73
البضاعة المزجاة المجلد الأول

بِمَعْصِيَةِ اللّهِ وَمَعْصِيَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه و آله ، لِيَحِقَّ اللّهُ ۱ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَلِيَتِمَّ أَنْ تَكُونُوا مَعَ نَبِيِّ اللّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وَالرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ، فَتَدَبَّرُوا مَا قَصَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِهِ مِمَّا ابْتَلى بِهِ أَنْبِيَاءَهُ وَأَتْبَاعَهُمُ الْمُؤْمِنِينَ، ۲ ثُمَّ سَلُوا اللّهَ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الصَّبْرَ عَلَى الْبَلَاءِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، ۳ وَالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ مِثْلَ الَّذِي أَعْطَاهُمْ.
وَإِيَّاكُمْ وَمُمَاظَّةَ أَهْلِ الْبَاطِلِ، وَعَلَيْكُمْ بِهُدَى الصَّالِحِينَ، ۴ وَوَقَارِهِمْ وَسَكِينَتِهِمْ وَحِلْمِهِمْ ۵ وَتَخَشُّعِهِمْ، وَوَرَعِهِمْ عَنْ مَحَارِمِ اللّهِ، وَصِدْقِهِمْ وَوَفَائِهِمْ، وَاجْتِهَادِهِمْ لِلّهِ فِي الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ؛ فَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ذلِكَ ۶ لَمْ تُنْزَلُوا عِنْدَ رَبِّكُمْ مَنْزِلَةَ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً شَرَحَ صَدْرَهُ لِلْاءِسْلَامِ، فَإِذَا أَعْطَاهُ ذلِكَ نَطَقَ ۷ لِسَانُهُ بِالْحَقِّ، وَعَقَدَ قَلْبَهُ عَلَيْهِ، فَعَمِلَ بِهِ، فَإِذَا جَمَعَ اللّهُ لَهُ ذلِكَ تَمَّ لَهُ إِسْلَا مُهُ، وَكَانَ عِنْدَ اللّهِ إِنْ مَاتَ عَلى ذلِكَ الْحَالِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَقّاً، وَإِذَا لَمْ يُرِدِ اللّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً وَكَلَهُ إِلى نَفْسِهِ، وَكَانَ صَدْرُهُ ضَيِّقاً حَرَجاً، فَإِنْ ۸ جَرى عَلى لِسَانِهِ حَقٌّ لَمْ يُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُعْطِهِ اللّهُ الْعَمَلَ بِهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ ذلِكَ عَلَيْهِ حَتّى يَمُوتَ ـ وَهُوَ عَلى تِلْكَ الْحَالِ ـ كَانَ عِنْدَ اللّهِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَصَارَ مَا جَرى عَلى لِسَانِهِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي لَمْ يُعْطِهِ اللّهُ أَنْ يُعْقَدَ قَلْبُهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُعْطِهِ الْعَمَلَ بِهِ حُجَّةً عَلَيْهِ ۹ ، فَاتَّقُوا اللّهَ، وَسَلُوهُ أَنْ يَشْرَحَ صُدُورَكُمْ لِلْاءِسْلَامِ، وَأَنْ يَجْعَلَ أَلْسِنَتَكُمْ تَنْطِقُ بِالْحَقِّ، حَتّى يَتَوَفَّاكُمْ وَأَنْتُمْ عَلى ذلِكَ، وَأَنْ يَجْعَلَ مُنْقَلَبَكُمْ مُنْقَلَبَ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَلَا قُوَّةَ إِلَا بِاللّهِ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

1.في كلتا الطبعتين وأكثر نسخ الكافي: ـ «اللّه».

2.في الحاشية: «يظهر ذلك بالتأمّل في أحوال الماضين من المؤمنين كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء؛ كانوا أثقل الخلائق عناء، وأجهدهم بلاء، وأضيقهم حالاً، وأقلّهم مالاً، اتّخذهم الفراعنة عبيداً، وآذوهم شديداً، وساموهم سوء العذاب، وراموهم إلى أشدّ العقاب، فلم تبرح الحال بهم في الهلكة وقهر الغلبة، لا يجدون حيلة في امتناع، ولا وسيلة إلى دفاع، وقد جرت سنّة اللّه في عباده الصالحين بالاختبار والامتحان والتمحيص، وما يلقّاها إلّا الصابرون الفائزون، وهم خير عاقبة عند اللّه تعالى في الدنيا والآخرة، وهم المؤمنون المفلحون، فتأسّ بهم عند نزول البلاء، وقُل: مَرحباً بشعار الصالحين. صالح». شرح المازندراني، ج۱۱، ص۲۱۰.

3.في الحاشية: «والضرّاء: الحالة التي تضرّ، وهي نقيض السرّاء. صالح». شرح المازندراني، ج۱۱، ص۲۱۰.

4.في الحاشية: «أي بسيرتهم».

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «و حملهم».

6.في الحاشية: «أي المذكور من الصبر وبعده».

7.في الطبعة القديمة للكافي: «أنطق».

8.في الحاشية عن بعض النسخ: «وإن».

9.في الطبعة القديمة للكافي: + «يوم القيامة».


