281
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

المشكلات وردّ الشُّبهات وفصل القضايا التي أشكلت عليهم . ۱
(فلمّا أحرزاه تولّيا إنفاقه) .
الضمير المنصوب والمجرور راجع إلى المال .
والإحراز: الإحكام، والتحصين . والمراد هنا تملّكه والاستبداد به ، وهو إشارة إلى تولّيهما الخلافة، وإجراء الأحكام، وإنفاق الأموال كيف شاءا، وبمن أرادا على حسب آرائهما ووفق أهوائهما خلافا لكتاب اللّه وسنّة نبيّه .
وقوله : (أيبلغان بذلك كفرا) من تتمّة نقل كلام السائل . فقوله : (فلعمري ...) ابتداء الجواب .
وفي بعض النسخ: «ليبلغان» باللّام المفتوحة، على أن تكون جواب قسم محذوف ، فهذا ابتداء الجواب .
وقوله : (لقد نافقا قبل ذلك) ؛ يعني ليس نفاقهما وكفرهما منحصرا بما فعلا بعد وفاة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، بل كانا منافقين في حياته صلى الله عليه و آله أيضا حيث عهدا مع أعوانهما على ردّ الخلافة عن أهل بيته .
(وردّا على اللّه كلامه) من الآيات الدالّة على اختصاص ولاية الأمر لأهل العصمة عليهم السلام .
(وهزئا برسوله) حين احتضاره ، وفي غدير خمّ حيث قالا : «انظروا إلى عينيه تدوران كأنّهما عينا مجنون» ، وأمثال ذلك منهما كثير .
قال الفيروزآبادي : «هزأ منه وبه ـ كمنع ـ وهزئ ـ كسمع ـ هُزْأً ومهزأةً: سخر، كتهزّأ، واستهزأ» . ۲
وقوله : (ما دخل قلب أحد منهما شيء من الإيمان) تأكيد لما سبق من نفاقهما .
(منذ خروجهما من حالتهما) ؛ يعني خروجهما من الكفر الصريح إلى النفاق والشقاق .
وفي بعض النسخ: «من جاهليّتهما» .
(وما ازدادا) بعد الإقرار بالإسلام ظاهرا.

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۹۸ .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۴ (هزأ) .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
280

عليه ، وأضاف إليه الغمر الذي هو وصف المعروف والنَّوال لا وصف الرداء نظرا إلى المستعار له . ۱
وقال الزمخشري :
هو استعارة حقيقيّة عقليّة، أو حسّيّة ؛ لأنّه شبّه الضرر والألم الحاصل لهم من الجوع، أو شبّه تغيّر اللون ورثاثة الهيئة الحاصلة لهم منه باللباس؛ لاشتماله عليهم ، واستُعير له لفظ اللباس، فجاءت الاستعارة حقيقة عقليّة على الأوّل، وحسّيّة على الثاني . ۲
وقيل : إنّه على المكنيّة والتخييليّة؛ لأنّه شبّه الجوع بإنسان لابس قاصد للتأثير والضرر، واخترع للجوع صورة وهميّة خياليّة شبيهة باللباس ، واستعير له لفظ اللباس .
وقيل : إنّه تشبيه بليغ شبّه الجوع باللباس في الشمول والإحاطة والملابسة التامّة، فصار التركيب من قبيل لجين الماء . ۳
(وسألت عن رجلين) أي الأوّل والثاني .
(اغتصبا رجلاً) ؛ يعني عليّ بن أبي طالب عليه السلام .
(مالاً كان ينفقه ...) ؛ كأنّ المراد بالمال الرئاسة العامّة، وما يتبعها من الأموال والغنائم والولايات والأحكام، وبإنفاقه على الفقراء تعليمهم، والدلالة على مراشدهم ومصالحهم، وإعطاء مؤونهم، وما جعل اللّه لهم من الحقوق الماليّة .
وقوله : (حتّى حمّلاه [إيّاه] كرها) إلى آخره .
الكَرْه، ويضمّ: الإباء، والمشقّة . أو بالضمّ: ما أكرهتَ نفسك عليه . وبالفتح: ما أكرهك غيرك عليه .
والمراد هنا المعنى الأخير ، وهذا إشارة إلى سوء صنيعهم بأمير المؤمنين عليه السلام حين أكرهوه على المبايعة؛ أي كلّفاه أن يحمل الخلافة التي جعلها اللّه له على كتفه، ويذهب بها إلى منازلهما، ويسلّمها إليهما، ولا ينازعهما في ذلك .
وقيل : يحتمل أن يكون المراد تكليفهم إيّاه عليه السلام حمل ما كانوا يعجزون عنه من حلّ

1.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۴۲۳ .

2.لم نعثر عليه في كتب الزمخشري .

3.اُنظر : شرح المازندراني ، ج ۱۲ ، ص ۷۵ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 180931
صفحه از 624
پرینت  ارسال به