143
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

الْأَنْهارُ» 1 وَالثِّمَارُ دَانِيَةٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً» 2 مِنْ قُرْبِهَا مِنْهُمْ يَتَنَاوَلُ 3 الْمُؤْمِنُ مِنَ النَّوْعِ الَّذِي يَشْتَهِيهِ مِنَ الثِّمَارِ بِفِيهِ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ، وَإِنَّ الْأَنْوَاعَ مِنَ الْفَاكِهَةِ لَيَقُلْنَ لِوَلِيِّ اللّهِ: يَا وَلِيَّ اللّهِ، كُلْنِي قَبْلَ أَنْ تَأْكُلَ هذَا قَبْلِي.
قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ فِي الْجَنَّةِ إِلَا وَلَهُ جِنَانٌ كَثِيرَةٌ «مَعْرُوشَاتٌ وَغَيْرُ مَعْرُوشَاتٍ» 4 ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ، وَأَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ، فَإِذَا دَعَا وَلِيُّ اللّهِ بِغِذَائِهِ أُتِيَ بِمَا تَشْتَهِي نَفْسُهُ عِنْدَ طَلَبِهِ الْغِذَاءَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَ شَهْوَتَهُ.
قَالَ: ثُمَّ يَتَخَلّى مَعَ إِخْوَانِهِ، وَيَزُورُ بَعْضُهُمْ بَعْضا، وَيَتَنَعَّمُونَ فِي جَنَّاتِهِمْ فِي ظِلٍّ مَمْدُودٍ فِي مِثْلِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَأَطْيَبُ مِنْ ذلِكَ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ سَبْعُونَ زَوْجَةً حَوْرَاءَ، وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ مِنَ الْادَمِيِّينَ، وَالْمُؤْمِنُ سَاعَةً مَعَ الْحَوْرَاءِ وَسَاعَةً مَعَ الْادَمِيَّةِ، وَسَاعَةً يَخْلُو بِنَفْسِهِ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ 5 إِلى بَعْضٍ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَغْشَاهُ شُعَاعُ نُورٍ، وَهُوَ عَلى أَرِيكَتِهِ، وَيَقُولُ لِخُدَّامِهِ: مَا هذَا الشُّعَاعُ اللَّامِعُ، لَعَلَّ الْجَبَّارَ لَحَظَنِي؟ فَيَقُولُ لَهُ خُدَّامُهُ: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، جَلَّ جَلَالُ اللّهِ، بَلْ هذِهِ حَوْرَاءُ مِنْ نِسَائِكَ مِمَّنْ لَمْ تَدْخُلْ بِهَا بَعْدُ، قَدْ 6 أَشْرَفَتْ عَلَيْكَ مِنْ خَيْمَتِهَا شَوْقا إِلَيْكَ، وَقَدْ تَعَرَّضَتْ لَكَ، وَأَحَبَّتْ لِقَاءَكَ، فَلَمَّا أَنْ رَأَتْكَ مُتَّكِئا عَلى سَرِيرِكَ تَبَسَّمَتْ نَحْوَكَ شَوْقا إِلَيْكَ، فَالشُّعَاعُ الَّذِي رَأَيْتَ ، وَالنُّورُ الَّذِي غَشِيَكَ ، هُوَ مِنْ بَيَاضِ ثَغْرِهَا وَصَفَائِهِ وَنَقَائِهِ وَرِقَّتِهِ.
فَيَقُولُ 7 وَلِيُّ اللّهِ: ائْذَنُوا لَهَا، فَتَنْزِلَ إِلَيَّ، فَيَبْتَدِرُ إِلَيْهَا أَلْفُ وَصِيفٍ وَأَلْفُ وَصِيفَةٍ يُبَشِّرُونَهَا بِذلِكَ، فَتَنْزِلُ إِلَيْهِ مِنْ خَيْمَتِهَا، وَعَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً مَنْسُوجَةً بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، مُكَلَّلَةً بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ، صِبْغُهُنَّ الْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حُلَّةً ، طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعا، وَعَرْضُ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ، فَإِذَا دَنَتْ مِنْ وَلِيِّ اللّهِ أَقْبَلَ الْخُدَّامُ بِصَحَائِفِ 8

1.الأعراف (۷) : ۴۳ ؛ يونس (۱۰) : ۹ ؛ الكهف (۱۸) : ۳۱ .

2.الإنسان (۷۶) : ۱۴ .

3.في الحاشية عن بعض النسخ: + «لها».

4.الأنعام (۶) : ۱۴۱ .

5.في الطبعة الجديدة ومعظم النسخ التي قوبلت فيها والوافي : «بعض المؤمنين» بدل «بعضهم» .

6.في الطبعة الجديدة ومعظم النسخ التي قوبلت فيها : - «قد» .

7.في الطبعة القديمة : «قال: فيقول» .

