235
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

بها وتلاوتها لئلّا تندرس آثارها .
قال الجوهري : «التعهّد: التحفّظ بالشيء، وتجديد العهد به. وتعهّدت فلانا، وتعهّدت ضيعتي، وهو أفصح من قولك : تعاهدته ؛ لأنّ التعاهد إنّما يكون بين اثنين» . ۱
وفي القاموس: «تعهّده وتعاهده: تفقّده، وأحدث العهد به» . ۲
وقوله : (فيتعاهدون نوحا) إلى آخره .
ضمير الجمع للمؤمنين المستخفين من قابيل وأتباعهِ . والحاصل : أنّهم يتجدّدون العهد بالوصيّة به، ويطلبونها، وينظرون ما فيها من نعته وزمان بعثته؛ ليصدّقوه، ويؤمنوا به عند ظهوره .
وقوله : (بالعلم الذي عندهم) ؛ يعني وصيّة آدم وأبناءه الأنبياء والأوصياء .
(وهو) أي كون نوح رسولاً بأمر اللّه ووحيه، لا من عند نفسه، أو برأي الخلق .
(قول اللّه عزّ وجلّ) في مواضع عديدة من القرآن .
«وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحا»۳ حيث أسند الإرسال إلى نفسه المقدّسة .
(وكان من بين آدم ونوح من الأنبياء) ؛ لعلّ المراد بهم ما يعمّ الأوصياء .
(مستخفين) ؛ خوفا من قابيل وذرّيّته، كما مرّ . يُقال : استخفيت منك ؛ أي تواريت .
قيل : لعلّ المراد أنّ أكثرهم، أو جماعة منهم كانوا مستخفين، وإلّا فإدريس كان بين آدم ونوح نبيّا، وسمّاه اللّه تعالى في القرآن، ورفعه مكانا عليّا . ۴
(ولذلك خفي ذكرهم في القرآن) ؛ لأنّ ذكرهم فيه يوجب تكذيب المعاندين، حيث لم يحيطوا بهم خبرا .
وقوله : (وهو) أي ذكر المستعلنين منهم دون المستخفين .
(قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة النساء: «وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ»۵ ؛ أي من قبل هذه السورة، أو اليوم .

1.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۱۶ (عهد) .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۲۰ (عهد) .

3.هود (۱۱) : ۲۵ ؛ المؤمنون (۲۳) : ۲۳ ؛ العنكبوت (۲۹) : ۱۴ .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۵۶ .

5.النساء (۴) : ۱۶۴ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
234

وفي الفقيه : «فتقدّم، فكبّر عليه خمسا عدّة الصلوات التي فرضها اللّه ـ عزّ وجلّ ـ على اُمّة محمّد صلى الله عليه و آله » .
وفي بعض روايات العامّة: «أنّه كبّر عليه ثلاث تكبيرات» . وفي بعضها: «أربع تكبيرات» . ۱
وقوله : (فأمر جبرئيل) ؛ لعلّ المراد أنّه عليه السلام أمر هبة اللّه .
(فرفع) أي أسقط، ووضع . ۲
(خمسا وعشرين تكبيرة) أي وجوبها، أو عموم مشروعيّتها، فلا ينافي ما روي من فعل النبيّ صلى الله عليه و آله أحيانا لبعض الخصومات .
وقوله : (وقد كان يكبّر على أهل بدر تسعا وسبعا) . الظاهر أنّها في الصلاة على ميّت واحد .
ويحتمل كونها بالتشريك على ميّتين؛ بأن كان حضور الثاني بعد [التكبير] الثاني، أو بعد الرابع .
(ثمّ إنّ هبة اللّه لمّا دفن أباه) .
قال أرباب التواريخ : «دفنه في غار جبل أبي قبيس» . ۳ وقال بعضهم : «ثمّ حمله نوح عليه السلام يوم الطوفان معه في السفينة، ودفنه بعد الخروج منها في سرنديب» . ۴
وقيل : «عاش حيّا عليه السلام بعده بسنة» . وقيل : «سبع سنين» . ۵
وقوله : (فلبث هبة اللّه ) إلى آخره .
فيه دلالة على أنّ العلم ما زال مكتوما منذ توفّي آدم عليه السلام ، وأنّ التقيّة شرعت من ذلك الوقت.
وقوله : (وظهرت وصيّة هبة اللّه ) أي ظهر صدق إخباره، ووصيّته ببعثة نوح، أو ببعثة الأنبياء الذين كانوا قبله أيضا .
وقيل : أي ظهر كونه وصيّا لآدم؛ لأنّه كان يُخفيه من الأشرار . ۶
وقوله : (أن يتعاهد هذه الوصيّة) أي أنّه عليه السلام أمره بالمحافظة والمواظبة على تجديد العهد

1.اُنظر : شرح المازندراني ، ج ۱۲ ، ص ۵۴ و ۵۵ .

2.قال المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲ ، ص ۲۹۱ : «يعني رفعها من التكليف ، وخفّف الأمر» .

3.اُنظر: قصص الأنبياء للجزائري ، ص ۷۰ ؛ شرح المازندراني ، ج ۱۲ ، ص ۵۵ .

4.اُنظر : شرح المازندراني ، ج ۱۲ ، ص ۵۵ .

5.اُنظر : الوافي ، ج ۲ ، ص ۲۹۱ و ۲۹۲ .

6.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۵۵ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 182035
صفحه از 624
پرینت  ارسال به