287
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

يعبأ به ، وكلّ الاُمّة على الحقّ، كما هو شأن كثير من المخالفين وغيرهم الذين ليس لهم تعصّب في الدِّين، ولا يتبرّؤون من أئمّة المسلمين ولا من أعدائهم ، بل قد يحبّونها جميعا . ۱
وقيل : كأنّه سأل عن المستضعفين المذكورين في قوله تعالى : «إِلَا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ»۲ الآية . فأجاب عليه السلام بأنّ المستضعف من لم يعرف الإمام، ولم ينكره ، إذا لم ترفع إليه حجّة دالّة على حقّيّة الإمام، ولم يعرف اختلاف الناس فيه ، وأمّا من دفعت إليه حجّة، أو عرف اختلاف الناس، فليس بمستضعف؛ لأنّه مكلّف بالإيمان وطلب الحقّ ، فلا يكون معذورا . من هنا يعلم أنّه ليس اليوم مستضعف؛ لشيوع الحقّ والاختلاف، فمن قبله فهو مؤمن، ومن ردّه فهو كافر . ۳
(وسألته عن الشهادات لهم) ؛ يعني عن إقامتها للمخالفين عند حكّام الجور، أو مطلقا .
(فأقم الشهادة) إلى قوله : (فيما بينك وبينهم) .
قيل : لعلّ المراد أنّه وإن كانت الشهادة فيما بينك وبينهم، ولم يعرف بها أحد، يلزمك أيضا إقامتها . ويدلّ ظاهرا على جواز إقامة الشهادة عند المخالفين وقضاة الجور .
وقيل : المراد به أنّه لا يلزمه إقامة الشهادة عند قضاتهم، بل يلزمك إظهار الحقّ فيما بينك وبينهم ، وهو كما ترى . ۴
(فإن خفت على أخيك ضَيما) أي ظلما، فلا تقم الشهادة عليه ، وذلك إذا علمت أنّه لا يقدر على أداء الدَّين، وعلمت أنّك إذا شهدت عليه يؤخذ أو يحبس ظلما ، وكذا إن خفت على نفسك ضررا غير مستحقّ .
(وادع إلى شرائط اللّه ـ عزّ ذكره ـ بمعرفتنا مَنْ رجوتَ إجابته) .
الشرط والشريطة: إلزامُ الشيء والتزامه في البيع ونحوه . ويجمع الأوّل على «شروط»، والثاني على «الشرائط» .
والباء للسببيّة، أو صلة للدعاء . ولعلّ المراد: ادع الناس ممّن رجوتَ إجابته إلى معرفة ما

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۰۰ و ۳۰۱ .

2.النساء (۴) : ۹۸ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۷۸ .

4.القائل هو العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۰۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
286

فأجاب عليه السلام بقوله : (فما كان من الزكاة) إلى آخره .
وحاصله: أنّه لا يجوز ذلك، ويبقى في ذمّتهم إلى أن يعطوا أهل الإيمان من الشيعة .
وقيل : سأل: هل يجوز لنا صرف الزكاة فيهم، وإعطاؤهم إيّاها؟ فأجاب عليه السلام بأنّه لا يجوز ذلك، ولا يجوز إعطاؤها غير أهل الولاية .
وقيل : كأنّه سأل: هل يجوز أن نشتري منهم، وفي مالهم زكاة أو خمس؟ فأجاب عليه السلام بأنّه يجوز ، وهذا ما ذكره الأصحاب من إباحة المتاجر . أو سأل أنّهم إذا أخذوا الزكاة منّا، هل يجب علينا إخراجها مرّة اُخرى؟ فأجاب عليه السلام بأنّهم إذا أخذوا الزكاة منكم ، إن لم يكونوا أهلها، ولم يعطوا أهلها، لا يجب عليكم أن تزكوا مرّة اُخرى . وقد دلّ عليه بعض الأخبار أيضا . ۱
وقيل : يدلّ قوله : «فقد أحللت ذلك لكم» ظاهرا على عدم اشتراط العدالة في المستحقّين .
ويحتمل أن يكون المراد سقوط الزكاة عند فقدان المستحقّ من أهل الحقّ ، بأن يكون السائل سأل عمّا إذا لم يوجد المستحقّ من الشيعة ، قال : ولا يبعد أن يكون المراد بالزكاة الخمس عبّر بها عنه تقيّة . ۲
ولا يخفى عليك ما في هذه التوجيهات من التكلّف والتعسّف . والأظهر ما قلناه أوّلاً .
(وسألت عن الضعفاء) أي المستضعفين المرجون لأمر اللّه .
(فالضعيف من لم يُرفع إليه حجّة) .
لعلّ المراد بها الدليل والبرهان . أو ما يوجب عليهم حجّة، وإن كان محض العلم بالاختلاف؛ فإنّه يحكم عقلهم حينئذٍ بلزوم طلب الحقّ والتجسّس حتّى يعرفوا الحقّ، فإن أهملوا فقد ثبت الحجّة عليهم .
(ولم يعرف الاختلاف) .
قيل : لعلّ المراد معرفة الاختلاف على وجه الكمال ، فإن عرف أنّ هنا اختلافا يسيرا لا

1.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۷۸ .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۰۰ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 180766
صفحه از 624
پرینت  ارسال به