ذهبوا إليه نشأ من مثال سابق، وهذا باطل . ۱
انتهى، فتأمّل فيه حتّى يظهر لك فساد هذا القول، وما نسب إلى العامّة من أنّ أوّل ما خلقه اللّه القلم، فهو مرويّ من طرق الخاصّة أيضا، كما أشرنا إليه آنفا .
روى عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : «أوّل ما خلق اللّه القلم، فقال له : اُكتب، فكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة» . ۲
وروى عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحيم القصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : سألته عن «ن * وَالْقَلَمِ»۳ ، قال : «إنّ اللّه خلق القلم من شجرة في الجنّة يُقال لها: الخُلد، ثمّ قال لنهرٍ في الجنّة: كُن مدادا، فجمد النهر، وكان أشدّ بياضا من الثلج ، وأحلى من الشهد ، ثمّ قال للقلم : اكتب ، قال : ياربّ وما أكتب؟ قال : اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ، فكتب القلم في رقّ أشدّ بياضا من الفضّة، وأصفى من الياقوت، ثمّ طواه، فجعله في ركن العرش، ثمّ ختم على فم القلم، فلم ينطق بعد ، ولا ينطق أبدا، فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلّها، أَ ولستم عَرَبا؟ فكيف لا تعرفون معنى الكلام؟! وأحدكم يقول لصاحبه: اُنسخ ذلك الكتاب؟! أَ وليسَ [إنّما] ينسخ من كتاب اُخذ من الأصل، وهو قوله : «إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» ؟ ۴ » . ۵
وفي كتب الصدوق مثله . ۶
وظهر من هذا الخبر ما قلناه من أنّ أوّليّة خلق القلم بالإضافة؛ لتقدّم الجنّة والشجرة عليه .
وقوله عليه السلام : (ما قالوا شيئا) أي شيئا واقعيّا، أو شيئا يعتدّ به .
وقوله : (وكان عزيزا) أي غالبا على الأشياء كلّها .
وقال صاحب العدّة : «العزيز: هو المنيع الذي لا يُغْلَب ، وهو أيضا الذي لا يعادله شيء،
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۰ .
2.تفسيرالقمّي ، ج ۲ ، ص ۱۹۸ . و عنه في بحار الأنوار ، ج ۵۴ ، ص ۳۶۶ ، ح ۱ .
3.القلم (۶۸) : ۱ .
4.الجاثية (۴۵) : ۲۹ .
5.تفسير القمّي ، ج ۲ ، ص ۳۷۹ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۵۴ ، ص ۳۶۶ ، ح ۳ .
6.اُنظر : التوحيد ، ص ۱۳۶ ، ح ۸ ؛ عيون الأخبار ، ج ۱ ، ص ۱۱۸ ، ح ۸ .