109
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

فقلت : فكيف تخرج؟
فقال : «أما ترى الشمس في السماء في موضعها وضوؤها وشعاعها في الأرض ، فكذلك الروح أصلها في البدن وحركتها ممدودة» . ۱
وروى أيضا عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه ، عن يعقوب بن زيد، عن بعض أصحابه، عن زكريّا بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «إنّ العباد إذا ناموا، خرجت أرواحهم إلى السماء، فما رأت الروح في السماء فهو الحقّ، وما رأت في الهواء فهو الأضغاث الأحلام؛ [ألا] وإنّ الأرواح جنود مجنّدة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف . فإذا كانت الروح في السماء تعارفت وتباغضت ، فإذا تعارفت في السماء تعارفت في الأرض ، وإذا تباغضت في السماء تباغضت في الأرض» . ۲
وروى أيضا عن أبيه ، عن سعد ، عن محمّد بن الحسين، عن عيسى بن عبداللّه ، عن أبيه عبداللّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليه السلام ، قال : «سألت رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن الرجل ينام فيرى الرؤيا، فربّما كانت حقّا، وربّما كانت باطلاً؟
فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يا عليّ، ما من عبدٍ ينام إلّا عُرج بروحه إلى ربّ العالمين، فما رأى عند ربّ العالمين فهو حقّ ، ثمّ إذا أمر اللّه العزيز الجبّار بردّ روحه إلى جسده، فصارت الروح بين السماء والأرض، فما رأته فهو أضغاث أحلام» . ۳
ومنها ما هو بسبب إفاضة اللّه تعالى عليه في منامه؛ إمّا بتوسّط الملائكة، أو بدونه، كما يؤمي إليه خبر أبي بصير، وخبر سعد بن أبي خلف .
ومنها ما هو بسبب وساوس الشياطين واستيلائهم عليه بسبب المعاصي التي عملها في اليقظة، أو الطاعات التي تركها، أو الكثافات والنجاسات الظاهريّة والباطنيّة التي لوّث نفسه بها، كما رواه الصدوق في أماليه عن أبيه، بإسناده عن عليّ بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن

1.الأمالي للصدوق ، ص ۲۰۹ ، ح ۲۳۱. وعنه في بحار الأنوار، ج ۵۸ ، ص ۳۲، ح ۶ .

2.الأمالي للصدوق ، ص ۲۰۹ ، ح ۲۳۲ ؛ روضة الواعظين ، ص ۴۹۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۵۸ ، ص ۳۱ ، ح ۴ (وفيه عن الأمالي).

3.الأمالي للصدوق ، ص ۲۰۹ ، ح ۲۳۳ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
108

بالجسد بنفسها من غير جسد مثالي .
وعلى تقدير التجسّم أيضا يحتمل ذلك، كما يؤمي إليه بعض الأخبار بأن يكون حركتها كناية عن إعراضها عن هذا الجسد ، وإقبالها إلى عالم آخر، وتوجّهها إلى نشأة اُخرى ، وبعد حركتها ـ بأيّ معنى كانت ـ ترى أشياء في الملكوت الأعلى، وتطالع بعض الألواح التي أثبتت فيها التقديرات، فإن كان لها صفاء، ولعينها ضياء، ترى الأشياء كما أُثبت، فلا يحتاج رؤياه إلى تعبير . وإن استدلّت على عين قلبه أغطية من التعلّقات الجسمانيّة والشهوات النفسانيّة، فيرى الأشياء بصورة شبيهة لها ، كما أنّ ضعيف البصر ومؤوف العين يرى الأشياء على غير ما هي، والعارف بعلّته يعرف أنّ هذه الصور المشبهة التي اشتبهت عليه صورة لأيّ شيء ، فهذا شأن المعبّر العارف بدأ كلّ شيء وعلّته ، ويمكن أن يُظهر اللّه عليه الأشياء في تلك الحالة بصور يناسبها لمصالح كثيرة ، كما أنّ الإنسان قد يرى المال في نومه بصورة حيّة ، وقد يرى الدراهم بصورة عذرة؛ ليعرف أنّهما يضرّان، وهما مستقذران واقعا، فينبغي أن يتحرّز عنهما ويتجنّبهما ، وقد يرى في الهواء أشياء، فهي الرؤيا الكاذبة التي لا حقيقة لها .
ويحتمل أن يكون المراد بما يراه في الهواء ما أنس به من الاُمور المألوفة والشهوات والخيالات الباطلة .
ويدلّ على هذين النوعين ما رواه الصدوق في أماليه ، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد وعبداللّه ابني محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين ، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن القاسم النوفلي ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : المؤمن قد يرى الرؤيا، فتكون كما رآها ، وربّما رأى الرؤيا فلا تكون شيئا؟
فقال : «إنّ المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة صاعدة إلى السماء، فكلّ ما رآه روح المؤمن في ملكوت السماء في موضع التقدير والتدبير فهو الحقّ ، وكلّ ما رآه في الأرض فهو أضغاث أحلام» .
فقلت له : أوَ تصعد روح المؤمن إلى السماء؟!
قال : «نعم» .
قلت : حتّى لا يبقى منها شيء في بدنه؟
فقال : «لا ، لو خرجت كلّها حتّى لا يبقى منها شيء، إذا لمات» .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 189839
صفحه از 624
پرینت  ارسال به