275
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

(وأصمّ) ؛ حيث لا يصغي إليها فضلاً عن العمل بمقتضاها .
(وبصير) يبصر طريق الحقّ .
(وأعمى حَيران) ؛ لا يدرك شيئا منه، ولا يهتدي لوجه مراده . يُقال : حارَ يَحار حَيْرَةً وحَيْرا ـ بالتسكين والتحريك ـ وحَيَرانا محرّكة، إذا نظر إلى الشيء فَغَشِيَ، ولم يهتد لسبيله، فهو حَيْران وحائر .
(فالحمد للّه الذي عزّ، ووصف دينه محمّد صلى الله عليه و آله ).
المستتر في «عزّ»، والبارز في «دينه» راجع إلى «اللّه ». و«محمّد» بالرفع، فاعل «وصف» ، و«دينه» مفعوله ؛ أي بيّنه وأوضحه .
وفي بعض النسخ: «عرّف» بدل «عزّ» ، و«محمّدا» بالنصب ، فالمستتر في «عرّف» بالتشديد و«وصف» راجع إلى اللّه ، و«محمّدا» مفعول الفعلين على التنازع .
وفي بعضها: «عرف» و«وصف دينه محمّد» بالرفع ، فينبغي أن يقرأ: «عرف» بالتخفيف، فيكون «محمّد» على الفعلين، و«دينه» مفعولهما على سبيل التنازع ، والمراد بالدِّين الطريقة الإلهيّة التي لعباده، واستعبدهم بها .
وقوله : (بمنزلة خاصّة) ؛ هي منزلة الإخلاص، والطاعة، والانقياد لهم، والتسليم لأمرهم .
وفي بعض النسخ: «منزلة» بدون الباء، فهو منصوب على الظرفيّة .
(وحفظ مودّة ما استرعاك من دينه) .
يُقال : استرعاه إيّاهم؛ أي استحفظه . والظاهر أنّ «حفظ» على صيغة الماضي عطفا على «أنزل» .
وقيل : يحتمل كونه على صيغة المصدر عطفا على «منزلة» ؛ أي جعلك تحفظ مودّة ما استرعاكه، وهو دينه . ۱
والباء في قوله : (بتفضيلك إيّاهم) للسببيّة ؛ أي بسبب إقرارك بفضلهم على غيرهم .
وقوله : (كنت) على صيغة المتكلّم .
وقوله : (فلمّا انقضى سلطان الجبابرة) ؛ يعني سلطنة أهل الجور وبأسهم وشدّتهم . قال

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۹۷ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
274

حيارى فيما يتوسّلون به إليه من الأعمال والأديان، فمنهم مصيب برشده، ومنهم مخطئ بغيّه ، فكلّ منهم يطلبونه، لكن كثيرا منهم أخطؤوا السبيل، وضلّوا عن قصد الطريق، فهم يسعون على خلاف جهة الحقّ عامهين، ويتوسّلون بما يبعدهم عن المراد جاهلين . ۱
وقيل : الظاهر أنّ الباء في قوله: «بعظمته» في المواضع الثلاثة للسببيّة؛ إذ الإبصار والمعاداة والابتغاء وقعت بسبب العظمة والنور .
بيان ذلك أنّ عظمته المطلقة وكبرياءه يقتضي معرفة جميع ما سواه إيّاه، وانقيادهم [له ]في أوامره ونواهيه، وابتهالهم في ذلّ الحاجة إليه ، ولا يتحقّق ذلك إلّا بوضع علم بجميع ما يحتاجون إليه في صدرِ رسولٍ ومن ينوب منابه ، وهذا العلم يسمّى تارةً بالنور؛ لاهتداء الخلق به ، وتارةً بالعرش؛ لاستقرار العظمة وجميع الخلق فيه ، فبسبب نوره وعظمته المقتضية له أبصر قلوب المؤمنين سبل الحقّ وطرق الخيرات وكيفيّة سلوكها . «وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون» بإنكاره ، أو إنكار رسوله ، أو إنكار وليّه ووصيّ رسوله، حتّى توقّفوا، وتحيّروا في سبيله الحقّ .
فلو لم يكن العظمة والنور، لم يتصوّر الإبصار، ولم يتحقّق المعاداة والابتغاء ، وكذلك بنوره وعظمته ابتغى الخلق كلّهم الوسيلة والتقرّب إليه بالأعمال المختلفة والأديان المتضادّة، حيث علموا أنّه مستحقّ للتقرّب به، فمنهم من اقتفى نوره، واتّخذ دينه الحقّ ، ومنهم من مزجه بظلمة الجهل، وحصلت له شبهة، واتّخذ دينا باطلاً، فظنّ أنّه وسيلة التقرّب به، كما فرّع على ذلك قوله : (فمُصيب) ۲ ؛ يعني فمنهم من أصاب وأتى بالصواب في القصد والعمل .
(ومخطئ) أي ومنهم من أخطأ فيهما .
(وضالّ) في اُمور الدِّين .
(ومهتدٍ) فيها .
(وسميع) يسمع نداء الحقّ، وآياته الجاذبة إليه .

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۹۶ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۷۲ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181481
صفحه از 624
پرینت  ارسال به