231
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

قيل : لعلّ المراد بالعلم العلم بالأحكام وغيرها ممّا اُوحي إليه، وبالإيمان اُصول الدِّين وأركانه، وبالاسم الأكبر الاسم الأعظم، أو كتاب الأنبياء .
روى المصنّف رحمه الله في باب ما نصّ اللّه ورسوله على الأئمّة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «أنّ الاسم الأكبر هو الكتاب الذي يعلم به علم كلّ شيء، الذي كان مع الأنبياء» . ۱ والمراد بميراث العلم الإرشاد والتعليم والهداية والخلافة . وبآثار علم النبوّة الصلاح والكرامات والأسرار التي لايجوز للنبيّ إظهاره لغير الوصيّ .
وقال بعض المؤرّخين من العامّة : إنّ آدم عليه السلام أخرج صندوقا أبيض عند وصيّته إلى شيث عليه السلام ، وفتح قفله، وأخرج منه صحيفة بيضاء، ونشرها، فبلغ نورها شرقا وغربا، وكانت فيها أسامي جميع الأنبياء والأوصياء وصفاتهم وعلاماتهم ومعجزاتهم وأزمنتهم وأيّامهم ومدّة عمرهم وما يرد عليهم من القضاء والبلاء، أوّلهم آدم عليه السلام ، وآخرهم خاتم الأنبياء، وسائرهم على الترتيب، فعرضهم على شيث، ثمّ وضعها في الصندوق، ودفعه إلى شيث، وأمره بحفظه . ۲
وقوله : (في العقب من ذرّيّتك) .
كلمة «من» للتبيين، أو للتبعيض. وذرّيّة الرجل: ولده .
وقوله : (عند هبة اللّه ) بيان للذرّيّة .
ويفهم منه أنّ الرسالة والنبوّة والوصاية من لدن آدم عليه السلام إلى من بلغ إنّما كانت بأمر اللّه عزّ وجلّ، وتنصيص الأنبياء ووصيّتهم وهكذا كانت سنّة اللّه فيهم، فبطل قول من زعم تفويض الخلافة والإمامة إلى إجماع الجهلة من هذه الاُمّة، «ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ»۳ .
وقوله : (ولن أدَع الأرض) أي لن أتركها .
وقوله : (ويكون نجاة) .
اسم «يكون» العالم المذكور، أو ما عنده من آثار علم النبوّة . والمراد بالنجاة نجاة الدارين

1.الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۹۳ ، ح ۳. وعنه في بحار الأنوار ، ج ۱۷ ، ص ۱۴۲ ، ح ۲۹.

2.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۵۳ .

3.ص (۳۸) : ۲۷ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
230

وقوله : (لُعِنْتِ من أرض) على البناء للمفعول، بصيغة المؤنّث للمخاطبة ، خاطب عليه السلام القطعة من الأرض التي قُتل فيها ابنه بالدعاء عليها، وقد شاع ذمّ المكان والزمان باعتبار وقوع الفعل فيهما .
وقيل : يحتمل أن يكون لُعِنَتْ ـ بسكون التاء ـ مسندا إلى ضمير القطعة منها ، وكلمة «من» على التقديرين بيانيّة، أو للتبعيض، باعتبار أنّ الملعونة هي تلك القطعة من الأرض لا جميعها؛ إذ لها قطع مباركة طيّبة نزلت فيها الرحمة والخير دائما. ۱
واللعن: الطرد، والإبعاد . والملعون: المشؤوم البعيد من الخير .
وقوله : (فسمّاه هبة اللّه ) .
قيل : دلّ هذا على أنّه عليه السلام يعرف لغة العرب، ويتكلّم بها . وقيل: اسمه بالسريانيّة: «شيث»، والتسمية ب «هبة اللّه » من العرب . ۲
وقوله : (واُخته توأم) عطف على «غلام»، و«توأم» خبر مبتدأ محذوف، والجملة حال من المعطوف ، بل من المعطوف عليه أيضا .
ويحتمل أن يكون الواو للحال، و«اُخته توأم» مبتدأ وخبر، أو تكون الجملة حالاً من «غلام» .
وقيل: فيه ردّ لما ذكره بعض العامّة من أنّه تولّد من حوّاء منفردا بخلاف سائر الإخوة .
وقوله : (استكمل أيّامه) .
في الصحاح: «استكمله: استتمّه» . ۳
وفي القاموس: «أكمله واستكمله وكمّله: أتمّه، وجمّله» . ۴
وقوله : (قد قضيت نبوّتك) على صيغة المخاطب المعلوم، أو الغائبة المجهولة.
وقس عليه قوله : (واستكملت أيّامك) .
وقوله : (فاجعل العلم) إلى قوله : (وآثار علم النبوّة) .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۵۳ .

2.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۸۱۳ (كمل) .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۴۶ (كمل) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 182430
صفحه از 624
پرینت  ارسال به