261
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

قال البيضاوي :
«السماوات» عطف على الأرض، وتقديره: والسماوات غير السماوات، والتبديل يكون في الذات، كقولك: بدّلت الدراهم بالدنانير ، وعليه «بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودا غَيْرَهَا»۱ . وفي الصفة كقولك : بدّلت الحلقة خاتما، إذا أذبتها وغيّرت شكلها ، وعليه قوله : «يُبَدِّلُ اللّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ»۲ ، والآية تحتملهما .
وعن عليّ عليه السلام : «تبدّل أرضا من فضّة، وسماوات من ذهب» . ۳
وعن ابن مسعود وأنس : يحشر الناس على أرض بيضاء، لم يخطئ عليها أحد خطيئة .
وعن ابن عبّاس : هي تلك الأرض، وإنّما تغيّرت صفاتها ، ويدلّ عليه ما رَوى أبو هريرة أنّه عليه السلام قال : «تبدّل الأرض غير الأرض، فتبسط، وتُمدّ مدّ الأديم العكاظي» . ۴
واعلم أنّه لا يلزم على الوجه الأوّل أن يكون الحاصل بالتبديل أرضا وسماءً على الحقيقة ، ولا يبعد على الثاني أن يجعل اللّه الأرض جهنّم والسماوات الجنّة على ما أشعر به قوله : «كَلَا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ»۵ ، وقوله : «كَلَا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ»۶ .
وقوله : (أرض تبقى خبزة ...) ؛ كأنّ «تبقى» من الإبقاء ، والمستتر فيه راجع إلى الأرض ، و«خبزة» مفعوله ؛ يعني لا يبقى ممّا كان فيها سوى الخبز .
ويحتمل كونه من البقاء ، و«خبزةً» ـ بفتح الخاء وكسر الباء ـ على أن تكون صفة مشبّهة منصوبة على التمييز، أو بتضمين الصيرورة .
وفي كثير من النسخ المصحّحة: «أرضا بيضاء خبزة» . وفي بعض الأخبار: «أنّها تبدّل خبزة نقيّة يأكل الناس منها حتّى يفرغ من الحساب» . ۷
وفي بعضها: «يحشر الناس على مثل قرصة البرّ النقيّ، فيها أنهار متفجّرة يأكلون ويشربون حتّى يفرغ من الحساب» . ۸

1.النساء (۴) : ۵۶ .

2.الفرقان (۲۵) : ۷۰ .

3.اُنظر : الكشّاف ، ج ۲ ، ص ۳۸۴ ؛ تفسير النسفي ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ .

4.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۳۵۶ و ۳۵۷ .

5.المطفّفين (۸۳) : ۱۸ .

6.المطفّفين (۸۳) : ۷ .

7.الكافي ، ج ۶ ، ص ۲۸۶ ، ح ۱. وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۲۴ ، ص ۳۲۱ ، ح ۳۰۶۵۸ ؛ وبحار الأنوار ، ج ۷ ، ص ۷۱ .

8.الاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۵۷ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۷ ، ص ۱۰۵ ، ح ۲۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
260

أمر السماء ، فشقّت بالغمام بتأثيرها لنزول المطر .
وقال بعض الفضلاء : «أي تشقّقت السماء بسبب الغمام، أو عنه، بأن يكون الباء بمعنى «عن» ، وظاهره أنّ الغمام أوّلاً نزل من السماء ، ونظيره ما قاله تعالى في وصف يوم القيامة : «وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلاً»۱» .
قال : «ويحتمل أن يكون المراد بالغمام المطر مجازا» .۲
وقوله : (فأرخَتْ عَزاليها) .
في القاموس: «أرخى السِتر: أَسْدَلهُ»۳. وفي المصباح : «العَزلاء، وزان حمراء: فم المَزادة الأسفل. والجمع: العزالي، بفتح اللام وكسرها . وأرسلت السماء عزاليها؛ إشارة إلى شدّة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه المزادات» .۴
وقال الجوهري : «العَزلاء: فم المزادة الأسفل. والجمع: العزالي، بكسر اللام، وإن شئت فتحت مثل الصحاري والصحارَى، والعذارِي والعذارَى» .۵
(وتفيهقت بالأنهار) .
قال الجوهري : «قال الفرّاء : يقال: فلان يتفيهق في كلامه، وذلك إذا توسّع فيه، وتنطّع» قال : «وأصله الفَهْق، وهو الامتلاء، كأنّه ملأ به فمه» .۶
وفي بعض النسخ : «تفهّقت» . قال الجوهري : «فَهِق الإناء ـ بالكسر ـ يفهَق فَهْقا وفُهَقا، إذا امتلأ حتّى يتصبّب» .۷
وفي كثير من النسخ: «تقيّهت». ولعلّ المراد أنّها فتحت أفواهها، لكنّ القياس: «تفوّهت» . قال الجوهري : «يُقال : ما فهتُ بكلمة، وما تفوّهت بمعنىً؛ أي ما فتحت فَمي به» .۸
وقوله تعالى في سورة إبراهيم : «يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ»
۹ .

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۸۷ .

2.الفرقان (۲۵) : ۲۵ .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۳۳ (رخو) .

4.المصباح المنير ، ص ۴۰۸ (عزل) .

5.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۶۳ (عزل) .

6.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۴۵ (فهق) . وفي الحاشية : «تنطّع في الكلام ، أي تعمّق» .

7.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۴۵ (فهق) .

8.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۴۵ (فوه) .

9.إبراهيم (۱۴) : ۴۸ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181290
صفحه از 624
پرینت  ارسال به