25
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

«حَتّى جَعَلْناهُمْ حَصِيدا» مثل الحصيد، وهو النبت المحصود، ولذلك لم يجمع .
«خَامِدِينَ»۱ : ميّتين، من خمدت النار، وهو مع «حصيدا» بمنزلة المفعول الثاني، كقولك : جعلته حلوا حامضا ؛ إذ المعنى : وجعلناهم جامعين لمماثلة الحصيد والخمود . أو صفة له، أو حال من ضميره . انتهى . ۲
واعلم أنّ هذه قصّة بني اُميّة بعد ظهور الصاحب عليه السلام ، كما مرّ . وقال جمع من العامّة : إنّ أهل «حضور» من قرى اليمن بعث إليهم نبيّ، فقتلوه، فسلّط اللّه عليهم بخت نصر، فوضع السيف فيهم، فنادى مناد من السماء: يا لثارات الأنبياء! فندموا، وقالوا : يا ويلنا، إلى آخره . ۳
(ثمّ رجع القولُ من اللّه في الكتاب) في تلك السورة بعينها.
وذكر «ثمّ» للإشعار بتخلّل الآيات بينها وبين السابقة .
وقوله : «وَلَـئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ» .
قال البيضاوي :
أدنى شيء من العذاب، وفيه مبالغات ذكر المسّ ، وما فيه النفحة من معنى القلّة؛ فإنّ أصل النفح هبوب رائحة الشيء، والبناء الدالّ على المرّة .
«مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ» من الذي ينذرون به .
«لَيَقُولُنَّ يَـوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَــلِمِينَ» ؛ ۴ لدعوا على أنفسهم بالويل، واعترفوا عليها بالظلم . ۵
(فإن قلتم: أيّها الناس) ؛ خطاب لمن أنكر صدق مضامين الآيات السابقة على أهل التوحيد .
(إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ إنّما عنى بهذا) الذي ذكر وأمثاله ممّا دلّ على عقوبة أهل الظلم .
(أهلَ الشرك) مفعول «عنى»؛ يعني: لا يعني به أهل الإسلام؛ لأنّهم غير معاقبين بزعمكم الباطل .
فقال عليه السلام في جوابهم : (فكيف ذلك)؛ يعني اختصاص العقوبة بأهل الشرك .

1.الأنبياء (۲۱) : ۱۵ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۸۶ .

3.اُنظر : تفسير السمرقندي ، ج ۲ ، ص ۴۲۱ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۸۵ .

4.الأنبياء (۲۱): ۴۶.

5.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۹۶ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
24

أدركوا شدّة عذابنا إدراك المشاهد المحسوس.
وقد تقدّم تفسير هذه الآية عن أبي جعفر عليه السلام ، وذكرنا هناك ما يتعلّق بها ، ونقول هاهنا : كان ضمير التأنيث في قوله : «إِذَا هُمْ مِنْهَا» راجع إلى شدّة العذاب المفهوم من البأس .
( «يَرْكُضُونَ»۱ ؛ يعني يهربون) مُسرعين راكضين دوابّهم، أو متشبّهين بهم من فرط إسراعهم .
وقوله عليه السلام : (قال: «لا تَرْكُضُوا» ) تنبيه على إرادة القول هنا .
قال بعض المفسّرين : «لا تركضوا على إرادة القول؛ أي قيل لهم استهزاءً: لا تركضوا ؛ إمّا بلسان الحال، أو المقال . والقائل ملك، أو مَن ثَمَّ من المؤمنين» . ۲«وَارْجِعُوا إِلى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ» من التنعّم والتلذّذ .
والإتراف: إبطار النعمة .
«وَمَسَاكِنِكُمْ» التي كانت لكم .
«لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ»۳ غدا عن أعمالكم، أو تعذّبون؛ فإنّ السؤال من مقدّمات العذاب . أو تُقصَدون للسؤال والتشاور في المهامّ والنوازل . هذا قول المفسّرين ، ويرد عليه أنّه لا مدخل للرجوع عن هذا السؤال ۴ ، وقد فسّره أبو جعفر عليه السلام بالسؤال عن الكنوز والذخائر، كما مرّ .
«قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ» . ۵
قالوا ذلك لمّا رأوا العذاب ، أو لم يروا وجه النجاة، فلذلك لم ينفعهم .
«فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ» .
قال البيضاوي :
أي فما زالوا ۶ يردّدون ذلك، وإنّما سمّاه دعوى؛ لأنّ المُوَلوِل كأنّه يدعو الويل، ويقول: يا ويل، تَعالَ، فهذا أوانك، وكلّ من «تلك» و«دعواهم» يحتمل الاسميّة والخبريّة .

1.الأنبياء (۲۱) : ۱۲ .

2.تفسيرالبيضاوي ، ج ۴ ، ص ۸۵ .

3.الأنبياء (۲۱) : ۱۳ .

4.اُنظر : شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۴۱۱ و ۴۱۲ .

5.الأنبياء (۲۱) : ۱۴ .

6.هكذا في المصدر. وفي النسخة : - «زالوا» .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 180827
صفحه از 624
پرینت  ارسال به