23
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

«أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ» ؛ كما خسف بقارون .
«أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ»۱ بغتةً من جانب السماء، كما فعل بقوم لوط .
«أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِى تَقَلُّبِهِمْ» أي متقلّبين في مسائرهم ومتاجرهم .
«فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ»۲ عمّا أراد بهم .
«أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ»۳ ؛ على مخافة بأن يُهلك قوما قبلهم، فيتخوّفوا، فيأتيهم العذاب وهم متخوّفون . أو على أن ينقص ۴ شيئا بعد شيء في أنفسهم وأموالهم حتّى يهلكوا، من تخوّفته، إذا تنقّصته . ۵
(واللّه لقد وعظكم اللّه في كتابه بغيركم) ممّن أهلكه من العُصاة والعُتاة بعصيانهم وعتوّهم .
قال الفيروزآبادي : «وعظه يعظه وَعْظا وعِظَةً ومَوعظةً : ذكره ما يُليّن قلبه من الثواب والعقاب» . ۶
وقوله عليه السلام : (وُعِظ بغيره) على البناء للمفعول .
وقوله تعالى : «وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ» أي كسرناها وأهلكنا أهلها .
قال الجوهري : «قَصَمت الشيء قَصْما، إذا كسرته حتّى يبين» . ۷«كَانَتْ ظَالِمَةً» صفة لأهل القرية .
وإنّما وصفت القرية به ؛ لإقامتها مقامه ، كما قال عليه السلام : (وإنّما عنى بالقرية أهلها) .
وقوله : (حيث يقول) تعليل لسابقه .
«وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا» أي بعد هلاك أهلها .
«قَوْما آخَرِينَ»۸ مكانهم ؛ فإنّ لفظ القوم يدلّ على أنّ المراد بها أهلها، وإلّا فالمناسب أن يقول : وأنشأنا بعدها قُرىً اُخرى .
(فقال عزّ وجلّ) في سورة الأنبياء متّصلاً بالآية السابقة : «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا» أي فلمّا

1.النحل (۱۶) : ۴۵ .

2.النحل (۱۶) : ۴۶ .

3.النحل (۱۶) : ۴۷ .

4.في المصدر : «أن ينقصهم» .

5.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۴۰۰ .

6.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۴۰۰ (وعظ) .

7.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۱۳ (قصم) .

8.الأنبياء (۲۱) : ۱۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
22

وقيل : يحتمل أن يكون معناه : اجعلوا قلوبكم شاعرة غير غافلة من خوفه . ۱
قال الفيروزآبادي :
الشعار، ككتاب: جلّ الفرس، والعلامة في الحرب والسفر ـ ويفتح ـ وما تحت الدثار من اللباس، وهو ما يلي شعر الجسد، ويفتح. وأشعَرَهُ غيره: ألبسَهُ إيّاه . وأشعر الهمُّ قلبي: لزِق به . وكلّ ما ألزقته بشيء، أشعرته به. والقوم : نادوا بشعارهم، أو جعلوا لأنفسهم شِعارا . والبدنة : أعلمها . ۲
وقوله : (كما قد خوّفكم من شديد العقاب) أي كما لزمكم أن تذكروا ما قد خوّفكم .
وقوله : (فإنّه من خاف شيئا حذره) ؛ بكسر الذال من الحِذر ـ بالكسر وبالتحريك ـ وهو الاحتراز .
وقيل : الجملة تعليل للأمر بإشعار الخوف ۳ . ولا يخفى بُعده ، بل الظاهر أنّه بيان لكيفيّة تذكّر التخويف من شديد العقاب وعلامته، وإرشاد لسلوك طريقته .
(ولا تكونوا من الغافلين) عن عذاب اللّه وموجباته .
(المائلين إلى زهرة الدُّنيا) .
في القاموس : «الزهرة، ويحرّك: النبات ونَوره . ومن الدنيا: بهجتها ونضارتها وحسنها» . ۴
وقوله : (الذين مكروا السيّئات) صفة اُخرى للغافلين .
ويحتمل أن يكون مبتدأ، وما بعده خبره .
وعلى التقديرين ، قوله : (فإنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ يقول) استشهاد لسوء خاتمة المكر السيّء .
«أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَات» .
الاستفهام للإنكار والتوبيخ . قال بعض المفسّرين :
أي المكرات السيّئات، وهم الذين احتالوا لهلاك الأنبياء، أو الذين مكروا برسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وراموا صدَّ أصحابه عن الإيمان .

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه اللهفي مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۷۱ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۱۰ .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۵۹ (شعر) .

4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۴۳ (زهر) مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 180829
صفحه از 624
پرینت  ارسال به