13
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

(ويحك ۱ ابن آدم الغافل)؛ منصوب على أنّه صفة ابن آدم ؛ أي الغافل عمّا يُراد منه ويفعل به .
(وليس بمغفول عنه) ؛ لعلمه تعالى بما يصدر عنه ، بل بما يخطر بباله ، مع أنّ عليه من الحافظين كراما كاتبين، يعملون ما يفعل .
(إنّ أجلك أسرعُ شيء إليك) .
في القاموس: «الأجل، محرّكة: غاية الوقت في الموت، ومدّة الشيء» ۲ . والظاهر هنا المعنى الأوّل . وقيل : الثاني ، كالمسافة للأوّل، والإنسان يقطعها بأقدام الآنات والأنفاس، فبمرور كلّ آنٍ ونَفَسٍ يقرب منه، وليس شيء أسرع من مرورهما . ۳
وقوله : (حثيثا) أي مُسرِعا حريصا .
(ويوشِك أن يدركك) أي الأجل؛ لأنّ الطالب السريع في الزمان اليسير والمسافة القليلة كان قريب الوصول وسريع الحصول .
وفيه تذكير للموت، وترغيب فيما ينفع من العمل لما بعده آنا فآنا، لئلّا تكون ميتة على غير عُدّة .
(وكأن قد أوفيتَ أجلك) .
الظاهر أنّ «كأن» مخفّف «كأنّ». واحتمال كونه من الأفعال الناقصة بعيد .
و«أوفيت» على بناء الفاعل، أو المفعول . قال الفيروزآبادي : «وفى الشيء: تمّ وكثر . وأوفى فلانا حقّه: أعطاه وافيا . وأوفيت القوم: أتيتهم . وأوفى عليه: أشرف» . ۴
(وقبض المَلك روحَك) .
«ملك» بفتح اللّام؛ أي ملك الموت. أو بكسرها؛ أي ملك الملوك تعالى شأنه . ۵
وقوله : (وحيدا) أي متفرّدا بلا رفيق ولا أنيس من معارفك وأقربائك . يُقال : رجلٌ وَحَدٌ

1.في المتن الذي ضبطه الشارح رحمه اللهسابقا : + «يا» .

2.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۲۷ (أجل) .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۰۶ .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۴۰۱ (وفي) .

5.قال المحقّق المازندراني رحمه الله : «إمّا بسهولة ، أو بصعوبة باعتبار التفاوت في الإيمان والأخلاق والأعمال ، ولا يبعد أن يجعل هذا وجه الجمع بين الروايات المختلفة في صعوبة قبض الروح وسهولته» .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
12

وقيل : الوعظ: الأمر بالطاعة والوصيّة بها . وقيل : هو تذكير مشتمل على زجر وتخويف، وحَمْل على طاعة اللّه بلفظ يرقّ له القلب . ۱
وقوله : (فتجد كلّ نفس) إلى آخره ، إشارة إلى قوله تعالى : «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدا بَعِيدا وَيُحَذِّرُكُمْ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ» . ۲
قال البيضاوي :
«يَوْمَ» منصوب ب «تَوَدُّ» ؛ أي يتمنّى كلّ نفس يومَ تجد صحائف أعمالها، أو جزاء أعمالها من الخير والشرّ حاضرة، لو أنّ بينها وبين ذلك اليوم وهَوْله «أَمَدا بَعِيدا» . أو بمضمرٍ، نحو اُذكر . و «تَوَدُّ» حال من الضمير في «عملت»، أو خبر ل «مَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ» . و«تجد» مقصور على «مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ» . ولا تكون «ما» شرطيّة؛ لارتفاع «تودّ»، وقرئ: «ودّت» ، وعلى هذا تصحّ أن تكون شرطيّة، ولكنّ الحمل على الخبر أوقع معنى؛ لأنّه حكاية كائن، وأوفق للقراءة المشهورة . انتهى . ۳
وقيل : التقدير في قوله : «وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ» ؛ أي «محضرا» حذف للاختصار، ولدلالة العطف وما بعده عليه . و«من» مزيدة للمبالغة في عموم الخير والسوء لجميع الأفراد وإن صغر .
وقوله : «تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدا بَعِيدا» استئناف، أو حال عن فاعل «عملت» . و«لو» للتمنّي، وللمبالغة فيه. وضمير التأنيث للنفس، وضمير التذكير ل «يوم»، أو ل «سوء» على احتمال ۴ . إلى هاهنا كلام القائل .
وعلى ما ذكره البيضاوي فلا حذف في قوله : «وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ» .
«وَيُحَذِّرُكُمْ اللّهُ نَفْسَهُ» ؛ فلا تتعرّضوا لسخطه بمخالفة أحكامه وأوليائه، وموالاة أعدائه . وهو تهديد عظيم مُشعر بتناهي المنهيّ عنه في القبح، وذكر «النفس» ليعلم أنّ المحذّر منه عقاب يصدر منه، فلا يؤوبه دونه بما يحذّر من الكفرة .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۰۵ .

2.آل عمران (۳) : ۳۰ .

3.تفسير البيضاوي، ج ۲ ، ص ۲۶ و ۲۷ .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۰۵ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181527
صفحه از 624
پرینت  ارسال به