241
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

عنهم؛ لأنّهم آل إبراهيم، وهم آل عمران، وهم الذرّيّة التي بعضها من بعض .
وقيل : «ذلك» إشارة إلى كون العلم والرسالة والولاية والوصاية في السابقين واللاحقين بوحي منه تعالى وأمره . ۱
(قول اللّه تعالى) في سورة آل عمران : «إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ»۲ .
قال البيضاوي :
أي بالرسالة والخصائص الروحانيّة والجسمانيّة، ولذلك قَووا على ما لم يَقْوَ عليه غيرهم . «وَآلَ إبْرَاهِيمَ» : إسماعيل وإسحاق وأولادهما، وقد دخل فيهم الرسول عليه السلام . «وَآلَ عِمْرَانَ» : موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر بن فاهث بن لاوي بن يعقوب، أو عيسى واُمّه مريم بنت عمران بن ماثان من أسباط يهوذا بن يعقوب، وكان بين العمرانين ألف وثمانمائة .
«ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» ؛ حال، أو بدل من الآلَيْنِ، أو منهما ومن نوح؛ أي إنّهم ذرّيّة واحدة متشعّبة بعضها من بعض .
وقيل : بعضها من بعض في الدين . والذرّيّة: الولد، يقع على الواحد والجمع، فُعليّة من الذرّ، أو فُعّولة من الذرء اُبدلت همزتها ياء، ثمّ قلبت الواو، واُدغمت .
«وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» بأقوال الناس وأعمالهم، فيصطفي من كان مستقيم القول والعمل . ۳
وأقول : يظهر من الأخبار المتكثّرة المتظافرة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام أنّه دخل في الآلَين، وفي الذرّيّة الرسول صلى الله عليه و آله وذرّيّته المعصومين ، بل يظهر من بعضها اختصاص الآل والذرّيّة بهم .
وقوله : (لم يجعل العلم جهلاً) .
قيل : أي لم يجعل العلم مبنيّا على الجهل، بأن يكون أمر الحجّة مجهولاً لا يعلمه الناس، ولا بيّنه لهم، أو لم يجعل العلم مخلوطا بالجهل، بل لابدّ أن يكون العالم عالما بجميع ما

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۶۰ .

2.آل عمران (۳) : ۳۳ .

3.تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۲۹ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
240

أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ» 1 .
قال البيضاوي :
«تَتْرى» أي متواترين واحدا بعد واحد، من الوتر، وهو الفرد . والتاء بدل من الواو، كتولج ، والألف للتأنيث؛ لأنّ الرسل جماعة .
وقرأ أبو عمرو: «وتترًى» بالتنوين، على أنّه مصدر بمعنى المتواترة وقع حالاً.
«كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ» ؛ أضاف الرسول مع الإرسال إلى المرسل، ومع المجيء [إلى المرسل إليهم]. «بَعْضَهُمْ بَعْضا» في الإهلاك «وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ» لم نبق منهم إلّا حكايات يُسمر بها ، وهو اسم جمع «اُحدُوثة»، وهي ما يتحدّث به تلهّيا وتعجّبا . 2
وقوله : (اثنان قائمان) جملة حاليّة؛ أي والحال أنّ اثنين من الأنبياء قائمان ينظران إلى النبيّ المقتول، ولا ينصرانه للتقيّة، أو لعدم القدرة على النصرة .
والغرض أنّ التقيّة ممّا جرت به سنّة اللّه في الأوّلين والآخرين، وليست مختصّة بأوصياء هذه الاُمّة وشيعتهم . أو يراد باثنان رجلان من القوم واقفان، ولا يزجران القاتل؛ إمّا لما ذكر، أو عدم المبالاة، وعلى هذا القياس .
قوله : (ويقتلون اثنين وأربعة قيام) جمع قائم .
وقوله : (ويقوم سوق قتلهم) .
السوق، بالضمّ: معروف ، وقيامه: نَفاقه، ورواجه .
(آخر النهار) ظرف للقيام، أو غاية له . وعلى الثاني يكون المراد أنّهم كانوا يقتلون في هذا الزمان القليل هذا العدد الكثير .
وفي بعض النسخ: «سوق بقلهم»، وهو موافق لما روي في غير هذا الخبر ؛ أي لا يبالون بذلك حيث كان بعد قتل سبعين نبيّا يقوم أسواقهم إلى آخر النهار، حتّى سوق بقلهم .
وقوله : (وكان بين يوسف وموسى من الأنبياء) تأكيد لما مرّ سابقا .
وقوله : (وذلك) أي كون العلم والإيمان والوصاية في العقب من ذرّيّته، وعدم قطعها

1.المؤمنون (۲۳) : ۴۴ .

2.تفسيرالبيضاوي ، ج ۴ ، ص ۱۵۵ (مع اختلاف يسير) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181483
صفحه از 624
پرینت  ارسال به