303
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

(ولا تتصنّع) ؛ كأنّه تأكيد لسابقه . أو يُراد بالتصنّع التزيّن للناس، والتكلّف في اللباس . قال الفيروزآبادي : «التصنّع: تكلّف حسن السمت، والتزيّن» . ۱
(ولا تُداهن) .
المداهنة: إظهار خلاف ما يضمر، والغشّ . وقيل : المساهلة في الدِّين . ۲
وقوله : (نِعْمَ صَومعة المسلم بيتُه) ؛ ترغيب في الاعتزال عن الراغبين إلى الدُّنيا بذكر بعض منافعه من كفّ البصر وغيره، وكأنّ المراد بالصومعة المَعْبَد، وأصلها معبد النصارى .
وفرق الصَّمعاء الصغيرة اللطيفة المنضمّة إلى الرأس ، والصومعة، كجوهرة بيت النصارى، كالصَّومِع؛ لدقّة في رأسها .
وقوله : (إنّ من عرف نعمة اللّه بقلبه) أي عرف فضل النِّعمة، وأنّ المنعم بها هو اللّه ، وأذعَن بذلك .
(استوجب المزيد) ؛ لكونه شاكرا . وقد قال اللّه عزّ وجلّ : «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»۳ ، فيستحقّ بذلك مزيد النعمة والإحسان (من اللّه عزّ وجلّ) .
وقوله : (قيل أن يظهر شكرها على لسانه) ؛ إشارة إلى أنّ العمدة في الشكر معرفة النعمة بالقلب، ولا يتوقّف تحقّقه على إظهاره باللِّسان، بل هو مؤكّد له . ولعلّ تعدية الإظهار ب «على» لتضمين مثل معنى الجريان، أو الإجراء .
وقوله : (فقلت) من كلام حفص .
وقوله : (بالعافية) أي من المعاصي .
والعافية: دفاع اللّه عن العبد . يُقال : عافاه اللّه من المكروه معافاةً وعافيةً، إذا وهب له العافية من العلل والبلاء .
وقوله : (فلعلّه أن يكون قد غُفر له) إلى آخره .
قيل : أشار به إلى أنّ الفضل والقُرب واستحقاق الرحمة وحسن العاقبة والارتباط بينه تعالى وبين العبد أمرٌ معنويّ ليس له علم، ولا يعلمه إلّا هو، فلعلّه غفر له بالتوبة أو العفو ،

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۸۴ .

2.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۵۳ (صنع) .

3.إبراهيم (۱۴) : ۷ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
302

وقال الحسن : «المؤمن جمع إحسانا وشفقةً؛ أي خوفا ، والمنافق جمع إساءة وأمْنا» .
وقال أبو عبد اللّه : «معناه: خائفة أن لا تقبل منهم» .
وفي رواية اُخرى : «يؤتى ما أتى، وهو خائف راج» .
وقيل : إنّ في الكلام حذفا وإضمارا، وتأويله: [قلوبهم] وجلة أن لا يقبل منهم؛ لعلمهم بأنّهم إلى ربِّهم راجعون ؛ أي لأنّهم يوقنون بأنّهم يرجعون إلى اللّه تعالى، يخافون أن لا يقبل منهم، وإنّما يخافون ذلك ؛ لأنّهم لا يأمنون التفريط . ۱
وقوله : (بالطاعة) أي بطاعة اللّه ، أو بطاعة من أمر بطاعته.
وقس عليه قوله : (مع المحبّة والولاية) .
وقوله : (وليس واللّه ) إلى قوله : (من إصابة الدِّين) .
قال الجوهري : «أصابه؛ أي وجده، وأصابته مصيبة ، وأصاب في قوله» ۲ أي ليس خوفهم لشكّهم في حقّيّة دينهم .
وقوله : (أن لا تخرج من بيتك) ؛ حمل على الخروج لغير ما يلزم الخروج له ؛ فإنّ الخروج قد يكون واجبا، وقد يكون مندوبا ـ كالخروج لطلب العلم، وطلب المعاش، وأداء الجمعات والجماعات، وتشييع الجنائز، وعيادة المرضى، ونحوها ـ جمعا بين الأخبار ، وكأنّ في قوله عليه السلام : «إن قدرت» إيماءً إلى ذلك .
وقوله : (فإنّ عليك في خروجك ...) ؛ معناه أنّه يلزمك عند الخروج منه كفّ النفس عن هذه الاُمور؛ لتكامل أسبابها، بخلاف ما إذا كنت في بيتك؛ فإنّه غالبا لا يحصل أسبابها فيه، فلا يلزمك التكليف في تركها .
وقوله : (ولا تُرائي) ؛ من باب المفاعلة، وكونه من التفاعل بحذف إحدى التائين ـ كما قيل ۳ ـ بعيد؛ أي وعليك في الخروج أن لا تعمل عملاً رياءً .
وقيل : قد يأتي المرائي بمعنى المجادل . ۴

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۸۴ .

2.تفسير مجمع البيان ، ج ۷ ، ص ۱۹۶ .

3.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۶۵ (صوب) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 181151
صفحه از 624
پرینت  ارسال به