وقوله : (فمفسَّر) إلى قوله : (ونَقر في الأسماع) .
التفسير: الكشف، والإيضاح. والزبر. الكتابة. والقذف بالحجارة: الرمي بها .
وفي القاموس: «نقر في الناقور، أي نفخ في الصور . ونَقَر في الحجر: كتب . والطائر : لقط من هاهنا وهاهنا . والنقر أيضا: صُوَيت يسمع من نَقْر الإبهام على الوسطى» . ۱
وقال بعض الشارحين في شرح هذا الكلام :
قسّم العلم بتلك الأقسام باعتبار المعلوم؛ إذ بعضه متعلّق بالاُمور الماضية، وهو مفسّر لهم في الكتب المنزلة ، أو بتفسير الأنبياء. وبعضه متعلّق بالغابر؛ أي بالاُمور المستقبلة الحتميّة، وهو مزبور في الصحف التي عندهم . وبعضه متعلّق بأمر حادث في الليل والنهار آنا فآنا، وشيئا فشيئا، وهو قذف في القلوب، ونقر في الأسماع ؛ أمّا القذف فلأنّ قلوبهم صافية بأنوار إلهيّة، فإذا توجّهوا إلى العوالم اللاهوتيّة، وتجرّدوا عن الطبائع البشريّة ، ظهرت لهم من العلوم بالحوادث ما شاء اللّه ، ويعبّر عن ظهور هذه العلوم تارةً بالقذف في القلوب، وتارةً بالإلهامات الغيبيّة . وأمّا النقر في الأسماع، فهو يتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن يسمع من الملك صوتا منقطعا متميّزا بالحروف والكلمات، كما هو المعروف في سماعنا كلام الناس .
وثانيهما : أن يسمع صوتا وهمهمة ودويّا، ولا يفهم منه شيئا ما دام باقيا ، فإذا زالت الهمهمة وجد قولاً مُنْزَلاً مُلقىً في الروع، واقعا موقع المسموع .
وهذا الحديث وأمثاله محمولة على ظواهرها، والإيمان بها واجب لا دليل عقلاً أو نقلاً على استحالته، فلا يحملها على خلاف الظاهر إلّا ضعيف النظر أعمى . ۲
(وهو أفضل علمنا) . الضمير للحادث .
وقيل : كونه أفضل لكثرته، وحصوله بلا واسطة بَشرٍ، ولأنّه لا يطّلع عليه غيرهم بخلاف المفسّر والمزبور؛ فإنّه كثيرا ما كان يطّلع عليه خواصّ شيعتهم . ۳
(ولا نبيّ بعد نبيّنا محمّد صلى الله عليه و آله ) ؛ كأنّه دفع لتوهّم النبوّة ؛ أي لا يتوهّم أنّ إلقاء الملك مستلزم
1.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۴۷ (نقر) مع التلخيص واختلاف يسير.
2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۷۶ و ۷۷ .
3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۷۷ .