«حَتّى جَعَلْناهُمْ حَصِيدا» مثل الحصيد، وهو النبت المحصود، ولذلك لم يجمع .
«خَامِدِينَ»۱ : ميّتين، من خمدت النار، وهو مع «حصيدا» بمنزلة المفعول الثاني، كقولك : جعلته حلوا حامضا ؛ إذ المعنى : وجعلناهم جامعين لمماثلة الحصيد والخمود . أو صفة له، أو حال من ضميره . انتهى . ۲
واعلم أنّ هذه قصّة بني اُميّة بعد ظهور الصاحب عليه السلام ، كما مرّ . وقال جمع من العامّة : إنّ أهل «حضور» من قرى اليمن بعث إليهم نبيّ، فقتلوه، فسلّط اللّه عليهم بخت نصر، فوضع السيف فيهم، فنادى مناد من السماء: يا لثارات الأنبياء! فندموا، وقالوا : يا ويلنا، إلى آخره . ۳
(ثمّ رجع القولُ من اللّه في الكتاب) في تلك السورة بعينها.
وذكر «ثمّ» للإشعار بتخلّل الآيات بينها وبين السابقة .
وقوله : «وَلَـئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ» .
قال البيضاوي :
أدنى شيء من العذاب، وفيه مبالغات ذكر المسّ ، وما فيه النفحة من معنى القلّة؛ فإنّ أصل النفح هبوب رائحة الشيء، والبناء الدالّ على المرّة .
«مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ» من الذي ينذرون به .
«لَيَقُولُنَّ يَـوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَــلِمِينَ» ؛ ۴ لدعوا على أنفسهم بالويل، واعترفوا عليها بالظلم . ۵
(فإن قلتم: أيّها الناس) ؛ خطاب لمن أنكر صدق مضامين الآيات السابقة على أهل التوحيد .
(إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ إنّما عنى بهذا) الذي ذكر وأمثاله ممّا دلّ على عقوبة أهل الظلم .
(أهلَ الشرك) مفعول «عنى»؛ يعني: لا يعني به أهل الإسلام؛ لأنّهم غير معاقبين بزعمكم الباطل .
فقال عليه السلام في جوابهم : (فكيف ذلك)؛ يعني اختصاص العقوبة بأهل الشرك .
1.الأنبياء (۲۱) : ۱۵ .
2.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۸۶ .
3.اُنظر : تفسير السمرقندي ، ج ۲ ، ص ۴۲۱ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۸۵ .
4.الأنبياء (۲۱): ۴۶.
5.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۹۶ .