65
البضاعة المزجاة المجلد الأول

عَنْهُمْ وَ ۱ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ وَعَنْ عِلْمِهِمُ الَّذِي ۲ أَكْرَمَهُمُ اللّهُ بِهِ، وَجَعَلَهُ عِنْدَهُمْ إِلَا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِ اللّهِ الشَّقَاءُ فِي أَصْلِ الْخَلْقِ تَحْتَ الْأَظِلَّةِ، فَأُولئِكَ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ عَنْ سُؤَالِ أَهْلِ الذِّكْرِ، وَالَّذِينَ آتَاهُمُ اللّهُ عِلْمَ الْقُرْآنِ، وَوَضَعَهُ عِنْدَهُمْ، وَأَمَرَ بِسُؤَالِهِمْ، وَأُولئِكَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ بِأَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ وَمَقَايِيسِهِمْ حَتّى دَخَلَهُمُ الشَّيْطَانُ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا أَهْلَ الْاءِيمَانِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ اللّهِ كَافِرِينَ، وَجَعَلُوا أَهْلَ الضَّلَالَةِ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ عِنْدَ اللّهِ مُؤْمِنِينَ، وَحَتّى جَعَلُوا مَا أَحَلَّ اللّهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ حَرَاماً، وَجَعَلُوا مَا حَرَّمَ اللّهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ حَلَالاً، فَذلِكَ أَصْلُ ثَمَرَةِ أَهْوَائِهِمْ، وَقَدْ عَهِدَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله قَبْلَ مَوْتِهِ، فَقَالُوا: نَحْنُ بَعْدَ مَا قَبَضَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ رَسُولَهُ يَسَعُنَا أَنْ نَأْخُذَ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ رَأْيُ النَّاسِ بَعْدَ ۳ قَبْضِ اللّهِ [عَزَّ وَجَلَّ ]رَسُولَهُ صلى الله عليه و آله ، وَبَعْدَ عَهْدِهِ الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْنَا، وَأَمَرَنَا بِهِ مُخَالِفاً لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ[ صلى الله عليه و آله ]، فَمَا أَحَدٌ أَجْرَأَ عَلَى اللّهِ، وَلَا أَبْيَنَ ضَلَالَةً مِمَّنْ أَخَذَ بِذلِكَ، وَزَعَمَ أَنَّ ذلِكَ يَسَعُهُ، وَاللّهِ إِنَّ لِلّهِ عَلى خَلْقِهِ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَيَتَّبِعُوا أَمْرَهُ فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وَبَعْدَ مَوْتِهِ، هَلْ يَسْتَطِيعُ أُولئِكَ أَعْدَاءُ اللّهِ أَنْ يَزْعُمُوا أَنَّ أَحَداً مِمَّنْ أَسْلَمَ مَعَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَرَأْيِهِ وَمَقَايِيسِهِ؟!
فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللّهِ، وَ «ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً» ، ۴ وَإِنْ قَالَ: لَا، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِرَأْيِهِ وَهَوَاهُ وَمَقَايِيسِهِ، فَقَدْ أَقَرَّ بِالْحُجَّةِ عَلى نَفْسِهِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ اللّهَ يُطَاعُ وَيُتَّبَعُ أَمْرُهُ بَعْدَ قَبْضِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَقَدْ قَالَ اللّهُ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ: «وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ» . ۵
وَذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُطَاعُ، وَيُتَّبَعُ أَمْرُهُ فِي حَيَاةِ مُحَمَّدٍ[ صلى الله عليه و آله ]، وَبَعْدَ قَبْضِ اللّهِ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله ، وَكَمَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاهُ وَلَا رَأْيِهِ وَلَا مَقَايِيسِهِ خِلَافاً لِأَمْرِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، فَكَذلِكَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ [النَّاسِ ]بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أَنْ يَأْخُذَ بِهَوَاهُ وَلَا رَأْيِهِ وَلَا مَقَايِيسِهِ».
وَقَالَ: «دَعُوا رَفْعَ أَيْدِيكُمْ فِي الصَّلَاةِ إِلَا مَرَّةً وَاحِدَةً حِينَ تُفْتَتَحُ الصَّلَاةُ؛ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ شَهَرُوكُمْ بِذلِكَ، «وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ» ، ۶ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَا بِاللّهِ».

1.في الحاشية عن بعض النسخ: + «لا».

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «الذين».

3.في الطبعة القديمة: + «ما».

4.آل عمران(۳): ۱۴۴.

5.آل عمران (۳): ۱۴۴.

6.الإسراء(۱۷): ۷.


