وقوله : (بعلم) حال عن الفاعل. والغرض منه أنّ تحديثه كان مقرونا بعلم من اللّه تعالى لا برأيه، فإذا لم يفوّض شيئا من أمر الخلق إلى رأي الملك الرسول من اللّه ، فكيف يفوّضه إلى الجهلة من الناس . ۱
(فعلم ذلك العلم ، وعلّم أنبياءه وأصفياءه) .
«علم» في الموضعين يحتمل أن يكون على صيغة المجرّد المعلوم ؛ أي عَلم ذلك الملك العلم الذي أفاضه اللّه تعالى عليه، وعلّمه إيّاه، وعَلِمَ أنبياؤه وأصفياؤه ذلك العلم بتعليم ذلك الملك .
أو يكون على صيغة المزيد المعلوم فيهما ؛ أي علّمه اللّه ذلك العلم، وعلّم هو أنبياء اللّه وأصفياءه .
أو يكون الأوّل من المجرّد، والثاني من المزيد، أو بالعكس. والمستتر فيهما في السابق عائد إلى الملك، وفي الأخير المستتر في الأوّل عائد إلى اللّه ، وفاعل الثاني الأنبياء والأوصياء .
أو يكون الأوّل على صيغة المجهول من المزيد ، والثاني على صيغة المعلوم منه، والمستتر فيهما عائدا إلى الملك .
وقيل : كأنّ المراد بالأنبياء المعنى العامّ الشامل للرُّسل أيضا، وبالأصفياء الأوصياء مطلقا؛ لصدقها على الرسل والأنبياء والأئمّة عليهم السلام ، فبينهما عموم مطلق ؛ لأنّ كلّ نبيّ صفيّ، دون العكس. وحمل العطف على التفسير بعيد . ۲
وقوله : (من الآباء والإخوان والذرّيّة التي بعضها من بعض) بيان للأصفياء؛ يعني أنّ بعضهم آباء بعض، وبعضهم إخوان في النسب أو في الدِّين، كمحمّد وعليّ والحسن والحسين عليهم السلام ، وكموسى ويوشع ويوسف وأسباط إخوته، وبعضهم ذرّيّةٌ من بعض . وقد اجتمعت الثلاثة في كثير منهم باختلاف الإضافة والاعتبار .
وقوله : (فذلك قوله عزّ وجلّ) ؛ استشهاد لما أشار إليه من أنّ النبوّة والوصاية والعلم من قبله تعالى .