379
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

وقوله : (المُشرِق بالنور) ؛ صفة ثانية للوجه، أو صفة للصاحب . يُقال : أشرق وجهه؛ أي أضاء، وتلألأ حُسنا .
والمراد هنا النور الظاهر لكمال حُسنه، أو الأعمّ منه ومن نور العلم والحكمة .
(الطاهر القلب) ؛ صفة للصاحب .
وكذا قوله : (الشديد البأس) .
البأس: العذاب ، والشدّة في الحرب، والقوّة، والشجاعة .
(الحييّ المتكرّم) أي لا يتصدّى لشيء من المقابح حياءً، ولا يفوت شيئا من المكارم والمحاسن تكرّما وتنزّها .
قال الفيروزآبادي : «الحياء، بالمدّ: التّؤبة، والحِشمة. حَيى منه حَياءً، واستحيا منه، واستحياه، فهو حَييّ، كغنيّ، ذو حياء» . ۱
وقال : «التُؤبة: العار» . ۲
وقال : «تكرّم عنه وتكارم : تنزّه» . ۳
(فإنّه رحمةً للعالمين) .
قال بعض المفسّرين في تفسير قوله تعالى : «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»۴ :
إنّه رحمة للمؤمنين والكافرين ؛ أمّا الأوّل فلأنّ ما بُعِث به سبب لإسعادهم، وموجب لصلاح معاشهم ومعادهم . وأمّا الثاني فلأمنهم من الخسف والمسخ وعذاب الاستئصال . ۵
وقيل : كونه رحمةً للعالمين أنّه سبب لإيجاد العالم، أو أنّه سبب لنجاة الخلائق يوم القيامة . ۶
(وسيّد وُلد آدم) .
ذكره بعد سيّد المرسلين من باب التعميم بعد التخصيص . والولد، محرّكه، وبالضمّ والكسر والفتح: واحد وجمع، وقد يجمع على أولاد .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۲۴ .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۲۲ (حيأ) .

3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۳۵ (وأب) .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۷۰ (كرم) .

5.الأنبياء (۲۱) : ۱۰۷ .

6.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۱۱۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
378

أي تصدّى؛ وكونه من التعريض ؛ أي تجعلون أنفسكم في معرض عقوبتي. وعلى التقديرين عبارة عن جرأتهم على المعاصي، وعدم مبالاتهم من عقوبتها .
قيل : إنّما ردّد بين هذه الاُمور الثلاثة؛ لأنّ حالتهم المذكورة توجب أن يكون لهم واحد منها قطعا، ولكن في الواقع لما كان هو الأمر الثالث. ۱
قال : (فبي حلفتُ لأتركنّكم) أي لأجعلنّكم، أو أبقينّ آثار ما أفعل بكم من المثلات .
في القاموس: «الترك: الجَعْل. «وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْاخَرِيْنَ»۲ ، أي أبقينا» . ۳
(مثلاً) بالتحريك؛ أي حديثا يمثّل به .
(للغابرين) أي الذين يوجدون بعدكم إلى يوم القيامة .
والحاصل : أنّي أُهلِككم، وأجعل هلاككم مثلاً يمثّل به، يذكره ويعتبر به مَن بعدكم .
ويحتمل بعيدا تفسير الغابرين بالماضين ، والمِثل ـ بالكسر ـ بالشبه والنظير ؛ أي أجعلكم مثل من قبلكم من العصاة، وأفعل بكم ما فعلت بهم من العقوبات .
وقوله : (بسيّد المرسلين) أي رأسهم، ورئيسهم، وأشرفهم، وأكرمهم .
(وحبيبي) ؛ فعيل بمعنى الفاعل، أو المفعول .
وقوله : (والوجه الأقمر) ؛ يعني كالقمر في النور والضياء .
في القاموس: «القُمرة، بالضمّ: لون إلى الخُضرة، أو بياضٍ فيه كدرة . والقَمَر يكون في الليلة الثالثة . والقَمراء: ضوءه، وليلة فيها القمر. ووجهٌ أقمر : مشبّه به . والأقمر: الأبيض» . ۴
وقد روى المصنّف رحمه الله في باب تاريخ مولد النبيّ صلى الله عليه و آله ، بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : «كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا رُئي في الليلة الظَّلماء، رُئي له نورٌ كأنّه شِقّة قمرٍ» . ۵ الشِّقة، بالكسر: نصف الشيء إذا شُقّ .
وبما نقلناه من القاموس أنّ أقمر صفة بشرته، وأنّه من القَمَر، يظهر فساد ما قيل من أنّه اسم تفضيل من القُمرة . ۶

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۲ ، ص ۱۲۴ .

2.الصافّات (۳۷) : ۷۸ و ۱۰۸ و ۱۲۹ .

3.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۹۶ (ترك) .

4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۲۱ (قمر) .

5.الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۴۶ ، ح ۲۰ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۱۶ ، ص ۱۸۹ ، ح ۲۰ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 200746
صفحه از 624
پرینت  ارسال به