والتقصير في الحقوق خوفاً من اللوم، وقد يتخلّق به من لم يُجبل عليه، وهو الحياء المكتسب، وإطلاقه على ما هو مبدأ الانفعال عن ترك الإتيان بالحقوق، وارتكاب ما يذمّ به على سبيل التجوّز.
(والتنزّه عمّا تنزّه الصالحون قبلكم) .
لعلّ المراد بالصالحين ما يعمّ الأنبياء والمرسلين، وبما تنزّهوا عنه فعلَ المَنهيّات وترك المأمورات، والتخلّقَ بالأخلاق الرديّة والآدابِ الذميمة، وارتكابَ فضول الدنيا ممّا لا حاجة لهم إليها.
(والمُجاملة) .
في بعض النسخ بالجيم، وهي المُعاملة بالجميل. وفي بعضها بالحاء المهملة، ولعلّه بمعنى التحمّل، وهو تكلّف الحمل ومُقاساة ۱ شدائده.
وكان قوله: (تحمّلوا الضَّيم) بيان للمجاملة.
و«الضَّيم»: الظلم، أي لا تقابلوهم بالانتقام؛ فإنّ الانتقام منهم في دولة الباطل يوجب مضاعفة الظلم عليكم؛ لضعفكم وقلّة ناصركم.
(وإيّاكم ومُماظَّتهم)
المُماظّة: المُشارّة والمنازعة وملازمة الخصم، وكأنّه عليه السلام حذّر عن مشارّتهم والدخول في مشهورتهم، أو عن منازعتهم وطول اللزوم في مخاصمتهم في الاُمور كلّها؛ لأنّها تميت القلب، وتُثير العداوة والفتن، وتوجب اضطراب القلب باستماع الشبهات، وهي مذمومة مع أهل الحقّ، فكيف مع أهل الباطل في دولتهم؟! أمّا نصيحة من استنصح منهم، واستعدّ لقبولها، فيكفيه أدنى الإشارة وأقلّ البيان، و[إن ]لم يستعدّ لذلك لم ينفعه السيف والسنان.
(دِينوا فيما بينكم وبينهم) من الاُمور المختلفة التي يجب فيها التقيّة.
والدِّين بالكسر: العادة والعبادة والمواظبة، أي عوّدوا أنفسكم بالتقيّة، أو اعبدوا اللّه، وأطيعوه بها، أو واظبوا عليها.
وقوله: (إذا أنتم ... ) ظرف لقوله: «دينوا».