ ذكر تلك الزيادات وهي أواخر ما ذكر هاهنا، وتكلّف في شرح بعضها، ثمّ نقل عن شيخه أبي عثمان وأبي عبيدة أنّه زاد فيها رواية جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السلام : «ألا إنّ أبرار عترتي وأطائب اُرومتي أحلم الناس صغاراً، وأعلم الناس كباراً ، ألا وإنّا أهل بيت من علم اللّه علّمنا، وبحكم اللّه حكمنا ، ومن قول صادق سَمِعنا، فإن تتّبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن لم تفعلوا يهلككم اللّه بأيدينا ؛ معنا راية الحقّ، مَن تبعها لحق، ومَن تأخّر عنها غرق ؛ ألا وبأيدينا ۲ يدرك تِرَةُ كلّ مؤمن، وبنا يُخلع ربقة الذلّ عن أعناقكم، وبنا فتح لا بكم، وبنا يختم لا بكم» . ۳
وفي القاموس: «الاُرومة، ويضمّ: الأصل» . ۴ ولعلّ المراد هنا القبيلة والعشيرة . والتّرة: الظلم، والنقص، والعيب، والدية، والانتقام .

متن الحديث الرابع والعشرين

(حديث عليّ بن الحسين عليهماالسلام فضّل فيه رجالاً بخصال لفظاً، وأمرهم بها معنى)

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَطِيَّةَ،۵عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام ، قَالَ:كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَى اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَحْسَنُكُمْ عَمَلاً، وَإِنَّ أَعْظَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ عَمَلاً أَعْظَمُكُمْ

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۱ ، ص ۲۷۴ .

2.في المصادر: «وبنا» بدل «وبأيدينا».

3.الإرشاد ، ج ۱ ، ص ۲۳۹ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۱ ، ص ۲۷۶ ؛ بحار الأنوار ، ج ۳۲ ، ص ۱۰، ح ۳ (فيه عن الإرشاد) ؛ وج ۵۱، ص ۱۳۱ (فيه عن ابن أبي الحديد).

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۷۴ (أرم) .

5.في الطبعة الجديدة وبعض نسخ الكافي والفقيه: «مالك بن عطيّة»، والظاهر أنّه هو الصواب، و«هلال بن عطيّة» تصحيف؛ لعدم ذكره في شيء من الأسناد وكتب الرجال. وأمّا رواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة بتوسّط مالك بن عطيّة قد تكرّرت في عدّة من الأسناد. راجع: الفهرست للطوسي ، ص ۴۷۰، الرقم ۷۵۳؛ معجم رجال الحديث للخوئي ، ج ۱۴ ، ص ۳۷۵.


البضاعة المزجاة المجلد الأول
608

نهي لهم عن العصبيّة والاجتماع لها والتحزّب والتشاجر، فقد كان قوم بعد قتل عثمان تكلّموا في قتله .
وقال الفاضل الإسترآبادي : «أمر بالتوبة عمّا يوجب الحدّ قبل ثبوته عند الإمام والاستتار بها» . ۱
(وأصلحوا ذات بينكم) .
قيل : خصومة بينكم . وقيل : نفس بينكم . والمعنى: أصلحوا بينكم . ۲ وفي القاموس: «ذات بينكم، أي حقيقة وصلكم. أو ذات البين: الحال التي بها يجتمع المسلمون» . ۳
(والتوبة من ورائكم) . قال ابن ميثم :
هذا تنبيه للعُصاة على الرجوع إلى التوبة عن الجَري في ميدان المعصية، واقتفاء أثر الشيطان. وكونها وراء؛ لأنّ الجواذب الإلهيّة إذا أخذت بقلب العبد فجذبته عن المعصية حتّى أعرض عنها، والتفت بوجه نفسه إلى ما كان مُعرضاً عنه من الندم على المعصية، والتوجّه إلى القبلة الحقيقيّة؛ فإنّه يصدق عليه إذَن أنّ التوبة وراءه؛ أي وراء عقليّاً، وهو أولى من قول مَن قال من المفسّرين: إنّ «وراءكم» بمعنى أمامكم . ۴
(من أبدى صفحته للحقّ) .
الإبداء: الإظهار ، وصفحةُ كلّ شيء: جانبه . وفي النهاية: «صفح كلّ شيء: وجهه وناحيته» . ۵ وإبداء الصفحة كناية عن المكاشفة للحقّ والمخاصمة له .
(هلك) في الدنيا والآخرة .
وقيل : هي كلمة جارية مجرى المثل. ۶ أو من أبدى صفحته لنصرة الحقّ، وإظهاره على الوجه المأمور به في مقابلة كلّ باطل، أو ردَّ عن الجهّال جهلهم يكون في كلّ وقت في معرض الهلاك بأيديهم وألسنتهم؛ إذ لا يعدم منهم من يوصل إليه المكروه، ويسعى في أذاه . ۷
والمراد بالهلاك مقاساة المشاقّ والمفاسد والمضارّ من الجهّال ، ويؤيّده ما في نسخ نهج البلاغة: «هلك عند جهلة الناس»، أو المراد إبداء الوجه للخصوم، ومعارضتهم في كلّ

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۹۵ .

2.راجع: شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۳۹۵ .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۴۰۹ (ذو) .

4.شرح نهج البلاغة لابن ميثم ، ج ۱ ، ص ۳۰۸ و۳۰۹ .

5.النهاية ، ج ۳ ، ص ۳۴ (صفح) .

6.قاله المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۴۶ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108460
صفحه از 630
پرینت  ارسال به