81
البضاعة المزجاة المجلد الأول

إلخ، متّصل بقوله فيما بعد: «ومكرهم»، هكذا: «ولا يردّنّكم عن النصر بالحقّ الذي خَصّكم اللّه به من حيلة شياطين الإنس ومكرهم، وحيلهم وساوس بعضهم إلى بعض» إلخ.
وقوله: «لا صبر لهم على شيء» متّصل بقوله فيما بعد: «من اُموركم»، هكذا: «ولا صبر لهم على شيء من اُموركم، تدفعون أنتم السيّئة» إلخ، وهو الصواب، وسنشير في كلّ موضع من مواضع الاختلاف، ثمّ ننقل الحديث بتمامه على ترتيب النسخة المشار إليها تسهيلاً ليتبيّن ۱ لك صحّتها واختلال نظم النسخ المشهورة.
(فإنّ أعداء اللّه إن استطاعوا صدّوكم عن الحقّ) .
قيل: هذا تعليل لسابقه؛ إذ اهتمامهم بالصدّ المتوقّف على الاستطاعة يقتضي الاجتهاد في تحصيلها من كلّ وجه سيّما التعاون. ۲
(يعصمكم اللّه من ذلك) جزاء ودعاء وإشارة إلى أنّهم لن يصلوا بحيلهم إلى مَرامهم مع عصمة اللّه وحفظه ودفاعه.
(فاتّقوا اللّه) فيما نهاكم عنه؛ فإنّ «مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً» ، ۳ و «إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» . ۴
(وكفّوا ألسنتكم إلّا من خير) .
هو ما ينفع في الآخرة، أو في الدنيا أيضاً بشرط أن لا يكون مخالفاً للعقل والنقل، وبه يخرج غير النافع وإن كان مباحاً.
(وإيّاكم أن تَذلُقوا ألسنتكم) أي تحدّوها.
قال الجوهري:
الذَّلَق بالتحريك: القَلَق، وقد ذَلِقَ ـ بالكسر ـ وأذلَقتُه أنا، وذَلِقَ اللسان ـ بالكسر ـ يَذْلَقُ ذَلقاً، أي ذَرِبَ، وكذلك السنان، وخَطيبٌ ذَلِقٌ وذَليقٌ، وكلّ مُحدَّد الطرَف مُذَلَّق. ۵
وفي بعض النسخ: «تَزْلُقُوا» بالزاي المعجمة. قال الفيروزآبادي: «زَلَقَ، كفرج ونصر: ذَلَّ، وزَلَقَه عن مكانه، يَزْلِقُه: بعّده ونحّاه، وفلاناً: أزلّه، كأزلقه» ۶ .

1.القائل هو المحقّق المازندراني في شرحه، ج۱۱، ص۱۷۸.

2.كذا.

3.الطلاق(۶۵): ۲.

4.التوبة(۹): ۴ و۷.

5.الصحاح، ج۴، ص۱۴۷۹ (وسوس).

6.القاموس المحيط، ج۳، ص۲۴۲ (زلق).


البضاعة المزجاة المجلد الأول
80

وقوله: (فتُجاملونهم) بالجيم.
وفي بعض النسخ بالحاء المهملة. وكذا قوله: «وهم لا مُجاملة لهم».
وكأنّ قوله: «وتصبرون عليهم» بيان للمجاملة؛ فإنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ أعطى أهل الحقّ خصالاً شريفة منها المُجاملة، وهي لا تحصل إلّا بالمصابرة كما لا يخفى.
(وهم لا مُجاملة لهم، ولا صبر لهم على شيء)؛ لفقدهم الفضائل وحرمانهم منها.
قيل: من المعلوم أنّ بقاء المخالطة متوقّف على الصبر والمجاملة من الطرفين، أو من أحدهما، وهما لا يتصوّران فيهم لما ذكر، فوجبا عليكم؛ لأنّهما مطلوبان منكم لعلمكم بأنّ فيهما فوائد كثيرة كنجدة النفس، وإبقاء النظام، وحوالة الانتقام إلى الملك العلّام، وترقّب أجر الصبر، وتوقّع الأمن من القتل والنَهب والأسر، سيّما مع قوّة الظالم وتوقّع رقّته ورحمته بمشاهدة العجز والانكسار، ولذا صبر جميع الأنبياء والأولياء على أذى الجُهلاء والأشقياء. ۱
(وحيلهم وسواس ۲ بعضهم إلى بعض) .
الحيله بالكسر: الاسم من الاحتيال، وهو المكر والرويّة ۳ في الاُمور، والتصرّف فيها للتوصّل بها إلى المقصود.
قال الفيروزآبادي: «الوسوسة: حديث النفس والشيطان بما لا نفع فيه ولا خير، كالوِسواس بالكسر، والاسم بالفتح، وقد وسوس له وإليه». ۴
وقيل: لعلّ المراد بقوله: «وحيلهم وسواس» إلخ، أنّ حيلتكم في دفع ضررهم المجاملة والصبر على أذاهم والتقيّة، وهم لا يقدرون على الصبر، ولا على صدّكم عن الحقّ، فليس لهم حيلة إلّا وسوسة بعضهم إلى بعض في إيذائكم والإغراء بكم.
ثمّ اعلم أنّه يظهر من بعض النسخ المصحّحة اختلال نظم هذا الحديث وترتيبه في النسخ المشهورة بتقديم بعض الورقات وتأخير بعضها، وفي تلك النسخة قوله: «وحيلهم»

1.القائل هو المحقّق المازندراني في شرحه، ج۱۱، ص۱۷۸.

2.في الحاشية: «الوسواس بالكسر: الوسوسة، وبالفتح: مرض يحدث من غلبة السوداء يغلط معه النفس. منه». راجع: شرح المازندراني، ج۱۲، ص۴۵.

3.الرويّة في الأمر: أن تنظر ولا تعجل. لسان العرب، ج۱۴، ص۳۵۰ (روي).

4.القاموس المحيط، ج۲، ص۲۵۷ (وسوس).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108894
صفحه از 630
پرینت  ارسال به