الذَّهَبُ مَحْبُوكَةٌ بِالْفِضَّةِ، لِكُلِّ غُرْفَةٍ مِنْهَا أَلْفُ بَابٍ مِنْ ذَهَبٍ ۱ ، عَلى كُلِّ بَابٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ، فِيهَا فُرُشٌ مَرْفُوعَةٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ مِنَ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَحَشْوُهَا الْمِسْكُ وَالْكَافُورُ وَالْعَنْبَرُ، وَذلِكَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ»۲ ، إِذَا أُدْخِلَ الْمُؤْمِنُ إِلى مَنَازِلِهِ فِي الْجَنَّةِ، وَوُضِعَ عَلى رَأْسِهِ تَاجُ الْمُلْكِ وَالْكَرَامَةِ، أُلْبِسَ حُلَلَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْيَاقُوتِ ، وَالدُّرُّ مَنْظُومٌ ۳ فِي الْاءِكْلِيلِ تَحْتَ التَّاجِ.
قَالَ: وَأُلْبِسَ سَبْعِينَ حُلَّةَ حَرِيرٍ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ وَضُرُوبٍ مُخْتَلِفَةٍ، مَنْسُوجَةً بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ، فَذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤا وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ»۴ ، فَإِذَا جَلَسَ الْمُؤْمِنُ عَلى سَرِيرِهِ اهْتَزَّ سَرِيرُهُ فَرَحا، فَإِذَا اسْتَقَرَّ لِوَلِيِّ اللّهِ ـ جَلَّ وَعَزَّ ـ مَنَازِلُهُ فِي الْجِنَانِ، اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِجِنَانِهِ لِيُهَنِّئَهُ بِكَرَامَةِ اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِيَّاهُ، فَيَقُولُ لَهُ خُدَّامُ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْوُصَفَاءِ وَالْوَصَائِفِ : مَكَانَكَ؛ فَإِنَّ وَلِيَّ اللّهِ قَدِ اتَّكَأَ عَلى أَرِيكَتِهِ ، وَزَوْجَتُهُ الْحَوْرَاءُ تَهَيَّأُ لَهُ، فَاصْبِرْ لِوَلِيِّ اللّهِ.
قَالَ: فَتَخْرُجُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ الْحَوْرَاءُ مِنْ خَيْمَةٍ لَهَا تَمْشِي مُقْبِلَةً، وَحَوْلَهَا وَصَائِفُهَا، وَعَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً مَنْسُوجَةً بِالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالزَّبَرْجَدِ، هِيَ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ، وَعَلى رَأْسِهَا تَاجُ الْكَرَامَةِ، وَعَلَيْهَا نَعْلَانِ مِنْ ذَهَبٍ، مُكَلَّلَتَانِ بِالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ، شِرَاكُهُمَا يَاقُوتٌ أَحْمَرُ، فَإِذَا دَنَتْ مِنْ وَلِيِّ اللّهِ، فَهَمَّ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهَا شَوْقا، فَتَقُولُ لَهُ: يَا وَلِيَّ اللّهِ، لَيْسَ هذَا يَوْمَ تَعَبٍ وَلَا نَصَبٍ، فَلَا تَقُمْ أَنَا لَكَ ، وَأَنْتَ لِي.
قَالَ: فَيَعْتَنِقَانِ مِقْدَارَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ مِنْ أَعْوَامِ الدُّنْيَا ، لَا يُمِلُّهَا وَلَا تُمِلُّهُ. قَالَ: فَإِذَا فَتَرَ بَعْضَ الْفُتُورِ مِنْ غَيْرِ مَلَالَةٍ نَظَرَ إِلى عُنُقِهَا، فَإِذَا عَلَيْهَا قَلَائِدُ مِنْ قَصَبٍ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ، وَسَطُهَا لَوْحٌ، صَفْحَتُهُ دُرَّةٌ، مَكْتُوبٌ فِيهَا: أَنْتَ يَا وَلِيَّ اللّهِ حَبِيبِي، وَأَنَا الْحَوْرَاءُ حَبِيبَتُكَ، إِلَيْكَ تَنَاهَتْ نَفْسِي، وَإِلَيَّ تَنَاهَتْ نَفْسُكَ.
ثُمَّ يَبْعَثُ اللّهُ إِلَيْهِ أَلْفَ مَلَكٍ يُهَنِّئُونَهُ ۵ بِالْجَنَّةِ، وَيُزَوِّجُونَهُ بِالْحَوْرَاءِ.
قَالَ: فَيَنْتَهُونَ إِلى أَوَّلِ بَابٍ مِنْ جِنَانِهِ، فَيَقُولُونَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِأَبْوَابِ جِنَانِهِ: اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلى وَلِيِّ اللّهِ؛ فَإِنَّ اللّهَ بَعَثَنَا إِلَيْهِ نُهَنِّئُهُ.
1.في الحاشية عن بعض النسخ: «الذهب».
2.الواقعة (۷۶) : ۳۴ .
3.في الطبعة القديمة : «والدرّ المنظوم» .
4.الحجّ (۲۲) : ۲۳ ؛ فاطر (۳۵) : ۳۳ .
5.في الحاشية عن بعض النسخ: «يهنّونه».