البضاعة المزجاة المجلد الأول
64

عَلَيْكُمُ الضَّيْمَ، ۱ مِنْهُمْ تَلْتَمِسُونَ بِذلِكَ وَجْهَ اللّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، وَحَتّى تَكْظِمُوا الْغَيْظَ الشَّدِيدَ فِي الْأَذى فِي اللّهِ ـ جَلَّ وَعَزَّ ـ يَجْتَرِمُونَهُ إِلَيْكُمْ، وَحَتّى يُكَذِّبُوكُمْ بِالْحَقِّ، وَيُعَادُوكُمْ فِيهِ، وَيُبْغِضُوكُمْ عَلَيْهِ، فَتَصْبِرُوا عَلى ذلِكَ مِنْهُمْ، وَمِصْدَاقُ ذلِكَ كُلِّهِ فِي كِتَابِ اللّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ جَبْرَئِيلُ[ عليه السلام ]عَلى نَبِيِّكُمْ[ صلى الله عليه و آله ]؛ سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه و آله : «فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ» ؟ ۲
ثُمَّ قَالَ: «وَلَقَدْ۳كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا» ، ۴ فَقَدْ كُذِّبَ نَبِيُّ اللّهِ وَالرُّسُلُ مِنْ قَبْلِهِ، وَأُوذُوا مَعَ التَّكْذِيبِ بِالْحَقِّ، فَإِنْ سَرَّكُمْ أَمْرُ اللّهِ فِيهِمُ الَّذِي خَلَقَهُمْ لَهُ فِي الْأَصْلِ ـ أَصْلِ الْخَلْقِ ـ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي سَبَقَ فِي عِلْمِ اللّهِ أَنْ يَخْلُقَهُمْ لَهُ فِي الْأَصْلِ، وَمِنَ ۵ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللّهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ: «وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ». ۶
فَتَدَبَّرُوا هذَا، وَاعْقِلُوهُ، وَلَا تَجْهَلُوهُ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَجْهَلْ هذَا وَأَشْبَاهَهُ مِمَّا افْتَرَضَ اللّهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ مِمَّا أَمَرَ اللّهُ بِهِ وَنَهى عَنْهُ، تَرَكَ دِينَ اللّهِ، وَرَكِبَ مَعَاصِيَهُ، فَاسْتَوْجَبَ سَخَطَ اللّهِ، فَأَكَبَّهُ اللّهُ عَلى وَجْهِهِ فِي النَّارِ».
وَقَالَ: «أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفْلِحَةُ، إِنَّ اللّهَ أَتَمَّ لَكُمْ مَا آتَاكُمْ مِنَ الْخَيْرِ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِلْمِ اللّهِ، وَلَا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللّهِ فِي دِينِهِ بِهَوًى وَلَا رَأْيٍ وَلَا مَقَايِيسَ، قَدْ أَنْزَلَ اللّهُ الْقُرْآنَ، وَجَعَلَ فِيهِ تِبْيَانَ كُلِّ شَيْءٍ، وَجَعَلَ لِلْقُرْآنِ وَتَعَلُّمِ ۷ الْقُرْآنِ أَهْلاً لَا يَسَعُ ۸ أَهْلَ عِلْمِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللّهُ عِلْمَهُ أَنْ يَأْخُذُوا فِيهِ بِهَوًى وَلاَ رَأْيٍ وَلَا مَقَايِيسَ، أَغْنَاهُمُ اللّهُ عَنْ ذلِكَ بِمَا آتَاهُمْ مِنْ عِلْمِهِ، وَخَصَّهُمْ بِهِ، وَوَضَعَهُ عِنْدَهُمْ، كَرَامَةً مِنَ اللّهِ أَكْرَمَهُمْ بِهَا، وَهُمْ أَهْلُ الذِّكْرِ الَّذِينَ أَمَرَ اللّهُ هذِهِ الْأُمَّةَ بِسُؤَالِهِمْ، وَهُمُ الَّذِينَ مَنْ سَأَلَهُمْ وَقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللّهِ أَنْ يُصَدِّقَهُمْ، وَيَتَّبِعَ أَثَرَهُمْ، أَرْشَدُوهُ، وَأَعْطَوْهُ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ مَا يَهْتَدِي بِهِ إِلَى اللّهِ بِإِذْنِهِ، وَإِلى جَمِيعِ سُبُلِ الْحَقِّ، وَهُمُ الَّذِينَ لَا يَرْغَبُ

1.في كلتا الطبعتين وبعض نسخ الكافي: «فتحمّلوا».

2.الأحقاف(۴۶): ۳۵.

3.في كلتا الطبعتين للكافي: «وإن يكذّبوك فقد» بدل «ولقد».

4.الأنعام(۶): ۳۴.

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «وفي».

6.كذا في النسخة وكلتا الطبعتين وجميع النسخ التي قوبلت في الطبعة الجديدة للكافي. وفي المصحف الشريف ـ الآية ۴۱ من سورة القصص(۲۸) ـ : «وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ» .

7.في الحاشية عن بعض النسخ: «ولعلم». وفي كلتا الطبعتين وأكثر نسخ الكافي: «ولتعلّم».

8.في الحاشية عن بعض النسخ: «لا يُسيغ».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109468
صفحه از 630
پرینت  ارسال به