121
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

أقول : لعلّ سعة الخاتم وخرق الإبرة كناية عن القلّة، وحينئذٍ لا يحتاج إلى التوجيه المذكور، مع كونه بعيدا .
وقوله : (فعتت على الخُزّان) .
في القاموس: «عَتا عُتُوّا وعُتيّا وعِتيّا: استكبر، وجاوز الحدّ، فهو عاتٍ» ۱ . وفيه: «خَزن المال: أحرزه» . ۲
وقوله : (مَنخر الثَّور) .
في القاموس : «المنخر ـ بفتح الميم والخاء، وبكسرهما وضمّهما، وكمجلس ـ : الأنف. [ونُخرة الأنف:] مقدّمته، أو خرقه، أو ما بين المنخرين، أو أرنَبَتُهُ» . ۳
وقوله : (تَغَيّظا منها) .
التغيّظ: الغضب . قيل : دلّ هذا على أنّ لها شُعورا وإدراكا، فلا حاجة إلى التأويل في نسبة التغيّظ والعتوّ إليها، ولا في نسبة الخطاب والأمر . ۴
وقوله : (فضجّ الخُزّان) .
قال الجوهري : «أضجَّ القومُ إضْجاجا، إذا جلبوا وصاحوا، فإذا جزعوا من شيء وغُلِبوا، قيل: ضجّوا يضجُّون ضجيجا» . ۵
وقوله : (تُهلك) على صيغة المؤنّث الغائبة من الإهلاك، وفاعله: الريح .
وقوله : (وعُمّار بلادك) عطف على الموصول؛ أي الذين يعمرون بلادك ، من قولهم: عمر اللّه منزلك، كنصر؛ أي جعله أهلاً معمورا . أو الذين يلزمون بلادك ويسكنونها . يُقال : عمر بيته عمارة وعُمورا؛ أي لزمه. أو الذين يعيشون فيها، من قولهم : عَمِر ـ كفرح ـ عُمرا وعُمُرا؛ أي عاش طويلاً .
وقوله : (بحضرتهم) أي في فنائهم وقربهم ممّن كان يشركهم في معصيتهم من غير قبيلتهم .

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۵۹ (عتو) مع اختلاف يسير.

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۱۹ (خزن) .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۳۹ (نخر) .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۶ و ۷ .

5.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۲۶ (ضجج) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
120

ـ حتّى انتهى إلى ساحل البحر، فإذا سفينة قد شحنت، وأرادوا أن يدفعوها، فسألهم يونس أن يحملوه، فحملوه، فلمّا توسّطوا البحر بعث اللّه حوتا عظيما، فحبس عليهم السفينة [من قدّامها]، فنظر إليه يونس، ففزع، فصار إلى مؤخّر السفينة، فدار إليه الحوت، وفتح فاه، فخرج أهل السفينة، فقالوا: فينا عاصٍ، فتساهموا، فخرج سهم يونس، وهو قول اللّه عزّ وجلّ : «فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ»۱ ، فأخرجوه، فألقوه في البحر، فالتقمه الحوت، ومرَّ به في الماء» ۲ انتهى .
وقال البيضاوي :
روي أنّ يونس عليه السلام بعث إلى أهل نينوى ـ وهي بكسر الأوّل: قرية بالموصل ـ فكذّبوه، فوعدهم بالعذاب إلى ثلاث. [وقيل : إلى ثلاثين] . وقيل: إلى أربعين. فذهب عنهم مغاضبا ، فلمّا دنا الموت أغامت السماء غيما أسود ذا دخان شديد، فهبط حتّى غشي مدينتهم، وتسوّد سطوحهم، فهابوا، فطلبوا يونس، فلم يجدوه، فأيقنوا صدقه، فلبسوا المسوح، وبرزوا إلى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابّهم، وفرّقوا بين النساء والصبيان، وبين الدوابّ وأولادها، فحنَّ بعضها إلى بعض، وعلت أصواتهم وعجيجهم، وأظهروا الإيمان، وأخلصوا التوبة، وتضرّعوا إلى اللّه ، فرحمهم، وكشف عنهم، وكان يوم عاشوراء يوم الجمعة . ۳
وقوله : (لا تُلقح شيئا ...) من قولهم: ألْقَح الفحلُ الناقةَ ، والريحُ السحابَ والشجر .
وقيل: ذلك لشدّة حرّها من فيح جهنّم ، واشتمالها على النار المهلكة لهما . ۴
وقوله : (مقدار سَعَة الخاتَم) .
قيل : لعلّ هذا المقدار أعلى المقادير المقدّرة لخروج الريح المهلكة لعاد، وأدناها مثل خرق الإبرة ـ كما ورد في بعض الأخبار ـ ثمّ خرجت بعد العتوّ على المقادير الأدنى، فلا منافاة . ۵

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۶ .

2.الصافّات (۳۷) : ۱۴۱ .

3.تفسير القمّي ، ج ۱ ، ص ۳۱۷ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۱۴ ، ص ۳۸۰ ، ح ۲ .

4.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۲۱۵ (مع اختلاف وزيادة) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 161292
صفحه از 624
پرینت  ارسال به