233
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

ويمكن حمل هذه الرواية على القولين بإدخال الطرف الواحد، أو الطرفين في جملة العشرة . واللّه أعلم بحقائق الاُمور .
(وأوصى آدم عليه السلام إلى هبة اللّه ) .
قال الجوهري : «أوصيت له بشيء، وأوصيت إليه، إذا جعلته وصيّك» . ۱
وفي المصباح : «الإيصاء: الأمر، والتذكير» . ۲
ويظهر من قوله عليه السلام فيما بعد أنّه كان آدم عليه السلام وصّى هبة اللّه أن يتعاهد هذه الوصيّة عند رأس كلّ سنة ، وأنّه كتب هذه الوصيّة، وكتب اسم نوح ونعته، وجعله وديعة عند هبة اللّه .
وقوله : (فأرسل هبة اللّه ) إلى آخره .
كأنّه عليه السلام كان عالما بمجيء جبرئيل أو غيره من الملائكة، فأرسله ليلقاهم في الطريق .
وقيل : فيه دلالة على أنّه كان للملائكة مقام معلوم يراهم آدم ووصيّه فيه، وإلّا لما احتاج إلى الإرسال . ۳
هذا كلامه، وهو كما ترى .
وقوله : (يستهديك) أي طلب منك الهديّة .
وقوله : (حتّى إذا بلغ) أي جبرئيل، أو هبة اللّه .
(للصلاة عليه) .
في بعض النسخ: «بالصلاة» . وفي الفقيه : «فبلغ إلى الصلاة عليه»، وهو أظهر .
وقوله : (فليس لنا أن نؤمّ شيئا من وُلده) .
في الفقيه : «قال جبرئيل : فلسنا نتقدّم أبرار ولده، وأنت من أبرّهم» ۴ ، وهذا كالصريح في أنّ الأبرار من بني آدم أفضل من جبرئيل وسائر الملائكة، وأنّ تقدّم المفضول على الفاضل غير جائز في أمر الصلاة، فكيف غيرها ممّا هو أعظم منها من الرئاسة العامّة في اُمور الدِّين والدُّنيا .
وقوله : (كبّر عليه ثلاثين تكبيرة) أي في صلاة واحدة، أو في ستّ صلوات .

1.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۵۲۵ (وصي) .

2.المصباح المنير ، ص ۶۶۲ (وصي) .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۵۴ .

4.الفقيه ، ج ۱ ، ص ۱۶۳ ، ح ۴۶۵ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
232

لمن مضى بسيرة العلماء، واستنّ بسنّتهم، والنجاة من عقوبة الدُّنيا لمن لم يكن بهذه المثابة؛ فإنّ وجود العالم سبب لبقاء نظام الخلق، ولولاه لساخت الأرض بأهلها .
وقوله : (وبشّر آدم بنوح صلّى اللّه عليهما) .
قال الجوهري : «بَشَره يَبْشُرُهُ، من البُشرى . وكذا أبشر وبشّر. والاسم: البشارة. بَشَرَ به يَبشَرُ استبشر» ۱ ؛ يعني أنّه عليه السلام أخبر ابنه هبة اللّه ببعثة نوح عليه السلام وظهوره .
وقيل : اسم نوح بالسريانيّة: «يشكر». وقيل : «ساكن» . وقيل : «ساكب» أو «سكبا»، وسمّاه العرب نوحا، وآدما ثانيا، ولقّبوه بشيخ الأنبياء ونجيّ اللّه .
وذكر بعض العامّة لتسميته عليه السلام بنوح ثلاثة أوجه أحدها: أنّه مرَّ بكلبٍ أجرب، فقال : إخسأ يا قبيح، فتكلّم الكلب ، وقال : اُخلق وأوجِد ما هو أحسن منّي إن قدرتَ . أو قال: تعيب النقّاش، دون النقش . أو قال : احفظ لسانك، إنّما أجريت أنت اسم آدمَ، ووصف النبوّة على نفسك، فاضطرب نوح، وبكى سنين كثيرة، فسمّي بنوح؛ لكثرة اشتغاله بالنوحة. وإنّما سمّوه آدم الثاني؛ لأنّ سلسلة أنساب بني آدم تنتهي إليه بعد الطوفان . ۲
قال الجوهري : «الطوفان: المطر الغالب يغشي كلّ شيء . قال الأخفش : واحدها في القياس: طوفانة» . ۳
وقوله : (وكان بين آدم وبين نوح ـ صلّى اللّه عليهما ـ عشرة آباء أنبياء وأوصياء كلّهم) ؛ يعني بعضهم نبيّ، وبعضهم وصيّ، لم يخرج النبوّة والوصاية من بينهم .
واعلم أنّ جماعة من أرباب السِّير ذكروا بين آدم ونوح ثمانية آباء؛ اثنان منهم من الأنبياء، والباقي من الأوصياء هكذا : نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ، وهو إدريس عليه السلام بن اليارد بن مهلائيل بن قينان بن انوش بن شيث بن آدم عليه السلام .
والأشهر في كتب النسّابة: نوح بن مشخد بن لمك، إلى آخره، فيكون بينهما تسعة من الآباء . ۴

1.اُنظر : الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۹۰ (بشر) .

2.اُنظر : شرح المازندراني ، ج ۱۲ ، ص ۵۴ .

3.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۳۹۷ (طفن) مع التلخيص .

4.راجع للمزيد : المناقب لابن شهر آشوب ، ج ۱ ، ص ۱۳۵ ؛ العمدة لابن البطريق ، ص ۲۴ ، عمدة الطالب لابن عنبة ، ص ۳۰ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 182174
صفحه از 624
پرینت  ارسال به