141
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

الذَّهَبُ مَحْبُوكَةٌ بِالْفِضَّةِ، لِكُلِّ غُرْفَةٍ مِنْهَا أَلْفُ بَابٍ مِنْ ذَهَبٍ ۱ ، عَلى كُلِّ بَابٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ، فِيهَا فُرُشٌ مَرْفُوعَةٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ مِنَ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَحَشْوُهَا الْمِسْكُ وَالْكَافُورُ وَالْعَنْبَرُ، وَذلِكَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ»۲ ، إِذَا أُدْخِلَ الْمُؤْمِنُ إِلى مَنَازِلِهِ فِي الْجَنَّةِ، وَوُضِعَ عَلى رَأْسِهِ تَاجُ الْمُلْكِ وَالْكَرَامَةِ، أُلْبِسَ حُلَلَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْيَاقُوتِ ، وَالدُّرُّ مَنْظُومٌ ۳ فِي الْاءِكْلِيلِ تَحْتَ التَّاجِ.
قَالَ: وَأُلْبِسَ سَبْعِينَ حُلَّةَ حَرِيرٍ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ وَضُرُوبٍ مُخْتَلِفَةٍ، مَنْسُوجَةً بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ، فَذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤا وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ»۴ ، فَإِذَا جَلَسَ الْمُؤْمِنُ عَلى سَرِيرِهِ اهْتَزَّ سَرِيرُهُ فَرَحا، فَإِذَا اسْتَقَرَّ لِوَلِيِّ اللّهِ ـ جَلَّ وَعَزَّ ـ مَنَازِلُهُ فِي الْجِنَانِ، اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِجِنَانِهِ لِيُهَنِّئَهُ بِكَرَامَةِ اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِيَّاهُ، فَيَقُولُ لَهُ خُدَّامُ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْوُصَفَاءِ وَالْوَصَائِفِ : مَكَانَكَ؛ فَإِنَّ وَلِيَّ اللّهِ قَدِ اتَّكَأَ عَلى أَرِيكَتِهِ ، وَزَوْجَتُهُ الْحَوْرَاءُ تَهَيَّأُ لَهُ، فَاصْبِرْ لِوَلِيِّ اللّهِ.
قَالَ: فَتَخْرُجُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ الْحَوْرَاءُ مِنْ خَيْمَةٍ لَهَا تَمْشِي مُقْبِلَةً، وَحَوْلَهَا وَصَائِفُهَا، وَعَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً مَنْسُوجَةً بِالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالزَّبَرْجَدِ، هِيَ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ، وَعَلى رَأْسِهَا تَاجُ الْكَرَامَةِ، وَعَلَيْهَا نَعْلَانِ مِنْ ذَهَبٍ، مُكَلَّلَتَانِ بِالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ، شِرَاكُهُمَا يَاقُوتٌ أَحْمَرُ، فَإِذَا دَنَتْ مِنْ وَلِيِّ اللّهِ، فَهَمَّ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهَا شَوْقا، فَتَقُولُ لَهُ: يَا وَلِيَّ اللّهِ، لَيْسَ هذَا يَوْمَ تَعَبٍ وَلَا نَصَبٍ، فَلَا تَقُمْ أَنَا لَكَ ، وَأَنْتَ لِي.
قَالَ: فَيَعْتَنِقَانِ مِقْدَارَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ مِنْ أَعْوَامِ الدُّنْيَا ، لَا يُمِلُّهَا وَلَا تُمِلُّهُ. قَالَ: فَإِذَا فَتَرَ بَعْضَ الْفُتُورِ مِنْ غَيْرِ مَلَالَةٍ نَظَرَ إِلى عُنُقِهَا، فَإِذَا عَلَيْهَا قَلَائِدُ مِنْ قَصَبٍ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ، وَسَطُهَا لَوْحٌ، صَفْحَتُهُ دُرَّةٌ، مَكْتُوبٌ فِيهَا: أَنْتَ يَا وَلِيَّ اللّهِ حَبِيبِي، وَأَنَا الْحَوْرَاءُ حَبِيبَتُكَ، إِلَيْكَ تَنَاهَتْ نَفْسِي، وَإِلَيَّ تَنَاهَتْ نَفْسُكَ.
ثُمَّ يَبْعَثُ اللّهُ إِلَيْهِ أَلْفَ مَلَكٍ يُهَنِّئُونَهُ ۵ بِالْجَنَّةِ، وَيُزَوِّجُونَهُ بِالْحَوْرَاءِ.
قَالَ: فَيَنْتَهُونَ إِلى أَوَّلِ بَابٍ مِنْ جِنَانِهِ، فَيَقُولُونَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِأَبْوَابِ جِنَانِهِ: اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلى وَلِيِّ اللّهِ؛ فَإِنَّ اللّهَ بَعَثَنَا إِلَيْهِ نُهَنِّئُهُ.

