قال البيضاوي :
«لِيَبْلُوَكُمْ» متعلّق ب «خَلَقَ» ؛ أي خلق ذلك ليعاملهم معاملة المبتلي لأحوالكم كيف تعملون ؛ فإنّ جملة ذلك أسباب وموادّ لوجودكم ومعاشكم، وما تحتاج إليه أعمالكم ، ودلائل وأمارات تستدلّون بها، وتستنبطون منها . وإنّما جاز تعليق فعل البلوى لما فيه من معنى العلم من حيث إنّه طريق إليه كالنظر والاستماع . وإنّما ذكر صيغة التفضيل والاختبار الشامل لفرق المكلّفين باعتبار الحسن والقبح؛ للتحريض على إحصاء المحاسن ، والتحضيض على الترقّي دائما في مراتب العلم والعمل؛ فإنّ المراد بالعمل ما يعمّ عمل القلب والجوارح ، ولذلك قال النبيّ عليه السلام : «أيّكم أحسنُ عقلاً، وأورع من محارم اللّه ، وأسرع في طاعة اللّه » ۱ ، والمعنى: أيّكم أكمل علما وعملاً . ۲
(لقد ضرب لكم فيه) أي في الدنيا .
(الأمثال) ؛ لإيضاح المشتبهات . يُقال : ضربَ مثلاً ؛ أي وصف وبيّن . والمَثَل، محرّكة: الحجّة، والحديث .
(وصرّف الآيات) .
في القاموس: «تصريف الآيات: تبيينها» ۳ . والمراد بالآيات آيات الوعد والوعيد .
(لقوم يعقلون) أي يدركون ويفهمون الغرض الأصلي من تلك الأمثال والآيات .
(فإنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ يقول) في التزهيد عن الدنيا، والتنفير عنها .
(وقوله الحقّ) ؛ الذي لا يعتريه ريب وشبهة . أو الثابت الذي لا يزول ولا يبدّل .
«إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» .
قال البيضاوي :
يعني حالها العجيبة في سرعة تقضّيها ، وذهاب نعيمها بعد إقبالها ، واغترار الناس بها .
1.اُنظر : تخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ، ج ۷ ، ص ۷۱ ؛ الكشّاف للزمخشري ، ج ۲ ، ص ۲۶۰ ؛ الدرّ المنثور للسيوطي ، ج ۴ ، ص ۲۱۱ .
2.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۲۲۱ و ۲۲۲ (مع اختلاف يسير) .
3.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۶۲ (صرف) .