301
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

قوله : (ودّوا) خبرا له بعيد .
وقوله : (ورضي بقوته نصفَ مدّ) ؛ كأنّه كناية عن القلّة ؛ يعني أنّه يكتفي بأقلّ ما تيسّر له من الحلال، أو لا يتعب في تحصيل الزيادة، ولو حصل له الزيادة من غير تعب لم يكثر في الأكل متعدّيا عن قدر الضرورة؛ لأنّ في الأوّل تضييع العمر فيما لا يعنيه، والاشتغال عمّا يعنيه، ويهمّه من العمل للآخرة ، وفي الثاني مفاسد كثيرة من زوال الرقّة، وحدوث المرض، والقسوة، والكسل، ونحوها .
(وما أكنّ به رأسُه) من العمامة ونحوها ، أو البيت وشبهه .
قال الجوهري : «الكِنّ: السُّترة. وكننتُ الشيء: سترته، وصُنْتُهُ من الشمس ، وأكنَنْتُهُ في نفسي: أسْرَرْته . وقال أبو زيد : كَنَنْتَهُ وأكننتهُ بمعنى ، في الكِنّ وفي النفس جميعا» . ۱
(وهم مع ذلك واللّه خائفون وجِلون) .
أفرد ضمير الموصول سابقا، وجمّعه هاهنا، من حيث اعتبار اللفظ والمعنى .
والوجل والخوف في أصل اللغة متقارب المعنى . قيل : ثمّ كثر إطلاق الوجل على اضطراب القلب التابع للخوف، وعلى الاستغاثة، وطلب الناصر الدافع له، فإن صحّ هذا فهو أثبت بالمقام ؛ لأنّ التأسيس خيرٌ من التأكيد . ۲
(ودّوا أنّه حظّهم من الدُّنيا) .
في القاموس: «الحظّ: النصيب، والجدّ، أو خاصّ بالنصيب من الخير والفضل» . ۳ والضمير المنصوب راجع إلى عرفان حقّهم ، وما عطف عليه، وتخصيصه ببعضها تحكّم .
(وكذلك وصفهم اللّه ) ؛ إشارة إلى قوله عليه السلام : «من عرف حقّنا» وما عطف عليه، وفيه إيماء إلى تفسير الإيتاء في الآية .
(حيث يقول) في سورة المؤمنين : «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا» .
قال في مجمع البيان :
أي يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقة . وقيل : أعمال البرّ كلّها .
«وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ»۴ أي خائفة . عن قتادة .

1.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۱۸۹ (كنن) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۸۴ .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۹۴ (حظظ) .

4.المؤمنون (۲۳) : ۶۰ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
300

والصلحاء من أهل الدِّين؛ لكون أطوارهم الحسنة خلاف ما نشأوا هؤلاء عليه ، وقوانينهم الشرعيّة والعقليّة خلاف قوانينهم الموضوعة بينهم . ۱
وقوله : (يزداد فيها) أي في الدُّنيا .
(كلّ يوم إحسانا) .
الإحسان: ضدّ الإساءة . والمراد هنا ما يعمّ الإحسان لنفسه من تحصيل ما يوجب ارتقاءه في مدارج الكمال من العلم والعمل، ولغيره من النصيحة، وتعليم ما فيه صلاحه ونجاته .
وقد روي: «أنّه من استوى يوماه، فهو مغبون» . ۲
وقوله : (يتدارك منيّته بالتوبة) .
المنيّة: الموت . ولعلّ المراد بتداركها تدارك أمرها، والتهيئة لنزولها .
وقيل : يحتمل أن يكون «منيّته» منصوبا بنزع الخافض؛ أي يتدارك ذنوبه لمنيّته . وقد روى المصنّف هذا الخبر في كتاب الإيمان والكفر ، وفيه: «يتدارك سيّئته بالتوبة» . ۳
وقيل : «المنيّة» إمّا بفتح الميم وكسر النون وشدّ الياء، وهي الموت، مِن مَناهُ اللّه عليك، إذا قدّره، وسمّي بها؛ لأنّه مقدّر بوقت مخصوص . أو بسكون النون وضمّ الميم، أو كسرها، ما أرادته نفسك، وتمنّته من الأباطيل . ۴
(وأنّى له بالتوبة) .
«أنّى» من كلمات الاستفهام بمعنى كيف أو أين. والباء زائدة، وضمير «له» راجع إلى رجل، ورجوعه إلى المخالفين المعهودين ـ كما قيل ۵ ـ بعيد جدّا ؛ يعني كيف تقبل توبته مع عدم شرائطها ، ومن أعظم الشرائط واُصولها لقبول التوبة وسائرِ الأعمال ولايةُ أهل البيت عليهم السلام . فقوله : (فواللّه أن لو سجد ...) إشارة إلى هذا .
وقوله : (ومن عرف حقّنا) مبتدأ، وخبره مقدّر بقرينة المقام، وهو ناج، أو نحوه . وكون

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۸۳ .

2.الأمالي للصدوق ، ص ۷۶۶ ، ح ۱۰۳۰ ؛ معاني الأخبار ، ص ۳۴۲ ، ح ۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۱ ، ص ۳۷۶ ، ح ۵ .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۰۶ .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۸۵ .

5.احتمله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۳۰۶ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181196
صفحه از 624
پرینت  ارسال به