21
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وأقول : الظاهر أنّ الموصول صفة للذنوب.
والعطف في قوله : (في كتابه الصادق والبيان الناطق) إمّا للبيان والتفسير، أو يُراد بالمعطوف بيان جبرئيل، أو الرسول، أو أوصيائه؛ فإنّ مناهي الكتاب ومحرّماته بعضها ظاهر لا يحتاج إلى البيان ، وبعضها باطن لا يعلم إلّا ببيانهم . ووصف البيان بالناطق مجاز باعتبار دلالته على المقصود، وإفصاحه عنه كالنطق .
وقوله : (فلا تأمنوا مكر اللّه ) إلى قوله : (في هذه الدنيا) ؛ إشارة إلى قوله ـ عزّ وجلّ ـ في سورة الأعراف : «وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ۱مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» . ۲
وقوله : (فإنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ يقول) تعليل لما سبق من الحثّ على ذكر اللّه عند دعوة الشيطان إلى شهوات الدنيا ولذّاتها .
«إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ» .
هذه الآية أيضا في سورة الأعراف بعد الآية السابقة .
قال البيضاوي :
«طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ» لَمّة منه، وهو اسم فاعل من طاف يطوف، كأنّها طافت بهم، ودارت حولهم، فلم تقدر أن تؤثّر فيهم . أو من طاف به الخيال يَطيف طَيْفا ، والمراد بالشيطان الجنس .
«تَذَكَّرُوا» ما أمر اللّه به، ونهى عنه «فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ»۳ ؛ بسبب تذكّر مواقع الخَطأ ومكائد الشيطان، فيحترزون عنها، ولا يتّبعونه فيها . والآية تأكيد وتقرير لما قبلها . انتهى . ۴
وفي القاموس: «الطّيف: الخيال الطائف في المنام، أو مجيئهُ في النوم» . ۵
(وأشعروا قلوبكم خوفَ اللّه ) أي ألبِسُوه إيّاها. أو الزِقوه بها، واجعلوه ملازما لها غير مفارق عنها . أو اجعلوه شعارا وعلامة لسلامتها وخلوصها .

1.في الحاشية: «نزغ الشيطان بينهم ينزغ نَزعا؛ أي أفسد، وأغوى» .

2.الأعراف (۷) : ۲۰۰ .

3.الأعراف (۷) : ۲۰۱ .

4.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۸۵ .

5.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۷۰ (طيف) مع اختلاف يسير.


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
20

قيل : أي عذر لا يكون صاحبه صادقا فيه، أو توبةٌ . ۱
وقيل : أي معذرة غير المحقّ، وإلّا فاللّه سبحانه أعدل وأكرم من [أن] لا يقبل معذرة المحقّ . أو المراد: ليس له معذرة في المخالفة حتّى تقبل؛ لأنّه تعالى قطع الأعذار ببعث الرسل، وإنزال الكتب، ونصب الوصيّ ، والهداية إلى سبيله . ۲
وقوله : (مُستقبَلُ توبة) بالباء الموحّدة فيما رأيناه من النسخ . وكأنّه مصدر، أو اسم مكان على صيغة اسم المفعول ؛ أي لا يكون لأحد في ذلك اليوم استئناف توبة وإحداثها، أو مكانها ومحلّها .
ويحتمل كونه على صيغة اسم الفاعل؛ أي من يستقبل إلى توبته، ويتوجّه إليها، ويقبلها .
وعلى التقديرين يكون مرفوعا على الابتدائيّة ، أو على أنّه اسم «لا»، و«توبة» بالجرّ على الإضافة، واحتمال كون «مستقبل» بالجرّ على أنّه صفة ل «أحد» و«توبة» بالرفع على الابتدائيّة أو الاسميّة بعيد .
وضبطه بعض الشارحين بالياء المثنّاة التحتانيّة ، وقال : «أي ليس لأحدٍ مستقيل طالب الرجوع إلى الدنيا توبة ورجوع إليها؛ ليفعل فيها ما يكفّرها» . وقال : «أو المراد أنّه ليس لطالب غفران الذنب في ذلك اليوم توبة منه؛ لفوات محلّها، وهو الدنيا» . ۳
وقوله : (فمن كان من المؤمنين...) فذلكة، أو تفسير وبيان للفقرة السابقة .
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرا يَرَهُ»۴ الآية :
ولعلّ حسنة الكافر وسيّئة المجتنب عن الكبائر تؤثّران في نقص الثواب والعقاب . وقيل : الآية مشروطة بعدم الإحباط والمغفرة، أو من الاُولى مخصوصة بالسعداء، والثانية بالأشقياء . والذرّة: النملة الصغيرة، أو الهباء . انتهى . ۵
وقوله : (من الذنوب والمعاصي ما قد نهاكم) إلى آخره .
قيل : لعلّ قوله : «من الذنوب» بيان للموصول بعده، أو الموصول بدل من «الذنوب» . ۶

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۰۹ .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه اللهفي مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۷۱ .

3.الزلزلة (۹۹) : ۷ .

4.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۵۱۹ (مع تلخيص) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 180923
صفحه از 624
پرینت  ارسال به