69
البضاعة المزجاة المجلد الأول

عَلَى الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّهُ قَدِ اشْتَرَطَ مَعَ وَلَايَتِهِ وَوَلَايَةِ رَسُولِهِ وَوَلَايَةِ أَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ إِقَامَ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ، وَإِقْرَاضَ اللّهِ قَرْضاً حَسَناً، ۱ وَاجْتِنَابَ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِمَّا فُسِّرَ مِمَّا ۲ حَرَّمَ اللّهُ إِلَا وَقَدْ دَخَلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ: فَمَنْ دَانَ اللّهَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللّهِ مُخْلِصاً لِلّهِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لِنَفْسِهِ فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ هذَا، فَهُوَ عِنْدَ اللّهِ فِي حِزْبِهِ الْغَالِبِينَ، وَهُوَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً.
وَإِيَّاكُمْ وَالْاءِصْرَارَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللّهُ فِي ظَهْرِ الْقُرْآنِ وَبَطْنِهِ، وَقَدْ قَالَ اللّهُ تَعَالى: «وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ»۳ ـ إِلى هاهُنَا رِوَايَةُ قَاسِمِ بْنِ الرَّبِيعِ ـ يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ إِذَا نَسُوا شَيْئاً مِمَّا اشْتَرَطَ اللّهُ فِي كِتَابِهِ، عَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ عَصَوُا اللّهَ فِي تَرْكِهِمْ ذلِكَ الشَّيْءَ، فَاسْتَغْفَرُوا، وَلَمْ يَعُودُوا إِلى تَرْكِهِ، فَذلِكَ مَعْنى قَوْلِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» .
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ وَنَهى لِيُطَاعَ فِيمَا أَمَرَ بِهِ، وَلِيُنْتَهى عَمَّا نَهى عَنْهُ، فَمَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ فَقَدْ أَطَاعَهُ، وَقَدْ أَدْرَكَ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ عِنْدَهُ، وَمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَمَّا نَهَى اللّهُ عَنْهُ فَقَدْ عَصَاهُ، فَإِنَّ مَنْ ۴ مَاتَ عَلى مَعْصِيَتِهِ أَكَبَّهُ اللّهُ عَلى وَجْهِهِ فِي النَّارِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اللّهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَا مَنْ دُونَ ذلِكَ مِنْ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ إِلَا طَاعَتُهُمْ لَهُ، فَخُذُوا ۵ فِي طَاعَةِ اللّهِ إِنْ سَرَّكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ حَقّاً حَقّاً، ۶ وَلَا قُوَّةَ إِلَا بِاللّهِ».
وَقَالَ عليه السلام : «وَ ۷ عَلَيْكُمْ بِطَاعَةِ رَبِّكُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ فَإِنَّ اللّهَ رَبُّكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْاءِسْلاَ مَ هُوَ التَّسْلِيمُ، وَالتَّسْلِيمَ هُوَ الْاءِسْلَامُ، فَمَنْ سَلَّمَ فَقَدْ أَسْلَمَ، وَمَنْ لَمْ يُسَلِّمْ فَلَا إِسْلَامَ لَهُ، وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْلِغَ إِلى نَفْسِهِ فِي الْاءِحْسَانِ فَلْيُطِعِ اللّهَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ أَطَاعَ اللّهَ فَقَدْ أَبْلَغَ إِلى نَفْسِهِ فِي الْاءِحْسَانِ.
وَإِيَّاكُمْ وَمَعَاصِيَ اللّهِ أَنْ تَرْكَبُوهَا؛ فَإِنَّهُ مَنِ انْتَهَكَ مَعَاصِيَ اللّهِ فَرَكِبَهَا، فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الْاءِسَاءَةِ إِلى

1.في الحاشية: «دلّ على أنّ الإيمان هو التصديق بالولايات المذكورة، وأنّ الأعمال خارجة عنه، شروط لكماله». شرح المازندراني، ج۱۱، ص۱۹۸.

2.في الحاشية: «بيان بما فسّر، أوبشيء».

3.آل عمران(۳): ۱۳۵.

4.في كلتا الطبعتين وأكثر نسخ الكافي: «فإنْ» بدل «فإنّ من».

5.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي الحاشية عن بعض النسخ وكلتا الطبعتين: «فاجتهدوا». وفي حاشية اُخرى لها وبعض نسخ الكافي: «فجدّوا».

6.في الحاشية عن بعض النسخ: + «ولا حول».

7.الواو في النسخة مرمّز بـ (خ)، ولم يرد في بعض نسخ الكافي.