البضاعة المزجاة المجلد الأول
72

إِلَيْهِ الشَّرَّ، وَيُبَاعِدَهُ مِنْهُ، ۱ وَمَنْ كَرَّهَ اللّهُ إِلَيْهِ الشَّرَّ، وَبَاعَدَهُ عَنْهُ، ۲ عَافَاهُ اللّهُ مِنَ الْكِبْرِ أَنْ يَدْخُلَهُ وَالْجَبْرِيَّةِ، فَلَانَتْ ۳ عَرِيكَتُهُ، وَحَسُنَ خُلُقُهُ، وَطَلُقَ وَجْهُهُ، وَصَارَ عَلَيْهِ وَقَارُ الْاءِسْلَامِ وَسَكِينَتُهُ وَتَخَشُّعُهُ، وَوَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللّهِ، وَاجْتَنَبَ مَسَاخِطَهُ، وَرَزَقَهُ اللّهُ مَوَدَّةَ النَّاسِ وَمُجَامَلَتَهُمْ، وَتَرْكَ مُقَاطَعَةِ النَّاسِ وَالْخُصُومَاتِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا وَلَا مِنْ أَهْلِهَا فِي شَيْءٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا ۴ كَانَ اللّهُ خَلَقَهُ فِي الْأَصْلِ ـ أَصْلِ الْخَلْقِ ـ كَافِراً لَمْ يَمُتْ حَتّى يُحَبِّبَ اللّهُ ۵ إِلَيْهِ الشَّرَّ، وَيُقَرِّبَهُ مِنْهُ، فَإِذَا حَبَّبَ إِلَيْهِ الشَّرَّ، وَقَرَّبَهُ مِنْهُ، ابْتُلِيَ بِالْكِبْرِ وَالْجَبْرِيَّةِ، فَقَسَا قَلْبُهُ، وَسَاءَ خُلُقُهُ، وَغَلُظَ وَجْهُهُ، وَظَهَرَ فُحْشُهُ، وَقَلَّ حَيَاؤُهُ، وَكَشَفَ اللّهُ سِتْرَهُ، ۶ وَرَكِبَ الْمَحَارِمَ، فَلَمْ يَنْزِعْ عَنْهَا، وَرَكِبَ مَعَاصِيَ اللّهِ، وَأَبْغَضَ طَاعَتَهُ وَأَهْلَهَا، فَبُعْدٌ مَا بَيْنَ حَالِ الْمُؤْمِنِ وَحَالِ الْكَافِرِ، سَلُوا اللّهَ الْعَافِيَةَ، وَاطْلُبُوهَا إِلَيْهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَا بِاللّهِ.
صَبِّرُوا النَّفْسَ عَلَى الْبَلَاءِ فِي الدُّنْيَا؛ ۷ فَإِنَّ تَتَابُعَ الْبَلَاءِ فِيهَا، وَالشِّدَّةَ فِي طَاعَةِ اللّهِ وَوَلَايَتِهِ وَوَلَايَةِ مَنْ أَمَرَ بِوَلَايَتِهِ خَيْرٌ عَاقِبَةً عِنْدَ اللّهِ فِي الْاخِرَةِ مِنْ مُلْكِ الدُّنْيَا، وَإِنْ طَالَ تَتَابُعُ نَعِيمِهَا وَزَهْرَتِهَا وَغَضَارَةُ عَيْشِهَا فِي مَعْصِيَةِ اللّهِ وَوَلَايَةِ مَنْ نَهَى اللّهُ عَنْ وَلَايَتِهِ وَطَاعَتِهِ؛ فَإِنَّ اللّهَ أَمَرَ بِوَلَايَةِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللّهُ ۸ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ: «وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا» ، ۹ وَهُمُ الَّذِينَ أَمَرَ اللّهُ بِوَلَايَتِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ، وَالَّذِينَ نَهَى اللّهُ عَنْ وَلَايَتِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ، وَ ۱۰ هُمْ أَئِمَّةُ الضَّلَالَةِ الَّذِينَ قَضَى اللّهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ دُوَلٌ ۱۱ فِي الدُّنْيَا عَلى أَوْلِيَاءِ اللّهِ، الْأَئِمَّةِ ۱۲ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، يَعْمَلُونَ فِي دُولَتِهِمْ

1.في الطبعة الجديدة ومعظم النسخ التي قوبلت فيها: ـ «اللّه».

2.الواو في النسخة مرمّز بـ (خ)، ولم يرد في بعض نسخ الكافي.

3.في الحاشية عن بعض النسخ وكلتا الطبعتين وأكثر نسخ الكافي: «عنه».

4.في الحاشية عن بعض النسخ: «منه».

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «ولانت».

6.في الحاشية عن بعض النسخ: «إن».

7.في كلتا الطبعتين وأكثر نسخ الكافي: ـ «اللّه».

8.في الحاشية عن بعض النسخ: «سرّه».

9.في الحاشية: «وممّا يُسهّل الصبرَ النظرُ فيما ورد على الصلحاء من البلاء ممّا يعجز من إدراك كمّيّته عقول الأعلام، وعن بيان كيفيّته لسان الأحكام، من تدبّر فيه وفي حسن عاقبته وصبرهم عليه، تيقّن أنّ ذلك ليس لأجل استحقاقهم واستحقارهم، بل لرفع درجتهم وإعلاء منزلتهم تلقاء بالقبول تأسّياً بهم. صالح». شرح المازندراني، ج۱۱، ص۲۰۸.

10.الأنبياء(۲۱): ۷۳.

11.في الحاشية: «دول مثلّثة، جمع دُولة ـ بالضمّ ـ في المال والجاه، وبالفتح في الحرب. وقيل: هما فيهما سواء. صالح». شرح المازندراني، ج۱۱، ص۲۰۹.

12.في الحاشية: «صفةُ أولياء اللّه».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109121
صفحه از 630
پرینت  ارسال به