159
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

الطير، فيقع مشويّا بين أيديهم، وإذا قضوا منه الشهوة قالوا : «الحمد للّه ربّ العالمين» ، فيطير الطير حيّا كما كان، فيكون مفتتح كلامهم في كلّ شيء التسبيح، ومختتم كلامهم التحميد ، ويكون التسبيح في الجنّة بدل التسمية في الدنيا . عن ابن جريح.
«وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ» أي تحيّتهم من اللّه سبحانه في الجنّة سلام . وقيل : معناه: تحيّة بعضهم لبعض فيها، أو تحيّة الملائكة لهم فيها سلام، يقولون: سلامٌ عليكم؛ أي سلّمتم من الآفات والمكاره التي ابتلي بها أهل النار .
«وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للّهِِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» ؛ ليس المراد أنّ ذلك يكون آخر كلامهم حتّى لا يتكلّموا بعده بشيء ، بل المراد أنّهم يجعلون هذا آخر كلامهم في كلّ ما ذكروه . عن الحسن والجبائي . ۱
وقوله تعالى : «أُوْلئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ»۲ . قال البيضاوي :
أي معلوم خصائصه من الدوام أو تمحّض اللّذّة، ولذلك فسّره بقوله : «فَوَاكِهُ» ؛ فإنّ الفاكهة ما يُقْصَد للتلذّذ لا للتغذّي، والقوت بالعكس . وأهل الجنّة لمّا اُعيدوا على خلقةٍ محكمةٍ محفوظة عن التحلّل، كانت أرزاقهم فواكه خالصة .
«وَهُمْ مُكْرَمُونَ»۳ في نيله يصِل إليهم بلا تعب وسؤال، كما عليه رزق الدُّنيا . انتهى . ۴
وأنت خبير ببُعد هذا التفسير، وتفسيره عليه السلام ألصق باللفظ وأظهر، كما لا يخفى .

متن الحديث السبعين

۰.الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ:قِيلَ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام وَأَنَا عِنْدَهُ: إِنَّ سَالِمَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ وَأَصْحَابَهُ يَرْوُونَ عَنْكَ أَنَّكَ تَكَلَّمُ عَلى سَبْعِينَ وَجْها لَكَ مِنْهَا الْمَخْرَجُ؟
فَقَالَ: «مَا يُرِيدُ سَالِمٌ مِنِّي؟ أَ يُرِيدُ أَنْ أَجِيءَ بِالْمَلَائِكَةِ، وَاللّهِ مَا جَاءَتْ بِهذَا النَّبِيُّونَ، وَلَقَدْ قَالَ

1.تفسير مجمع البيان ، ج ۵ ، ص ۱۶۰ .

2.الصافّات (۳۷) : ۴۱ .

3.الصافّات (۳۷) : ۴۲ .

4.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۱۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
158

وقيل : هي منزل مَن خاف المقام بين يدي الربّ . ۱
وقوله تعالى : «دَعْوَاهُمْ فِيهَا» .
قيل : أي دعاؤهم في جنّات النعيم .
«سُبْحَانَكَ اللّهُمَّ» ؛ إنّا نسبّحك تسبيحا .
وعلى تفسيره عليه السلام الدَعْوى بمعنى الدعاء ؛ أي طلب ما يشتهون، لا بالمعنى الذي نقلناه عن البعض. فتأمّل .
«وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ» .
قيل : أي ما يُحيّئ بعضهم بعضا، أو تحيّة الملائكة إيّاهم . ۲
وعلى ما فسّره عليه السلام بقوله : (يعني الخُدّام) يكون التحيّة مضافا إلى المفعول، ولعلّ المحذوف الخدّام؛ يعني تحيّة الخدّام إيّاهم ، فظهر فساد ما قاله بعض الشارحين من أنّ قوله عليه السلام «يعني الخدّام» إشارة إلى أنّ ضمير الجمع راجع إلى الخدّام؛ أي يحيّونهم بهذا القول . ۳«وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ» .
قال البيضاوي :
أي آخر دعائهم .
«أَنِ الْحَمْدُ للّهِِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»۴ أي أن يقولوا ذلك .
و لعلّ المعنى : أنّهم إذا دخلوا الجنّة، وعاينوا عظمة اللّه وكبرياءه حمدوه ونعتوه بنعوت الجلال، ثمّ حيّاهم الملائكة بالسلامة عن الآفات ، والفوز بأصناف الكرامة . أو اللّهَ تعالى ، فحمدوه ، وأثنوا عليه بصفات الإكرام.
و«أن» هي المخفّفة من الثقيلة ، وقد قرئ بها ونصب الألف. انتهى . ۵
وقال أمين الدِّين الطبرسي :
يقولون ذلك لا على وجه العبادة؛ لأنّه ليس هناك تكليف، بل يلتذّون بالتسبيح . وقيل : إنّهم إذا مرّ بهم الطير في الهواء يشتهونه، قالوا: «سبحانك اللّهمّ»، فيأتيهم

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۲۴ .

2.اُنظر : مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۴۰ .

3.يونس (۱۰) : ۱۰ .

4.تفسير البيضاوي ، ج ۱ ، ص ۴۴۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 159760
صفحه از 624
پرینت  ارسال به