البضاعة المزجاة المجلد الأول
68

وَإِيَّاكُمْ وَإِعْسَارَ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِكُمُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ تُعْسِرُوهُ بِالشَّيْءِ يَكُونُ لَكُمْ قِبَلَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ؛ فَإِنَّ أَبَانَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُعْسِرَ مُسْلِماً، وَمَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَظَلَّهُ اللّهُ بِظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَا ظِلُّهُ.
وَإِيَّاكُمْ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ الْمُفَضَّلَةُ عَلى مَنْ سِوَاهَا، وَحَبْسَ حُقُوقِ اللّهِ قِبَلَكُمْ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ، وَسَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ؛ فَإِنَّهُ مَنْ عَجَّلَ حُقُوقَ اللّهِ قِبَلَهُ كَانَ اللّهُ أَقْدَرَ عَلَى التَّعْجِيلِ لَهُ إِلى مُضَاعَفَةِ الْخَيْرِ فِي الْعَاجِلِ وَالْاجِلِ، وَإِنَّهُ مَنْ أَخَّرَ حُقُوقَ اللّهِ قِبَلَهُ كَانَ اللّهُ أَقْدَرَ عَلى تَأْخِيرِ رِزْقِهِ، وَمَنْ حَبَسَ اللّهُ رِزْقَهُ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَرْزُقَ نَفْسَهُ، فَأَدُّوا إِلَى اللَّهِ حَقَّ مَا رَزَقَكُمْ يُطَيِّبِ [اللّهُ] لَكُمْ بَقِيَّتَهُ، وَيُنْجِزْ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنْ مُضَاعَفَتِهِ لَكُمُ الْأَضْعَافَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي لَا يَعْلَمُ عَدَدَهَا وَلَا كُنْهَ فَضْلِهَا إِلَا اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ».
وَقَالَ: «اتَّقُوا اللّهَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ، وَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْكُمْ مُحْرِجُ الْاءِمَامِ؛ فَإِنَّ مُحْرِجَ الْاءِمَامِ هُوَ الَّذِي يَسْعى بِأَهْلِ الصَّلَاحِ مِنْ أَتْبَاعِ الْاءِمَامِ، الْمُسَلِّمِينَ لِفَضْلِهِ، الصَّابِرِينَ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ، الْعَارِفِينَ بِحُرْمَتِهِ ۱ ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ نَزَلَ بِذلِكَ الْمَنْزِلِ عِنْدَ الْاءِمَامِ فَهُوَ مُحْرِجُ الْاءِمَامِ، فَإِذَا فَعَلَ ذلِكَ عِنْدَ الْاءِمَامِ أَحْرَجَ الْاءِمَامَ إِلى أَنْ يَلْعَنَ أَهْلَ الصَّلَاحِ مِنْ أَتْبَاعِهِ، الْمُسَلِّمِينَ لِفَضْلِهِ، الصَّابِرِينَ عَلى أَدَاءِ حَقِّهِ، الْعَارِفِينَ بِحُرْمَتِهِ، فَإِذَا لَعَنَهُمْ لِاءِحْرَاجِ أَعْدَاءِ اللّهِ الْاءِمَامَ صَارَتْ لَعْنَتُهُ رَحْمَةً مِنَ اللّهِ عَلَيْهِمْ، وَصَارَتِ اللَّعْنَةُ مِنَ اللّهِ وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ وَرُسُلِهِ عَلى أُولئِكَ.
وَاعْلَمُوا أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ أَنَّ السُّنَّةَ مِنَ اللّهِ قَدْ جَرَتْ فِي الصَّالِحِينَ قَبْلُ».
وَقَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللّهَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقّاً حَقّاً، فَلْيَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، وَلْيَبْرَأْ إِلَى اللّهِ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَيُسَلِّمُ لِمَا انْتَهى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِهِمْ؛ لِأَنَّ فَضْلَهُمْ لَا يَبْلُغُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا مَنْ دُونَ ذلِكَ؛ أَ لَمْ تَسْمَعُوا مَا ذَكَرَ اللّهُ مِنْ فَضْلِ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، قَالَ: «فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً» . ۲
فَهذَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ فَضْلِ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ، فَكَيْفَ بِهِمْ وَفَضْلِهِمْ؟!
وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُتِمَّ اللّهُ لَهُ إِيمَانَهُ حَتّى يَكُونَ مُؤْمِناً حَقّاً حَقّاً، فَلْيَفِ لِلَّهِ ۳ بِشُرُوطِهِ الَّتِي اشْتَرَطَهَا

1.في الطبعة القديمة للكافي: «لحرمته».

2.النساء(۴): ۶۹.

3.في الحاشية عن بعض النسخ والطبعة الجديدة ومعظم النسخ التي قوبلت فيها: «فليتّق اللّه».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109303
صفحه از 630
پرینت  ارسال به