179
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

قَالَ: فَيَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ، فَكُلُّهُمْ يَتَمَنَّاهُ. قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللّهِ تَعَالى: يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ، هذَا لِكُلِّ مَنْ عَفَا عَنْ مُؤْمِنٍ.
قَالَ: فَيَعْفُونَ كُلُّهُمْ إِلَا الْقَلِيلَ. قَالَ: فَيَقُولُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يَجُوزُ إِلى جَنَّتِيَ الْيَوْمَ ظَالِمٌ، وَلَا يَجُوزُ إِلى نَارِيَ الْيَوْمَ ظَالِمٌ، وَلأحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ حَتّى يَأْخُذَهَا مِنْهُ عِنْدَ الْحِسَابِ، أَيُّهَا الْخَلَائِقُ اسْتَعِدُّوا لِلْحِسَابِ.
قَالَ: ثُمَّ يُخَلّى سَبِيلُهُمْ، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى الْعَقَبَةِ يَكْرُدُ بَعْضُهُمْ بَعْضا، حَتّى يَنْتَهُوا إِلَى الْعَرْصَةِ،الْجَبَّارُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ عَلَى الْعَرْشِ قَدْ نُشِرَتِ الدَّوَاوِينُ، وَنُصِبَتِ الْمَوَازِينُ، وَأُحْضِرَ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ، وَهُمُ الْأَئِمَّةُ، يَشْهَدُ كُلُّ إِمَامٍ عَلى أَهْلِ عَالَمِهِ بِأَنَّهُ قَدْ قَامَ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَدَعَاهُمْ إِلى سَبِيلِ اللّهِ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الرَّجُلِ الْكَافِرِ مَظْلِمَةٌ، أَيَّ شَيْءٍ يَأْخُذُ مِنَ الْكَافِرِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟
قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام : يُطْرَحُ عَنِ الْمُسْلِمِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ بِقَدْرِ مَا لَهُ عَلَى الْكَافِرِ، فَيُعَذَّبُ الْكَافِرُ بِهَا مَعَ عَذَابِهِ بِكُفْرِهِ عَذَابا بِقَدْرِ مَا لِلْمُسْلِمِ قِبَلَهُ مِنْ مَظْلِمَةٍ. ۱
قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْقُرَشِيُّ: فَإِذَا كَانَتِ الْمَظْلِمَةُ لِلْمُسْلِمِ ۲ عِنْدَ مُسْلِمٍ، كَيْفَ تُؤْخَذُ مَظْلِمَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِ؟
قَالَ: يُؤْخَذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ مِنْ حَسَنَاتِهِ بِقَدْرِ حَقِّ الْمَظْلُومِ، فَتُزَادُ عَلى حَسَنَاتِ الْمَظْلُومِ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْقُرَشِيُّ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلظَّالِمِ حَسَنَاتٌ؟
قَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلظَّالِمِ حَسَنَاتٌ، فَإِنَّ لِلْمَظْلُومِ سَيِّئَاتٍ يُؤْخَذُ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ، فَتُزَادُ عَلى سَيِّئَاتِ الظَّالِمِ».

شرح

السند ضعيف .
قوله : (حُفَرهم) ؛ يحتمل كونه بضمّ الحاء وفتح الفاء، جمع حُفرة ـ بالضمّ ـ وهي ما يحتفر، فتكون كناية عن القبور .

1.في الطبعة الجديدة ومعظم النسخ التي قوبلت فيها : «مظلمته» .

2.في الطبعة الجديدة وجميع النسخ التي قوبلت فيها : «لمسلم» .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
178

