251
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وتفسيره بالملائكة؛ لأنّ لفظ القوم لا يشملهم لغةً .
قال الجوهري :
القوم: الرجال دون النساء، لا واحد له من لفظه . والقوم يُذكّر ويؤنّث ؛ لأنّ أسماء الجموع ـ التي لا واحد لها من لفظها ـ إذا كانت للآدميّين تذكّر وتؤنّث، مثل رَهْط ونفر وقوم . انتهى . ۱
إذا عرفت هذا فنقول : الظاهر أنّ المشار إليهم اُولئك القوم المذكورون، والأمر بالاقتداء بهداهم لكلّ مكلّف .
وقوله عليه السلام : (فإنّه وكّل بالفُضَّل من أهل بيته) أي لعمل أهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله .
والظاهر أنّ «الفضّل» بيان للقوم الموكّلين . و«وكّل» على صيغة المعلوم من المزيد، والمستتر فيه راجع إلى اللّه . والباء زائدة .
وقال بعض الأفاضل :
يحتمل أن يقرأ: «وكَلَ» بالتخفيف، ويكون الباء بمعنى «إلى»؛ أي وَكَلَ الإيمان والعلم إلى الأفاضل من أهل بيته بالتشديد على سبيل القلب، أو بتخفيف الفَضْل، فيكون «من أهل بيته» مفعولاً لقوله: «وكّل» ؛ أي جماعة من أهل بيته بالفضل ، وهو العلم والإيمان .
قال : وإنّما احتجنا إلى هذه التكلّفات؛ لأنّ الظاهر من كلامه عليه السلام بعد ذلك أنّه فسّر القوم بالأئمّة . ۲
وقوله : (والإخوان والذرّيّة) عطف على «أهل بيته» ، أو على «الفضّل» . وعلى التقديرين يكون العطف للتفسير والبيان، أو من عطف الخاصّ على العامّ ؛ أي بعض إخوان كالحسنين، وبعضهم ذرّيّة كسائر الأئمّة ، وبعضهم ليس هذا ولا ذاك كأمير المؤمنين عليه السلام .
وعلى الأوّل يمكن إدراجه عليه السلام في الإخوان؛ لقول النبيّ صلى الله عليه و آله : «أنت أخي» . وفي الذرّيّة؛ لأنّه من ذرّيّة الأنبياء .
وقوله : (أن تكفر بها اُمّتك) إشارة إلى تفسير هؤلاء، وأنّ المراد به جميع الاُمّة، لا خصوص قريش .

1.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۱۶ (قوم) .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۸۳ و ۲۸۴ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
250

«وَاجْتَبَيْنَاهُمْ» ؛ عطف على «فضّلنا»، أو «هدينا» .
«وَهَدَيْنَاهُمْ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» ؛ تكرير لبيان ما هدوا إليه .
«ذلِكَ هُدَى اللّهِ» ؛ إشارة إلى ما دانوا به .
«يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا» أي ولو أشرك هؤلاء الأنبياء مع فضلهم وعلوّ شأنهم .
«لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» ؛ لكانوا كغيرهم في هبوط أعمالهم بسقوط ثوابها .
«أُوْلئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ» ؛ يريد به الجنس .
«وَالْحُكْمَ» : الحكمة، أو فصل الأمر على ما يقتضيه الحقّ .
«وَالنُّبُوَّةَ» : الرسالة .
«فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا» أي بهذه الثلاثة .
«هؤُلَاءِ» ؛ يعني قريشا .
«فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا» أي بمراعاتها .
«قَوْما لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ» ، وهو الأنبياء المذكورون ومتابعوهم .
وقيل : هم الأنصار، أو أصحاب النبيّ، أو كلّ مَنْ آمن به، أو الفُرْسُ . وقيل : الملائكة .
«أُوْلئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ» ؛ يريد الأنبياء المتقدّم ذكرهم .
«فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ»۱ ؛ فاختصّ طريقهم بالاقتداء . والمراد بهداهم ما توافقوا عليه من التوحيد واُصول الدِّين دون الفروع المختلَف فيها؛ فإنّها ليست هدى مضافا إلى الكلّ ، ويمكن التأسّي بهم جميعا . ۲
إلى هاهنا كلام البيضاوي ، وأنت خبير بأنّ تفسير «قوما» بما ذكره من الأنبياء ومتابعيهم بعيد من العبارة جدّا . وكذا تفسيره بمن آمن به عموما أو خصوصا؛ فإنّ في لفظ التوكيل إشعارا بأنّ تلك القوم كانت حافظة للكتاب والحكم وآثار النبوّة من تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، وهذا اللفظ لا يتيسّر إلّا للخلف العدول من أهل بيت العصمة صلوات اللّه عليهم؛ لأنّ غيرهم لا يأمن الخطأ من نفسه، ولا يأمنه غيره أيضا .

1.الأنعام (۶) : ۸۴ - ۹۰ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۴۲۶ - ۴۲۸ (مع التلخيص واختلاف يسير) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181218
صفحه از 624
پرینت  ارسال به