التمسّك به . ۱
ثمّ بيّن عليه السلام خيانتهم بقوله : (ائتمنوا على كتاب اللّه ) على صيغة المجهول ؛ يعني اتّخذهم الرسول اُمناء على كتاب اللّه ، وأمرهم بحفظه .
(فحرّفوه) .
قال الجوهري : «تحريف الكلام عن مواضعه: تغييره» . ۲
(وبدّلوه) كأنّ العطف للتفسير، أو يُراد بالتحريف تغيير لفظه ومعناه، وبالتبديل تغيير أصله وأحكامه .
قال الجوهري : «أبدَلْتُ الشيءَ بغيره، وبدّله اللّه من الخوف أمنا . وتبديل الشيء أيضا: تغييره» . ۳
وفي القاموس: «بدّله تبديلاً: حرّفه. وتبدّل : تغيّر» . ۴
وكأنّ قوله : (ودُلّوا) على بناء المفعول .
(على ولاة الأمر منهم) بيان للتحريف والتبديل ؛ يعني دلّهم اللّه والرسول على ولاة الأمر من آل محمّد في مواضع عديدة .
(فانصرفوا عنهم) كفرا وعنادا وحسدا . ويحتمل أن يكون هذا خيانة اُخرى .
(فأذاقهم اللّه لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) أي بصنعهم .
وهذا إشارة إلى قوله تعالى : «وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ» . ۵
وفي تفسيرها وبيان لطائفها أقول : فقال البيضاوي :
استعار الذوق؛ لإدراك أثر الضرر واللباس لما غشيهم، واشتمل عليهم من الجوع والخوف، وأوقع الإذاقة عليه بالنظر إلى المستعار له، كقول كثير :
غمر الرداء إذا تبسّم ضاحكاعلقت لضحكته رقاب المال
فإنّه استعار الرداء للمعروف؛ لأنّه يصون عِرْض صاحبه صَونَ الرداء لما يلقى
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۷۴ .
2.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۳۴۳ (حرف) .
3.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۶۳۲ (بدل) .
4.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۳۳ (بدل) .
5.النحل (۱۶) : ۱۱۲ .