187
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

قال الجوهري : «ظلمه يظلِمه ظُلما ومَظْلَمَةً . وأصله: وضع الشيء في غير موضعه . والظُّلامة والظَّليمة والمَظْلِمة: ما تطلبه عند الظالم، وهو اسم ما اُخذ منك» . ۱
(بالقصاص من الحسنات والسيّئات) بنقل حسنات الظالم إلى المظلوم وسيّئات المظلوم إلى الظالم حتّى يبلغ الاستيفاء .
وفي القاموس: «القِصاص، بالكسر: القود» . ۲
(واُثيب على الهبات) أي اُجزي في هذا اليوم، واُعطي الثواب من وهب مظلمته لظالمه .
وقوله : (ولأحد عنده مظلمة) . الواو للحال .
(إلّا مظلمة يَهَبُها صاحبُها) بالرفع، فاعل «يهب» .
وفي كثير من النسخ: «لصاحبها» ، فالمراد بصاحب المظلمة حينئذٍ الظالم باعتبار كونه حاملاً لها . والضمير المستتر عائد إلى «أحد» .
(واُثيبه) .
الضمير للصاحب، أو للأحد ، والمآل واحد .
(عليها) أي على الهبة .
(وآخذ له بها عند الحساب) .
لعلّه معطوف على قوله : «لا يجوز» أي إن لم يهب ذلك الأحَد آخُذ الظالم له بتلك المظلمة عند الحساب .
وقيل : الظاهر أنّه عطف على «يهبها»، لا على «اُثيبه»؛ إذ لا أخْذَ بعد الهبة . ولعلّ المراد أنّه لا يجوز هذه العقبة ظالم إلّا إذا وهبه المظلوم، أو استحقّ دخول الجنّة بعد الأخذ منه عند الحساب . وأمّا غيرهما فيسلك هناك مسلك النار . انتهى . ۳
وقوله : (فتلازموا) على صيغة الأمر من التلازم .
وقوله : (مَظلمة أو حقّ) أي على غير جهة الظلم، كالدَّين الذي عُجز أداؤه ونحوه .
(إلّا لزمه) أي لزم صاحب المظلمة والحقّ مَنْ عنده مظلمة، أو حقّه، ولا يفارقه .

1.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۹۷۷ (ظلم) مع التلخيص .

2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۱۳ (قصص) .

3.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۳۵ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
186

الهول» . ۱
(يقول الكافر : «هذا يَوْمٌ عَسِرٌ» ) أي صعب .
وهذه الفقرات إشارة إلى قوله تعالى في سورة القمر : «يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هذَا يَوْمٌ عَسِرٌ»۲ .
وقوله : (الحكم) أي الحاكم .
قال الفيروزآبادي : «الحاكم: مُنفِذُ الحُكم، كالحَكَم ، محرّكة» . ۳
(العدل ... الذي لا يجور) .
الموصول صفة موضحة للعدل . وقيل : يحتمل الاحتراز؛ لأنّ العدل من الناس قد يجور .
قال : ولعلّ الغرض من هذا القول مع وضوحه في ذلك اليوم هو التصريح بأنّه لا حَكَم فيه إلّا هو ، وللتنبيه بزهوق آلهة اتّخذوها في الدُّنيا، وقطع طمعهم عن ملجأ سواه، وبه يحصل زيادة انبساطٍ للمؤمن ، وزيادة اغتمام للكافر . ۴
وقوله : (بعدلي وقسطي) .
القِسط، بالكسر: العَدْل، وهو من المصادر الموصوف كالعدل، يستوي فيه الواحد والجمع . فالعطف للتفسير والتأكيد، والإضافة للدلالة على كمال المضاف .
(لا يُظلم) على بناء المعلوم .
(اليوم عندي أحد) أي لا يحتوي اليوم أحدٌ أن يظلم عندي أحدا .
أو على بناء المجهول، وتخصيص اليوم بالذكر مع أنّه تعالى حكم عدل أزلاً وأبدا؛ لعلمه لزيادة الاهتمام بإظهار العدل فيه، ولأنّ آثاره فيه أظهر وأقوى منها في غيره ؛ إذ ربّما ينتفي العدل من آحاد الناس في الاُمور الدنيويّة لانتفاء علمهم بالمصالح، ولا حكم ولا عدل في ذلك اليوم سواه تعالى، ولا يتصوّر الجهل في حقّه .
وقوله : (ولصاحب المظلمة بالمظلمة) بكسر اللّام فيهما، أو بفتحها فيهما، أو بالتفريق .

1.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۳۰۷ (هطع) .

2.القمر (۵۴) : ۶ - ۸ .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۹۸ (حكم) .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۳۵ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 161266
صفحه از 624
پرینت  ارسال به