67
البضاعة المزجاة المجلد الأول

ذلِكَ وَرَغِبَ عَنْهُ ضَلَّ؛ لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ أَمَرَ اللّهُ بِطَاعَتِهِمْ وَوَلَايَتِهِمْ، وَقَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْعَمَلِ فِي اتِّبَاعِ الْاثَارِ وَالسُّنَنِ ـ وَإِنْ قَلَّ ـ أَرْضى لِلّهِ، وَأَنْفَعُ عِنْدَهُ فِي الْعَاقِبَةِ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي الْبِدَعِ وَاتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ، أَلَا إِنَّ اتِّبَاعَ الْأَهْوَاءِ وَاتِّبَاعَ الْبِدَعِ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللّهِ ضَلَالٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ فِي النَّارِ، وَلَنْ يُنَالَ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَ اللّهِ إِلَا بِطَاعَتِهِ وَالصَّبْرِ وَالرِّضَا؛ لِأَنَّ الصَّبْرَ وَالرِّضَا مِنْ طَاعَةِ اللّهِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِهِ حَتّى يَرْضى عَنِ اللّهِ فِيمَا صَنَعَ [اللّهُ] إِلَيْهِ، وَصَنَعَ بِهِ عَلى مَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، وَلَنْ يَصْنَعَ اللّهُ بِمَنْ صَبَرَ وَرَضِيَ عَنِ اللّهِ إِلَا مَا هُوَ أَهْلُهُ، وَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِمَّا أَحَبَّ وَكَرِهَ.
وَعَلَيْكُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى «الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ»۱ كَمَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ.
وَعَلَيْكُمْ بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ حَقَّرَهُمْ، وَتَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ، فَقَدْ زَلَّ عَنْ دِينِ اللّهِ، وَاللّهُ لَهُ حَاقِرٌ مَاقِتٌ، وَقَدْ قَالَ أَبُونَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أَمَرَنِي رَبِّي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ ۲ ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ ۳ مَنْ حَقَّرَ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَلْقَى اللّهُ عَلَيْهِ الْمَقْتَ مِنْهُ وَالْمَحْقَرَةَ حَتّى يَمْقُتَهُ النَّاسُ، وَاللّهُ لَهُ أَشَدُّ مَقْتاً، فَاتَّقُوا اللّهَ فِي إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمَسَاكِينِ؛ فَإِنَّ لَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً أَنْ تُحِبُّوهُمْ، فَإِنَّ اللّهَ أَمَرَ رَسُولَهُ ۴ صلى الله عليه و آله بِحُبِّهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُحِبَّ مَنْ أَمَرَ اللّهُ بِحُبِّهِ فَقَدْ عَصَى اللّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ عَصَى اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَاتَ عَلى ذلِكَ مَاتَ وَهُوَ مِنَ الْغَاوِينَ.
وَإِيَّاكُمْ وَالْعَظَمَةَ وَالْكِبْرَ؛ فَإِنَّ الْكِبْرَ رِدَاءُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَنْ نَازَعَ اللّهَ رِدَاءَهُ قَصَمَهُ اللّهُ وَأَذَلَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَإِيَّاكُمْ أَنْ يَبْغِيَ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ؛ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ خِصَالِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ بَغى صَيَّرَ اللّهُ بَغْيَهُ عَلى نَفْسِهِ، وَصَارَتْ نُصْرَةُ اللّهِ لِمَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ، وَمَنْ نَصَرَهُ اللّهُ غَلَبَ، وَأَصَابَ الظَّفَرَ مِنَ اللّهِ.
وَإِيَّاكُمْ أَنْ يَحْسُدَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً؛ فَإِنَّ الْكُفْرَ أَصْلُهُ الْحَسَدُ.
وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُعِينُوا عَلى مُسْلِمٍ مَظْلُومٍ، فَيَدْعُوَ اللّهَ عَلَيْكُمْ، وَيُسْتَجَابَ لَهُ فِيكُمْ؛ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كَانَ يَقُولُ: إِنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَلْيُعِنْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً؛ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كَانَ يَقُولُ: إِنَّ مَعُونَةَ الْمُسْلِمِ خَيْرٌ، وَأَعْظَمُ أَجْراً مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَاعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

1.البقرة(۲): ۲۳۸.

2.في الطبعة القديمة وبعض نسخ الكافي: + «منهم».

