وأقول : الظاهر أنّ الموصول صفة للذنوب.
والعطف في قوله : (في كتابه الصادق والبيان الناطق) إمّا للبيان والتفسير، أو يُراد بالمعطوف بيان جبرئيل، أو الرسول، أو أوصيائه؛ فإنّ مناهي الكتاب ومحرّماته بعضها ظاهر لا يحتاج إلى البيان ، وبعضها باطن لا يعلم إلّا ببيانهم . ووصف البيان بالناطق مجاز باعتبار دلالته على المقصود، وإفصاحه عنه كالنطق .
وقوله : (فلا تأمنوا مكر اللّه ) إلى قوله : (في هذه الدنيا) ؛ إشارة إلى قوله ـ عزّ وجلّ ـ في سورة الأعراف : «وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ۱مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» . ۲
وقوله : (فإنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ يقول) تعليل لما سبق من الحثّ على ذكر اللّه عند دعوة الشيطان إلى شهوات الدنيا ولذّاتها .
«إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ» .
هذه الآية أيضا في سورة الأعراف بعد الآية السابقة .
قال البيضاوي :
«طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ» لَمّة منه، وهو اسم فاعل من طاف يطوف، كأنّها طافت بهم، ودارت حولهم، فلم تقدر أن تؤثّر فيهم . أو من طاف به الخيال يَطيف طَيْفا ، والمراد بالشيطان الجنس .
«تَذَكَّرُوا» ما أمر اللّه به، ونهى عنه «فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ»۳ ؛ بسبب تذكّر مواقع الخَطأ ومكائد الشيطان، فيحترزون عنها، ولا يتّبعونه فيها . والآية تأكيد وتقرير لما قبلها . انتهى . ۴
وفي القاموس: «الطّيف: الخيال الطائف في المنام، أو مجيئهُ في النوم» . ۵
(وأشعروا قلوبكم خوفَ اللّه ) أي ألبِسُوه إيّاها. أو الزِقوه بها، واجعلوه ملازما لها غير مفارق عنها . أو اجعلوه شعارا وعلامة لسلامتها وخلوصها .
1.في الحاشية: «نزغ الشيطان بينهم ينزغ نَزعا؛ أي أفسد، وأغوى» .
2.الأعراف (۷) : ۲۰۰ .
3.الأعراف (۷) : ۲۰۱ .
4.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۸۵ .
5.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۷۰ (طيف) مع اختلاف يسير.