283
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقوله : (فمفسَّر) إلى قوله : (ونَقر في الأسماع) .
التفسير: الكشف، والإيضاح. والزبر. الكتابة. والقذف بالحجارة: الرمي بها .
وفي القاموس: «نقر في الناقور، أي نفخ في الصور . ونَقَر في الحجر: كتب . والطائر : لقط من هاهنا وهاهنا . والنقر أيضا: صُوَيت يسمع من نَقْر الإبهام على الوسطى» . ۱
وقال بعض الشارحين في شرح هذا الكلام :
قسّم العلم بتلك الأقسام باعتبار المعلوم؛ إذ بعضه متعلّق بالاُمور الماضية، وهو مفسّر لهم في الكتب المنزلة ، أو بتفسير الأنبياء. وبعضه متعلّق بالغابر؛ أي بالاُمور المستقبلة الحتميّة، وهو مزبور في الصحف التي عندهم . وبعضه متعلّق بأمر حادث في الليل والنهار آنا فآنا، وشيئا فشيئا، وهو قذف في القلوب، ونقر في الأسماع ؛ أمّا القذف فلأنّ قلوبهم صافية بأنوار إلهيّة، فإذا توجّهوا إلى العوالم اللاهوتيّة، وتجرّدوا عن الطبائع البشريّة ، ظهرت لهم من العلوم بالحوادث ما شاء اللّه ، ويعبّر عن ظهور هذه العلوم تارةً بالقذف في القلوب، وتارةً بالإلهامات الغيبيّة . وأمّا النقر في الأسماع، فهو يتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن يسمع من الملك صوتا منقطعا متميّزا بالحروف والكلمات، كما هو المعروف في سماعنا كلام الناس .
وثانيهما : أن يسمع صوتا وهمهمة ودويّا، ولا يفهم منه شيئا ما دام باقيا ، فإذا زالت الهمهمة وجد قولاً مُنْزَلاً مُلقىً في الروع، واقعا موقع المسموع .
وهذا الحديث وأمثاله محمولة على ظواهرها، والإيمان بها واجب لا دليل عقلاً أو نقلاً على استحالته، فلا يحملها على خلاف الظاهر إلّا ضعيف النظر أعمى . ۲
(وهو أفضل علمنا) . الضمير للحادث .
وقيل : كونه أفضل لكثرته، وحصوله بلا واسطة بَشرٍ، ولأنّه لا يطّلع عليه غيرهم بخلاف المفسّر والمزبور؛ فإنّه كثيرا ما كان يطّلع عليه خواصّ شيعتهم . ۳
(ولا نبيّ بعد نبيّنا محمّد صلى الله عليه و آله ) ؛ كأنّه دفع لتوهّم النبوّة ؛ أي لا يتوهّم أنّ إلقاء الملك مستلزم

1.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۴۷ (نقر) مع التلخيص واختلاف يسير.

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۷۶ و ۷۷ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۷۷ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
282

(إلّا شكّا) ؛ وهو خلاف اليقين . والازدياد يتعدّى ولا يتعدّى .
(كانا خَدّاعين مُرتابين) .
قال الجوهري : «خَدَعه يخدَعه، أي ختله، وأراد به المكروه من حيث لا يعلم» . ۱
وقال : «ارتاب فيه، أي شكّ» . ۲
وقوله : (يُغْصَب مالُه) على بناء المجهول .
وقوله : (منهم عارف) أي عالم بحقيقته عليه السلام .
(ومنكر) أي جاهل بحقّه، وزاعم بحقّيّتهما ، وكلا الفريقين تركا نصرته وإعانته .
وقوله : (فاُولئك) إشارة إلى الفريقين معا .
ويحتمل أن يُراد بالعارف من عرف حقيقته عليه السلام وأراد نصرته، لكن عجز عنها، كسلمان ومقداد وأبي ذرّ ، وحينئذٍ المراد ب «اُولئك» المنكرون فقط .
(أهل الردّة الاُولى) .
الرِّدّة ـ بالكسر ـ من الارتداد ؛ يعني أنّهم أوّل المرتدّين من هذه الاُمّة، ومن سار بسيرتهم، واقتفى أثرهم من بعدهم أهل الردّة الثانية .
وقال بعض الشارحين : «يمكن أن يُراد بأهل الردّة الثانية اثنان وسبعون فرقة من هذه الاُمّة، كما نطق به بعض الروايات» .
قال : «ويمكن أن يكون تعريضا بأنّهم أهل الردّة الاُولى، لا هما؛ لأنّهما لم يدخلا في الدِّين أصلاً، ولا يتحقّق الارتداد إلّا بالخروج بعد الدخول» . ۳
وقوله : (مبلغ علمنا) ؛ يعني مقداره وغايته، والحدّ الذي لا يتجاوزه إلى غيره .
وقوله : (ماض) أي علم بالاُمور الماضية .
(وغابر) أي علم بالاُمور المستقبلة . ويُقال : غبر ـ كنصر ـ غبورا، إذا مكث وبقي، أو مضى وذهب، ضدّ، فهو غابر؛ أي ماضٍ باقٍ .
(وحادث) أي علم يحدث آنا فآنا، ويفيض من اللّه ساعة فساعة؛ إمّا بتوسّط الملك، أو بدونه .

1.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۲۰۱ (خدع) .

2.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۴۱ (ريب) .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۷۹ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 180832
صفحه از 624
پرینت  ارسال به