191
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

«أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ» أي من قبولها والإثابة بها .
«إِلَا أَنَّهُمْ كَفَرُوا» أي إلّا كفرهم .
«بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ» ؛ وذلك ممّا يحبط الأعمال، ويمنع من استحقاق الثواب عليها .
«وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَا وَهُمْ كُسَالى» متثاقلين في فعلها .
«وَلَا يُنفِقُونَ إِلَا وَهُمْ كَارِهُونَ» أي لا يؤدّونها على الوجه المأمور به؛ لعدم اعتقادهم بفضلها، لا يرجون بفعلها ثوابا، ولا يخافون بتركها عقابا .
قيل : في هذا دلالة على أنّ الكفّار مخاطبون بالشرائع؛ لأنّه سبحانه ذمّهم على ترك الصلاة والزكاة، ولولا وجوبهما عليهم لم يذمّوا بتركهما ۱ . وفيه بحث .
«فَلَا تُعْجِبْكَ» ؛ الخطاب للنبيّ صلى الله عليه و آله ، والمراد عامّة المؤمنين .
وقيل : عامّ؛ أي لا تشرك أيّها السامع كثرة.
«أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ» ؛ فإنّ ذلك استدراج لهم، ووبالٌ عليهم ، كما في «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» .
قال البيضاوي : «بسبب ما يكابدون لجمعها وحفظها من المتاعب، وما يرون فيها من الشدائد والمصائب» . ۲
وقال الشيخ الطبرسي :
قد ذكر في معناه وجوه:
أحدها: أنّ فيه تقديما وتأخيرا ؛ أي لا يسرّك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا، إنّما يريد اللّه ليعذّبهم بها في الآخرة ، فيكون الظرف على هذا متعلّقا بأموالهم وأولادهم . ۳
وثانيها : أنّ معناه: إنّما يريد اللّه أن يعذّبهم بها في الدُّنيا بالتشديد عليهم في التكليف، وأمرهم بالإنفاق في الزكاة والغزو، فيؤدّونها على كره منهم ومشقّة؛ إذ لا يرجون به ثوابا في الآخرة ، فيكون ذلك عذابا لهم . ۴

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۵۸ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۱۵۱ .

3.نسبه إلى ابن عبّاس وقتادة .

4.نسبه إلى الحسن والبلخي .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
190

ثُمَّ قَالَ: «وَكَذلِكَ الْاءِيمَانُ لَا يَضُرُّ مَعَهُ الْعَمَلُ، وَكَذلِكَ الْكُفْرُ لَا يَنْفَعُ مَعَهُ الْعَمَلُ».
ثُمَّ قَالَ: «إِنْ تَكُونُوا وَحْدَانِيِّينَ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَحْدَانِيّا يَدْعُو النَّاسَ، فَلَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَجَابَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسى، إِلَا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي».

شرح

السند موثّق .
قوله : (أنّهم قالوا) أي جماعة من الشيعة .
وقوله : (للدنيا) .
في بعض النسخ: «لدنيا» .
وعلى الأوّل يكون قوله : (نُصيبها منكم) جملة حاليّة ، وعلى الثاني وصفيّة .
وقوله : (إلّا لوجه اللّه ) أي لكن أحببناكم لوجه اللّه ، غير مشوب بغرض آخر . فالاستثناء منقطع بمنزلة الإضراب عن السابق .
(ولَيَصلُح) بضمّ اللام (لامرئ) أي لكلّ امرئ منّا .
وقوله : (دينُهُ) فاعل «يصلح» .
والصلاح: ضدّ الفساد، وفعله كنصر ، وقد يجيء ككرم . ويحتمل كونه من باب الإفعال، وفاعله المستتر راجعا إلى اللّه ، و«دينه» مفعوله .
وقوله : (ثمّ جمع بين السبّابتين) أي سبّابتي اليدين على الظاهر. وكون المراد السبّابة والوسطى على سبيل التغليب ۱ بعيد .
والسبّابة ـ بالفتح وتشديد الباء ـ من الأصابع: ما يلي الإبهام .
وقوله : (أو ساخط) ؛ الترديد من الرواة .
(ثمّ قال : وذلك) أي عدم قبول العمل من غير أهل الإيمان، وعدم الرضا عنه، أو السخط عليه .
(قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة التوبة : «وَمَا مَنَعَهُمْ» أي ما منع هؤلاء المنافقين .

1.احتمله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۵۷ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 179410
صفحه از 624
پرینت  ارسال به