8.في الحاشية عن بعض النسخ: «بصفائح». وفي بعض نسخ الكافي : «بصحاف» .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
142

فَيَقُولُ لَهُمُ الْمَلَكُ حَتّى أَقُولَ لِلْحَاجِبِ، فَيُعْلِمَهُ بِمَكَانِكُمْ.
قَالَ: فَيَدْخُلُ الْمَلَكُ إِلَى 1 الْحَاجِبِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَاجِبِ ثَلَاثُ 2 جِنَانٍ حَتّى يَنْتَهِيَ إِلى أَوَّلِ بَابٍ، فَيَقُولُ لِلْحَاجِبِ: إِنَّ عَلى بَابِ الْعَرْصَةِ أَلْفَ مَلَكٍ أَرْسَلَهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ لِيُهَنِّئُوا وَلِيَّ اللّهِ، وَقَدْ سَأَلُونِي أَنْ آذَنَ لَهُمْ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ الْحَاجِبُ: إِنَّهُ لَيَعْظُمُ عَلَيَّ أَنْ أَسْتَأْذِنَ لأحَدٍ عَلى وَلِيِّ اللّهِ، وَهُوَ مَعَ زَوْجَتِهِ الْحَوْرَاءِ.
قَالَ: وَبَيْنَ الْحَاجِبِ وَبَيْنَ وَلِيِّ اللّهِ جَنَّتَانِ. قَالَ: فَيَدْخُلُ الْحَاجِبُ إِلَى الْقَيِّمِ، فَيَقُولُ لَهُ: إِنَّ عَلى بَابِ الْعَرْصَةِ أَلْفَ مَلَكٍ أَرْسَلَهُمْ رَبُّ الْعِزَّةِ يُهَنِّئُونَ وَلِيَّ اللّهِ، فَاسْتَأْذِنْ لَهُمْ، فَيَتَقَدَّمُ الْقَيِّمُ إِلَى الْخُدَّامِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رُسُلَ الْجَبَّارِ عَلى بَابِ الْعَرْصَةِ، وَهُمْ أَلْفُ مَلَكٍ أَرْسَلَهُمُ اللّهُ يُهَنِّئُونَ وَلِيَّ اللّهِ، فَأَعْلِمُوهُ بِمَكَانِهِمْ.
قَالَ: فَيُعْلِمُونَهُ، فَيُؤْذَنُ لِلْمَلَائِكَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلى وَلِيِّ اللّهِ، وَهُوَ فِي الْغُرْفَةِ وَلَهَا أَلْفُ بَابٍ، وَعَلى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ، فَإِذَا أُذِنَ لِلْمَلَائِكَةِ بِالدُّخُولِ عَلى وَلِيِّ اللّهِ، فَتَحَ كُلُّ مَلَكٍ بَابَهُ الْمُوَكَّلَ بِهِ.
قَالَ: فَيُدْخِلُ الْقَيِّمُ كُلَّ مَلَكٍ مِنْ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْغُرْفَةِ.
قَالَ: فَيُبَلِّغُونَهُ رِسَالَةَ الْجَبَّارِ جَلَّ وَعَزَّ، وَذلِكَ قَوْلُ اللّهِ تَعَالى: «وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ» مِنْ أَبْوَابِ الْغُرْفَةِ «سَلامٌ عَلَيْكُمْ» 3 إِلى آخِرِ الْايَةِ.
قَالَ: وَذلِكَ قَوْلُهُ 4 جَلَّ وَعَزَّ: «وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيما وَمُلْكا كَبِيرا» 5
؛ يَعْنِي بِذلِكَ وَلِيَّ اللّهِ وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنَّعِيمِ وَالْمُلْكِ الْعَظِيمِ الْكَبِيرِ؛ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ مِنْ رُسُلِ اللّهِ ـ عَزَّ ذِكْرُهُ ـ يَسْتَأْذِنُونَ [فِي الدُّخُولِ] 6 عَلَيْهِ، فَلَا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ إِلَا بِإِذْنِهِ، فَلِذلِكَ 7 الْمُلْكُ الْعَظِيمُ الْكَبِيرُ.
قَالَ: وَالْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِ مَسَاكِنِهِمْ، وَذلِكَ قَوْلُ اللّهِ 8 عَزَّ وَجَلَّ: «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ

1.في الحاشية عن بعض النسخ: «على».

2.في الحاشية عن بعض النسخ : «ثلاثة» .

3.الرعد (۱۳) : ۲۳ و ۲۴ .

4.في الحاشية عن بعض النسخ: «قول اللّه ».

5.الإنسان(۷۶) : ۲۰ .

6.في الطبعة الجديدة وجميع النسخ التي قوبلت فيها والوافي : - «في الدخول» .

7.في الطبعة الجديدة وجميع النسخ التي قوبلت فيها والوافي : «فذلك» .

8.في الحاشية عن بعض النسخ: «قوله».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 179510
صفحه از 624
پرینت  ارسال به