1.في الحاشية عن بعض النسخ: «الذهب».

2.الواقعة (۷۶) : ۳۴ .

3.في الطبعة القديمة : «والدرّ المنظوم» .

4.الحجّ (۲۲) : ۲۳ ؛ فاطر (۳۵) : ۳۳ .

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «يهنّونه».


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
140

وَالسُّنْدُسُ، وَخُطُمُهَا جَدْلُ الْأُرْجُوَانِ، تَطِيرُ بِهِمْ إِلَى الْمَحْشَرِ، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَلْفُ مَلَكٍ مِنْ قُدَّامِهِ ۱ ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ يَزُفُّونَهُمْ زَفّا، حَتّى يَنْتَهُوا بِهِمْ إِلى بَابِ الْجَنَّةِ الْأَعْظَمِ، وَعَلى بَابِ الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ، إِنَّ الْوَرَقَةَ مِنْهَا لَيَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا أَلْفُ رَجُلٍ مِنَ النَّاسِ، وَعَنْ يَمِينِ الشَّجَرَةِ عَيْنٌ مُطَهِّرَةٌ مُزَكِّيَةٌ.
قَالَ: فَيُسْقَوْنَ مِنْهَا شَرْبَةً، فَيُطَهِّرُ اللّهُ بِهَا قُلُوبَهُمْ مِنَ الْحَسَدِ، وَيُسْقِطُ عَنْ ۲ أَبْشَارِهِمُ الشَّعْرَ، وَذلِكَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَرابا طَهُورا»۳ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ الْمُطَهِّرَةِ.
قَالَ: ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ إِلى عَيْنٍ أُخْرى عَنْ يَسَارِ الشَّجَرَةِ، فَيَغْتَسِلُونَ فِيهَا، وَهِيَ عَيْنُ الْحَيَاةِ، فَلَا يَمُوتُونَ أَبَدا.
قَالَ: ثُمَّ يُوقَفُ بِهِمْ قُدَّامَ الْعَرْشِ، وَقَدْ سَلِمُوا مِنَ الْافَاتِ وَالْأَسْقَامِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ أَبَدا. قَالَ: فَيَقُولُ الْجَبَّارُ ـ جَلَّ ذِكْرُهُ ـ لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ: احْشُرُوا أَوْلِيَائِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَلَا تُوقِفُوهُمْ مَعَ الْخَلَائِقِ، فَقَدْ سَبَقَ رِضَايَ عَنْهُمْ، وَوَجَبَتْ رَحْمَتِي لَهُمْ، وَكَيْفَ أُرِيدُ أَنْ أُوقِفَهُمْ مَعَ أَصْحَابِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ.
قَالَ: فَتَسُوقُهُمُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَإِذَا انْتَهَوْا بِهِمْ إِلى بَابِ الْجَنَّةِ الْأَعْظَمِ، ضَرَبَ الْمَلَائِكَةُ الْحَلْقَةَ ضَرْبَةً تَصِرُّ ۴ صَرِيرا يَبْلُغُ صَوْتُ صَرِيرِهَا كُلَّ حَوْرَاءَ أَعَدَّهَا اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لأوْلِيَائِهِ فِي الْجِنَانِ، فَيَتَبَاشَرْنَ ۵ بِهِمْ إِذَا سَمِعُوا ۶ صَرِيرَ الْحَلْقَةِ، فَيَقُولُ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ: قَدْ جَاءَنَا أَوْلِيَاءُ اللّهِ، فَيُفْتَحُ لَهُمُ الْبَابُ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَتُشْرِفُ عَلَيْهِمْ أَزْوَاجُهُمْ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَالْادَمِيِّينَ، فَيَقُلْنَ: مَرْحَبا بِكُمْ، فَمَا كَانَ أَشَدَّ شَوْقَنَا إِلَيْكُمْ، وَيَقُولُ لَهُنَّ أَوْلِيَاءُ اللّهِ مِثْلَ ذلِكَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : يَا رَسُولَ اللّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ قَوْلِ اللّهِ جَلَّ وَعَزَّ: «غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ» ۷ بِمَا ذَا بُنِيَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ؟
فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، تِلْكَ غُرَفٌ بَنَاهَا اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لأوْلِيَائِهِ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ، سُقُوفُهَا

1.في الحاشية عن بعض النسخ : «قدّامهم» .

2.في الطبعة القديمة : «من» .

3.الإنسان (۷۶) : ۲۱ .

4.في الطبعة القديمة : «فتصرّ» .

5.في الطبعة الجديدة و جميع النسخ التي قوبلت فيها والوافي : «فيتباشرون» .

6.في الطبعة الجديدة: «سمعن».

7.في المصحف الشريف سورة الزمر (۳۹) الآية ۲۰ هكذا: «لَهُمْ غُرَفٌ مِّنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ» .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181248
صفحه از 624
پرینت  ارسال به