قال البيضاوي :
«السماوات» عطف على الأرض، وتقديره: والسماوات غير السماوات، والتبديل يكون في الذات، كقولك: بدّلت الدراهم بالدنانير ، وعليه «بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودا غَيْرَهَا»۱ . وفي الصفة كقولك : بدّلت الحلقة خاتما، إذا أذبتها وغيّرت شكلها ، وعليه قوله : «يُبَدِّلُ اللّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ»۲ ، والآية تحتملهما .
وعن عليّ عليه السلام : «تبدّل أرضا من فضّة، وسماوات من ذهب» . ۳
وعن ابن مسعود وأنس : يحشر الناس على أرض بيضاء، لم يخطئ عليها أحد خطيئة .
وعن ابن عبّاس : هي تلك الأرض، وإنّما تغيّرت صفاتها ، ويدلّ عليه ما رَوى أبو هريرة أنّه عليه السلام قال : «تبدّل الأرض غير الأرض، فتبسط، وتُمدّ مدّ الأديم العكاظي» . ۴
واعلم أنّه لا يلزم على الوجه الأوّل أن يكون الحاصل بالتبديل أرضا وسماءً على الحقيقة ، ولا يبعد على الثاني أن يجعل اللّه الأرض جهنّم والسماوات الجنّة على ما أشعر به قوله : «كَلَا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ»۵ ، وقوله : «كَلَا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ»۶ .
وقوله : (أرض تبقى خبزة ...) ؛ كأنّ «تبقى» من الإبقاء ، والمستتر فيه راجع إلى الأرض ، و«خبزة» مفعوله ؛ يعني لا يبقى ممّا كان فيها سوى الخبز .
ويحتمل كونه من البقاء ، و«خبزةً» ـ بفتح الخاء وكسر الباء ـ على أن تكون صفة مشبّهة منصوبة على التمييز، أو بتضمين الصيرورة .
وفي كثير من النسخ المصحّحة: «أرضا بيضاء خبزة» . وفي بعض الأخبار: «أنّها تبدّل خبزة نقيّة يأكل الناس منها حتّى يفرغ من الحساب» . ۷
وفي بعضها: «يحشر الناس على مثل قرصة البرّ النقيّ، فيها أنهار متفجّرة يأكلون ويشربون حتّى يفرغ من الحساب» . ۸
1.النساء (۴) : ۵۶ .
2.الفرقان (۲۵) : ۷۰ .
3.اُنظر : الكشّاف ، ج ۲ ، ص ۳۸۴ ؛ تفسير النسفي ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ .
4.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۳۵۶ و ۳۵۷ .
5.المطفّفين (۸۳) : ۱۸ .
6.المطفّفين (۸۳) : ۷ .
7.الكافي ، ج ۶ ، ص ۲۸۶ ، ح ۱. وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۲۴ ، ص ۳۲۱ ، ح ۳۰۶۵۸ ؛ وبحار الأنوار ، ج ۷ ، ص ۷۱ .
8.الاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۵۷ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۷ ، ص ۱۰۵ ، ح ۲۱ .