249
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقوله : (وبها ينجو من يتّبع الأئمّة) .
قيل : مقتضى الظاهر أن يقول: وبها ينجو من ينجو منكم. وإنّما عدل عنه؛ للتصريح بالمقصود، وهو أنّ نجاة هذه الاُمّة باتّباع الأئمّة من آل محمّد صلى الله عليه و آله . ۱
(وقال اللّه ـ عزّ وجلّ ـ في كتابه) في سورة آل عمران : «وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ» .
قال البيضاوي :
الضمير لإبراهيم؛ إذ الكلام فيه . وقيل : لنوح؛ لأنّه أقرب، ولأنّ يونس ولوطا ليسا من ذرّيّة إبراهيم، فلو كان لإبراهيم اختصّ البيان بالمعدودين في تلك الآية والتي بعدها، والمذكورون في الآية الثالثة عطف على «نوحا» .
«دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وهَارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» أي نجزي المحسنين جزاءً مثل ما جزينا إبراهيم برفع درجاته وكثرة أولاده وكون النبوّة فيهم .
«وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى» ؛ هو ابن مريم ، وفي ذكره دليل على أنّ الذرّيّة يتناول أولاد البنت .
«وَإِلْيَاسَ» . قيل : هو إدريس جدّ نوح، فيكون البيان مخصوصا بمن في الآية الاُولى . وقيل : هو من أسباط هارون أخي موسى .
«كُلٌّ مِنْ الصَّالِحِينَ» ؛ الكاملين في الصلاح، وهو الإتيان بما ينبغي، والتحرّز عمّا لا ينبغي .
«وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ» ؛ هو اليسع بن أخطوب .
«وَيُونُسَ» ؛ هو يونس بن متّى .
«وَلُوطا» ؛ هو ابن أخي إبراهيم عليه السلام .
«وَكُلّاً فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ» بالنبوّة .
وفيه دليل فضلهم على من عداهم من الخلق .
«وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ» ؛ عطف على «كلّاً»، أو «نوحا» ؛ أي فضّلنا كلّاً منهم، أو هدينا هؤلاء وبعض آبائهم وذرّيّاتهم وإخوانهم؛ فإنّ منهم من لم يكن نبيّا ولا مهديّا .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۶۴ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
248

مبتدأ محذوف وما بعده ؛ أعني قوله : (بعضها من بعض) ؛ مبتدأ وخبر منصوب المحلّ على الحاليّة منه .
وقوله : (التي وضعها على الناس) أي أوجب عليهم قبولها صفة للوصيّة .
وضمير التأنيث في الموضعين راجع إليها؛ أي هذه الاُمور المذكورة من النبوّة والخلافة، وموضعهما ومحلّهما وصيّة من اللّه ، أخذها كلّ نبيّ وإمام عمّن قبله، وأوجب اللّه على غيرهما من الرعيّة أخذها وقبولها .
وقوله : (فقال عزّ وجلّ ...) إشارة إلى بيان ما ينطق به الكتاب .
«فِي بُيُوتٍ» .
قال البيضاوي :
إنّه متعلّق بما قبله ؛ أي كمشكاة في بعض بيوت، أو توقد في بيوت، فيكون تقييدا للمثَل به بما لايكون تحبيرا ومبالغة فيه؛ فإنّ قناديل المساجد تكون أعظم . أو تمثيلاً لصلاة المؤمنين، أو أبدانهم بالمساجد.
ولا ينافي جمع «البيوت» وحدة «المشكاة»؛ إذ المراد بها ما له هذا الوصف بلا اعتبار وحدة ولا كثرة، أو بما بعده وهو «يسبّح» ، وفيها تكرير مؤكّد لا يذكر؛ لأنّه من صِلَةِ «أنْ»، فلا يعمل فيما قبله، أو بمحذوف مثل سبّحوا في بيوت ، والمراد بها المساجد؛ لأنّ الصفة تلائمها . وقيل : المساجد الثلاث، والتنكير للتعظيم .
«أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ»۱ بالبناء، أو التعظيم . «وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ» عامّ فيما يتضمّن ذكره حتّى المذاكرة في أفعاله والمباحثة في أحكامه . انتهى . ۲
وقوله : (فهذا) أي ما ذكر من الاُصول والقواعد .
(بيان عروة الإيمان) .
«العروة» في الأصل من الدلو والكوز: المقبض. ومن الثوب: اُخت زره، وقد استعيرت لاستمساك الحقّ بالنظر الصحيح والرأي القويم .
وقيل : المراد بالعروة هنا الرسول ووصيّه على سبيل الاستعارة ؛ لأنّ من تمسّك بها، فهو حامل للإيمان، وناج من الهلاك الدنيوي والاُخروي، والعقوبات اللاحقة لمن لم يتمسّك بها . ۳

1.النور (۲۴) : ۳۶ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۱۹۱ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۶۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181373
صفحه از 624
پرینت  ارسال به