155
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

«وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً» أي وسخّرت، وسهل أخذ ثمارها تسخيرا؛ إن قام ارتفعت بقدره، وإن قعد نزلت عليه حتّى ينالها، وإن اضطجع نزلت حتّى ينالها . ۱
(من قربها منهم) ؛ كأنّ كلمة «من» الاُولى تعليليّة، والثانية للصلة؛ أي ذلك التذليل لأجل قربها بهم .
ويحتمل كون الاُولى ابتدائيّة ؛ أي تذليلاً ناشئا من قربها .
ويحتمل أن يقرأ «مَن» بفتح الميم، و«قرب» على صيغة الفعل، وجعل كلمة «مِن» للتبيين .
وقوله : (بفيه) أي بفمه . ۲
وقوله : (قبل أن تأكل هذا) إشارة إلى نوع آخر من الفاكهة ، أو إلى فردٍ آخر منها .
وقوله : «مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ»۳ .
قال الجوهري : «عَرَش : بنى [بناء] من خشب» . ۴
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : «وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ» :
أي جنّات من الكروم «مَعْروُشَاتٍ» : مرفوعات على ما يحملها، «وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ» : ملقيات على وجه الأرض .
وقيل : المعروشات ما غرسه الناس فعرشوه ، وغير معروشات ما نبت في البراري والجبال . ۵
وقوله : (في ظلٍّ ممدود) أي منبسط لا يتقلّص، ولا يتفاوت، أو غير منقطع أبدا .
(في مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) .
كلمة «في» للمقايسة، وهي الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لاحق، نحوه: «فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْاخِرَةِ إِلَا قَلِيلٌ»۶ . والتشبيه في الاعتدال واللطافة .

1.مجمع البيان ، ج ۱۰ ، ص ۴۱۰ (مع اختلاف يسير) .

2.قال المحقّق المازندراني رحمه الله : «أو هو كناية عن نهاية قربها ، وكونها بحذاء الوجه» .

3.الأنعام (۶) : ۱۴۱ .

4.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۰۱۰ (عرش) .

5.تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۴۵۸ .

6.التوبة (۹) : ۳۸ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
154

(و ذلك) المذكور من حالات أولياء اللّه في الجنّة، وما هُيّئ لهم فيها من المنازل والكرامة واستئذان الملائكة .
(قوله عزّ و جلّ) في سورة الدهر : «وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ» .
قال البيضاوي :
ليس له مفعول ملفوظ ولا مقدّر؛ لأنّه عامّ معناه أنّ بصرك أينما وقع .
«رَأَيْتَ نَعِيما وَمُلْكا كَبِيرا»۱ واسعا . وفي الحديث : «أدنى أهل الجنّة مَنزِلَةً ينظر في ملكه مسيرة ألف عام، يرى أقصاه كما يرى أدناه» ۲ . ۳
(يعني بذلك) الخطاب والنعيم والمُلك الكبير (وليّ اللّه و ما هو فيه) إلى آخره .
وقوله تعالى : «وَدَانِيَةً» أي قريبة .
«عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا» . الضمير للجنّة .
قال البيضاوي :
«دانية» حال، أو صفة اُخرى معطوفة على ما قبلها، أو عطف على «جنّة» ؛ أي وجنّة اُخرى دانية على أنّهم وُعِدوا جنّتين، كقوله : «وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ»۴ . وقرئت بالرفع على أنّها خبر «ظلالها» ، والجملة حال، أو صفة .
«وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً»۵
؛ معطوف على ما قبله، أو حال من «دانية» .
و تذليل القطوف: أن تجعل سهلة التناول، لا تمتنع على قُطّافها كيف شاؤوا . ۶
وقال الجوهري : «القِطف، بالكسر: العنقود، وبجمعه جاء القرآن: «قُطُوفُهَا دَانِيَةً» » . ۷
وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله :
«وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا» ؛ يعني أنّ أفياء أشجار تلك الجنّة قريبة منهم . وقيل : إنّ ظلال الجنّة لا تنسخها الشمس، كما تنسخ ظلال الدُّنيا .

1.الإنسان (۷۶) : ۲۰ .

2.اُنظر : مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۱۳ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۲ ، ص ۵۰۹ ؛ مجمع الزوائد ، ج ۱۰ ، ص ۴۰۱ ؛ المصنّف ، ج ۸ ، ص ۷۴ .

3.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۴۲۹ .

4.الرحمن (۵۵) : ۴۶ .

5.الإنسان (۷۶) : ۱۴ .

6.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۴۲۸ .

7.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۱۷ (قطف) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181338
صفحه از 624
پرینت  ارسال به