207
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

دواء له، كأنّه أعيا الأطبّاء .
وفي كثير من النسخ: «يعنيك» من العناية ؛ يُقال : عناه الأمر يعنيه ويعنوه عناية ـ بالفتح والكسر ـ إذا أهمّه، وأشغله.
أو من الإعناء ؛ يُقال : أعناه الأمر، إذا أتعبه. وأعناه ؛ أي أذلّه، وأخضعه .
أو من التعنية، من قولهم : عني ـ كرضي ـ عناء؛ أي تَعِب، ونَصب. وعنّيته أنا تعنية .
وقوله : (خذها) ؛ كأنّ الضمير راجع إلى ما ذكر من الكلمات، أو إلى العوذة، أو إلى البسملة، أو إلى الرقية، أو إلى الشفاء .
وكذا المستتر في قوله : (فلتهنيكَ) بفتح اللام وكسرها، وفتح التاء وكسر النون، أو فتحها من الهنئ، وهو السائغ واللذيذ، وما أتاك بلا مشقّة. يُقال : هَنَأ لي الطعام يَهْنئ ويهنأ ، فهو هنيء .
وحكى الجوهري هنا في الطعام: «يهنئنِي ، ويَهْنؤني» . ۱
وقوله : «فَلَا اُقْسِمُ» .
قال البيضاوي :
كلمة «لا» للنفي؛ أي لا اُقسم ؛ إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قَسَم، أو فاُقسم ، و«لا» مزيدة للتأكيد، كما في «لئلّا يعلم» أو «فَلَأَنَا اُقسم» فحذف المبتدأ، واُشبع فتحة لام الابتداء ، ويدلّ عليه قراءة «فَلَاُقْسِمُ»، أو فلا مَردٌّ لكلام يخالف المقسم عليه .
«بِمَوَاقِعِ النُّجوُمِ» بمساقِطها . وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها ، والدلالة على وجود مؤثّر لا يزول تأثيره . أو بمنازلها ومجاريها .
وقيل : النجوم نجوم القرآن، ومواقعها أوقات نزولها . ۲
وقوله : (لتبرأنّ) بكسر اللام، على صيغة الأمر من البرء . يُقال : بَرَأ من مرضه ـ كعلم ومنع ـ بُرْءً، بالضمّ: إذا صحّ .
وقوله : (وسألته عن رُقية الحُمّى، فحدّثني بهذا) أي حدّثني بهذا الحديث حين سألته عن رقية الحمّى .

1.راجع : الصحاح ، ج ۱ ، ص ۸۴ (هنأ) .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۲۹۲ (مع اختلاف يسير) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
206

قوله : (حُمَّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ) على البناء للمفعول ؛ أي أصابته الحمّى، وصار محموما .
وقوله : (فعوّذه) .
قال الجوهري : «عاذ به، واستعاذ: لجأ إليه. وأعاذه وعوّذه بمعنى» . ۱
وقوله : (بسم اللّه أرقيك) .
في المغرب: «رَقاه الراقي رقْيةً ورَقْيا، من باب ضرب: عوّذه، ونفث في عُوذته» . ۲
وفي المصباح : «رقيت له رقية، من باب رَقيا: عوّذته باللّه » انتهى . ۳
وقيل : معنى «بسم اللّه أرقيك»: بسم اللّه اُعوّذك، لا بغيره . والمراد بالاسم هنا المسمّى، كقوله : «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ»۴ ، والاسم هو الكلمة الدالّة على المسمّى، إلّا أنّه قد يتّسع ، فيوضع الاسم موضع المسمّى مسامحة . ۵
أقول : الظاهر حمله على الظاهر، ولا داعي لصرفه عنه؛ فإنّ أسماءه تعالى يتبرّك بها كما يتبرّك بذاته المقدّسة ؛ فإنّ لها أيضا فضيلة جزيلة، وخواصّ جليلة، وفضائل الاسم الأعظم والآثار المترتّبة عليه أكثر من أن تُحصى .
(وبسم اللّه أشفيك) . الظاهر أنّه من المجرّد، وكونه من باب الإفعال أو التفعيل محتمل .
والشِّفاء، بالكسر: الدواء . يُقال : شفاه اللّه من مرضه شِفاءً، وشفّاه تشفيةً: برّأه، وطلب له الشفاء .
وحكى الجوهري ، عن أبي عبيد : «أشفاه اللّه عَسَلاً، إذا جعله له شفاءً» . ۶
وقال بعض الشارحين : «معنى «بسم اللّه أشفيك»: اُعالجك بهذا الاسم ، فوضع الشفاء موضع العلاج والمداواة» . ۷ هذا كلامه، فليتأمّل .
وقوله : (يُعييك) ۸ من الإعياء . يُقال : أعيا السيرُ البعير، إذا أكلّه . وداءٌ عَياء؛ أي صعب لا

1.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۶۷ (عوذ) مع اختلاف .

2.المغرب ، ص۳۲۰ (رقي).

3.المصباح المنير ، ص ۲۳۶ (رقي) مع اختلاف .

4.الأعلى (۸۷) : ۱ .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۴۵ .

6.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۳۹۴ (شفي) .

7.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۴۶ .

8.في الوافي كما في بعض نسخ الكافي : «يعنيك» . وقال في الوافي : «أي يقصدك . يقال : عنيت فلانا عنيا ، إذا قصدت . وقيل : معناه: من كلّ داء يشغلك ويهمّك» .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 161287
صفحه از 624
پرینت  ارسال به