239
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

بهم. أو ليسوا ببعيد منكم في الكفر والمساوي، فلا يبعد عنكم ما أصابهم .
وإفراد البعيد؛ لأنّ المراد: وما إهلاكهم، أو وما هم شيء ببعيد . ولا يبعد أن يُسوّى في أمثاله بين المذكّر والمؤنّث؛ لأنّها على زِنة المصادر، كالصهيل والشهيق . 1
أقول : الغرض من قوله : «ولا يبعد أن يسوّى» إلى آخره ، دفع ما يقال من أنّ «قوما» مؤنّث باعتبار الجمعيّة، أو لتصغيره على «قويمة»، فالمناسب أن يُقال : «ببعيدة» .
وقال في تفسير قوله تعالى في سورة العنكبوت : «فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ» : «هو ابن أخيه، وأوّل مَنْ آمن به . وقيل : إنّه آمن به حين رأى النار، ولم تحرقه . «وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ» من قومي «إِلى رَبِّي» ؛ إلى حيث أمرني ربّي» . 2
وقال في تفسير قوله تعالى في سورة العنكبوت :
«وَإِبْراهِيمَ» عطف على «نوحا»، أو نصب بإضمار «اُذكر»، وقرئ بالرفع على تقدير «ومن المرسلين إبراهيم».
«إِذْ قَالَ لِقَومِهِ اعْبُدُوا اللّهَ» ظرف لأرسلنا ؛ أي أرسلناه حين كمل عقله، وتمّ نظره، بحيث عرف الحقّ، وأمر الناس به . أو بدل منه بدل الاشتمال إن قدّر ب «اُذكر».
«وَاَتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ» ممّا أنتم عليه «إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» الخير والشرّ، وتميّزون ما هو خير ممّا هو شرّ ، أو كنتم تنظرون في الاُمور بنظر العلم دون نظر الجهل . 3
وقوله : (فجرى بين كلّ نبيّين) أي من الأنبياء المعروفين، أو اُولي العزم .
وقوله : (ما جرى لنوح عليه السلام ) من وصيّته إلى وصيّه ، والأمر بتعاهدها وكتمانها، وبشارته بمن يأتي بعده من الأنبياء.
وهذا كالتأكيد لقوله : «وكذلك جاء في وصيّة كلّ نبيّ» .
(وكما جرى لآدم) من وصيّته إلى هبة اللّه ، وبشارته بنوح . وكذا البواقي .
وقوله : (حتّى انتهت) أي الوصيّة، أو النبوّة .
وقوله : (فكان بين يوسف وبين موسى من الأنبياء) من قبيل قوله ممّا مرّ .
وقوله عليه السلام : (ثمّ أرسل الرُّسل تترى ...) اقتباس من قوله تعالى في سورة المؤمنون : «ثُمَّ

1.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۲۵۵ و ۲۵۶ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۳۱۳ .

3.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۳۱۱.


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
238

وفسّره عليه السلام بقوله : (لنجعلها) بصيغة المتكلّم . وفي بعض النسخ: «ليجعلها» بصيغة الغيبة .
(في أهل بيته) .
لعلّ المراد: هديناه لتعيين الخليفة، لنجعل الخلافة في أهل بيته ، فيدلّ على أنّها من صُنعه تعالى يضعها فيمن يشاء، ولم يفوّضها بآراء الناس واختيارهم .
«وَنُوحا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ»۱ .
قال البيضاوي : «أي من قبل إبراهيم، عدّ هداه نعمة على إبراهيم من حيث إنّه أبوه، وشرف الوالد يتعدّى إلى الولد» . ۲
(وأمر العقب من ذرّيّة الأنبياء عليهم السلام مَن كان قبل إبراهيم) أي أمر هود عليه السلام العقب بتعاهد الوصيّة .
(لإبراهيم عليه السلام ) .
وفي كثير من النسخ: «وآمَن العقب».
وكلمة «من» في قوله : (من الأنبياء) للتبعيض، وكان قوله عليه السلام : (وهو قول اللّه عزّ وجلّ : «وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ»۳ ) ، وقوله : «فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ»۴ بيانا لمن آمن لإبراهيم من ذرّيّة الأنبياء .
وقوله : «وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ»۵ الآية، بيان لنبوّة إبراهيم عليه السلام وبعثته، فلا يرد ما قيل من أنّ الظاهر أنّ الآيتين الأوّلتين لبيان أنّه قد كان بين هود وإبراهيم أنبياء، ومنهم لوط. وهو مخالف لغيره من الأخبار الدالّة على أنّ لوطا كان بعثته بعد بعثة إبراهيم عليه السلام ، وكان معاصرا له على هذا .
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى في سورة هود : «وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي» :
أي لا يكسبنّكم [ «شِقَاقِي» ] معاداتي «أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ» من الغرق «أَوْ قَوْمَ هُودٍ» من [الريح. «أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ» من الرجفة]، و«إنّ» بصلتها ثاني مفعولي «جرم»؛ فإنّه يعدّى إلى واحد وإلى اثنين، ككسب.
«وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ»۶ زمانا، أو مكانا، فإن لم تعتبروا بمَن قبلهم، فاعتبروا

1.الأنعام (۶) : ۸۴ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۴۲۶ .

3.هود (۱۱) : ۸۹ .

4.العنكبوت (۲۹) : ۲۶ .

5.العنكبوت (۲۹) : ۱۶ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181538
صفحه از 624
پرینت  ارسال به