يعبأ به ، وكلّ الاُمّة على الحقّ، كما هو شأن كثير من المخالفين وغيرهم الذين ليس لهم تعصّب في الدِّين، ولا يتبرّؤون من أئمّة المسلمين ولا من أعدائهم ، بل قد يحبّونها جميعا . ۱
وقيل : كأنّه سأل عن المستضعفين المذكورين في قوله تعالى : «إِلَا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ»۲ الآية . فأجاب عليه السلام بأنّ المستضعف من لم يعرف الإمام، ولم ينكره ، إذا لم ترفع إليه حجّة دالّة على حقّيّة الإمام، ولم يعرف اختلاف الناس فيه ، وأمّا من دفعت إليه حجّة، أو عرف اختلاف الناس، فليس بمستضعف؛ لأنّه مكلّف بالإيمان وطلب الحقّ ، فلا يكون معذورا . من هنا يعلم أنّه ليس اليوم مستضعف؛ لشيوع الحقّ والاختلاف، فمن قبله فهو مؤمن، ومن ردّه فهو كافر . ۳
(وسألته عن الشهادات لهم) ؛ يعني عن إقامتها للمخالفين عند حكّام الجور، أو مطلقا .
(فأقم الشهادة) إلى قوله : (فيما بينك وبينهم) .
قيل : لعلّ المراد أنّه وإن كانت الشهادة فيما بينك وبينهم، ولم يعرف بها أحد، يلزمك أيضا إقامتها . ويدلّ ظاهرا على جواز إقامة الشهادة عند المخالفين وقضاة الجور .
وقيل : المراد به أنّه لا يلزمه إقامة الشهادة عند قضاتهم، بل يلزمك إظهار الحقّ فيما بينك وبينهم ، وهو كما ترى . ۴
(فإن خفت على أخيك ضَيما) أي ظلما، فلا تقم الشهادة عليه ، وذلك إذا علمت أنّه لا يقدر على أداء الدَّين، وعلمت أنّك إذا شهدت عليه يؤخذ أو يحبس ظلما ، وكذا إن خفت على نفسك ضررا غير مستحقّ .
(وادع إلى شرائط اللّه ـ عزّ ذكره ـ بمعرفتنا مَنْ رجوتَ إجابته) .
الشرط والشريطة: إلزامُ الشيء والتزامه في البيع ونحوه . ويجمع الأوّل على «شروط»، والثاني على «الشرائط» .
والباء للسببيّة، أو صلة للدعاء . ولعلّ المراد: ادع الناس ممّن رجوتَ إجابته إلى معرفة ما
1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۰۰ و ۳۰۱ .
2.النساء (۴) : ۹۸ .
3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۷۸ .
4.القائل هو العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۰۱ .