3.في كلتا الطبعتين وبعض نسخ الكافي: «أنّ».

4.في الحاشية عن بعض النسخ: «نبيّه».


البضاعة المزجاة المجلد الأول
66

وَقَالَ: «أَكْثِرُوا مِنْ أَنْ تَدْعُوا اللّهَ؛ فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَدْعُوهُ، وَقَدْ وَعَدَ اللّهُ ۱ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالِاسْتِجَابَةِ، ۲ وَاللّهُ مُصَيِّرٌ دُعَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُمْ عَمَلاً يَزِيدُهُمْ بِهِ ۳ فِي الْجَنَّةِ.
فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؛ فَإِنَّ اللّهَ أَمَرَ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ لَهُ، وَاللّهُ ذَاكِرٌ لِمَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَا ذَكَرَهُ بِخَيْرٍ، فَأَعْطُوا اللّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمُ الِاجْتِهَادَ فِي طَاعَتِهِ؛ فَإِنَّ اللّهَ لَا يُدْرَكُ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَهُ إِلَا بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ، الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَبَاطِنِهِ؛ فَإِنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ قَالَ فِي كِتَابِهِ وَقَوْلُهُ الْحَقُّ: «وَذَرُوا ظاهِرَ الْاءثْمِ وَباطِنَهُ» . ۴
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَنْ تَجْتَنِبُوهُ فَقَدْ حَرَّمَهُ، وَاتَّبِعُوا آثَارَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَسُنَّتَهُ، فَخُذُوا بِهَا، وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَكُمْ وَآرَاءَكُمْ ۵ فَتَضِلُّوا؛ فَإِنَّ أَضَلَّ النَّاسِ عِنْدَ اللّهِ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَرَأْيَهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللّهِ.
وَأَحْسِنُوا إِلى أَنْفُسِكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ، «فإِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها» ، ۶ وَجَامِلُوا النَّاسَ، وَلَا تَحْمِلُوهُمْ عَلى رِقَابِكُمْ تَجْمَعُوا مَعَ ذلِكَ طَاعَةَ رَبِّكُمْ.
وَإِيَّاكُمْ وَسَبَّ ۷ أَعْدَاءِ اللّهِ حَيْثُ يَسْمَعُونَكُمْ، «فَيَسُبُّوا اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ» ، ۸ وَقَدْ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا حَدَّ سَبِّهِمْ لِلّهِ كَيْفَ هُوَ، إِنَّهُ مَنْ سَبَّ أَوْلِيَاءَ اللّهِ، فَقَدِ انْتَهَكَ سَبَّ اللّهِ، وَمَنْ أَظْلَمُ عِنْدَ اللّهِ مِمَّنِ اسْتَسَبَّ لِلّهِ وَلِأَوْلِيَائِهِ، ۹ فَمَهْلاً مَهْلاً، فَاتَّبِعُوا أَمْرَ اللّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَا بِاللّهِ».
وَقَالَ: «أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْحَافِظُ اللّهُ لَهُمْ أَمْرَهُمْ عَلَيْكُمْ بِآثَارِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَسُنَّتِهِ وَآثَارِ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِنْ بَعْدِهِ وَسُنَّتِهِ؛ ۱۰ فَإِنَّهُ ۱۱ مَنْ أَخَذَ بِذلِكَ فَقَدِ اهْتَدى، وَمَنْ تَرَكَ

1.الإسراء(۱۷): ۷.

2.في الطبعة الجديدة ومعظم النسخ التي قوبلت فيها: ـ «اللّه».

3.في الحاشية عن بعض النسخ: «الاستجابة» بدون الباء.

4.في النسخة «به» مرمّز بـ (خ)، ولم يرد في بعض نسخ الكافي.

5.الأنعام (۶): ۱۲۰.

6.في الحاشية عن بعض النسخ: «ورأيكم».

7.في الحاشية عن بعض النسخ: «وأن تسبّوا» بدل «وسبّ».

8.الأنعام(۶): ۱۰۸.

9.في الطبعة القديمة للكافي: «ولأولياء اللّه».

10.في كلتا الطبعتين وجميع النسخ التي قوبلت في الطبعة الجديدة: «وسنّتهم».

11.في الحاشية عن بعض النسخ: «فإنّ».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109416
صفحه از 630
پرینت  ارسال به