قَالَ: فَيُشْرِفُ الْجَبَّارُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ الْحَكَمُ الْعَدْلُ عَلَيْهِمْ، فَيَقُولُ: أَنَا اللّهُ لَا إِلهَ إِلَا أَنَا الْحَكَمُ الْعَدْلُ، الَّذِي لَا يَجُورُ الْيَوْمَ ، أَحْكُمُ بَيْنَكُمْ بِعَدْلِي وَقِسْطِي، لَا يُظْلَمُ الْيَوْمَ عِنْدِي أَحَدٌ، الْيَوْمَ آخُذُ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ بِحَقِّهِ، وَلِصَاحِبِ الْمَظْلِمَةِ بِالْمَظْلِمَةِ بِالْقِصَاصِ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَأُثِيبُ عَلَى الْهِبَاتِ، وَلَا يَجُوزُ هذِهِ الْعَقَبَةَ الْيَوْمَ عِنْدِي ظَالِمٌ، وَلأحَدٍ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ إِلَا مَظْلِمَةً يَهَبُهَا صَاحِبُهَا، وَأُثِيبُهُ عَلَيْهَا، وَآخُذُ لَهُ بِهَا عِنْدَ الْحِسَابِ، ۱ فَتَلَازَمُوا أَيُّهَا الْخَلَائِقُ، وَاطْلُبُوا مَظَالِمَكُمْ عِنْدَ مَنْ ظَلَمَكُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ عَلَيْهِمْ، وَكَفى بِي ۲ شَهِيدا.
قَالَ: فَيَتَعَارَفُونَ، وَيَتَلَازَمُونَ، فَلَا يَبْقى أَحَدٌ لَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مَظْلِمَةٌ، أَوْ حَقٌّ إِلَا لَزِمَهُ بِهَا.
قَالَ: فَيَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللّهُ، فَيَشْتَدُّ حَالُهُمْ، وَيَكْثُرُ عَرَقُهُمْ، وَيَشْتَدُّ غَمُّهُمْ، وَتَرْتَفِعُ أَصْوَاتُهُمْ بِضَجِيجٍ شَدِيدٍ، فَيَتَمَنَّوْنَ الْمَخْلَصَ مِنْهُ بِتَرْكِ مَظَالِمِهِمْ لأهْلِهَا.
قَالَ: وَيَطَّلِعُ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلى جَهْدِهِمْ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللّهِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ يُسْمِعُ آخِرَهُمْ كَمَا يُسْمِعُ أَوَّلَهُمْ: يَا مَعْشَرَ ۳ الْخَلَائِقِ، أَنْصِتُوا لِدَاعِي اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى، وَاسْمَعُوا؛ إِنَّ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى يَقُولُ [لَكُمْ] ۴ : أَنَا الْوَهَّابُ، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَوَاهَبُوا، فَتَوَاهَبُوا، وَإِنْ لَمْ تَوَاهَبُوا أَخَذْتُ لَكُمْ بِمَظَالِمِكُمْ.
قَالَ: فَيَفْرَحُونَ بِذلِكَ؛ لِشِدَّةِ جَهْدِهِمْ، وَضِيقِ مَسْلَكِهِمْ وَتَزَاحُمِهِمْ. قَالَ: فَيَهَبُ بَعْضُهُمْ مَظَالِمَهُمْ رَجَاءَ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِمَّا هُمْ فِيهِ، وَيَبْقى بَعْضُهُمْ، فَيَقُولُ: ۵ يَا رَبِّ مَظَالِمُنَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ نَهَبَهَا، قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تِلْقَاءِ الْعَرْشِ: أَيْنَ رِضْوَانُ خَازِنُ الْجِنَانِ جِنَانِ الْفِرْدَوْسِ؟ قَالَ: فَيَأْمُرُهُ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يُطْلِعَ مِنَ الْفِرْدَوْسِ قَصْرا مِنْ فِضَّةٍ بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَبْنِيَةِ ۶ وَالْخَدَمِ، قَالَ: فَيُطْلِعُهُ عَلَيْهِمْ فِي حِفَافَةِ الْقَصْرِ الْوَصَائِفُ وَالْخَدَمُ.
قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى: يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ، ارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ، فَانْظُرُوا إِلى هذَا الْقَصْرِ.

1.في الحاشية عن بعض النسخ: «الحسنات».

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «باللّه ».

3.في الحاشية عن بعض النسخ: «معاشر».

4.في الطبعة الجديدة وجميع النسخ التي قوبلت فيها وشرح المازندراني والوافي : ـ «لكم» .

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «فيقولون».

6.في الطبعة الجديدة وجميع النسخ التي قوبلت فيها : «الآنية» .

تعداد بازدید : 181128
صفحه از 624
پرینت  ارسال به